Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 97-97)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : حتـى إذا فُتـحت يأجوج ومأجوج ، اقترب الوعد الـحقّ ، وذلك وعد الله الذي وعد عبـاده أنه يبعثهم من قبورهم للـجزاء والثواب والعقاب ، وهو لا شكّ حق كما قال جلّ ثناؤه . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا الـحكم بن بشير ، قال : ثنا عمرو ، يعنـي ابن قـيس ، قال : ثنا حذيفة : لو أن رجلاً افْتَلَـى فُلُوًّا بعد خروج يأجوج ومأجوج لـم يركبه حتـى تقوم القـيامة . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَاقْتَرَبَ الوَعْد الـحَقُّ } قال : اقترب يوم القـيامة منهم . والواو فـي قوله : { وَاقْتَرَب الْوَعْدُ الـحَقُّ } مقحمة ، ومعنى الكلام : حتـى إذا فُتـحت يأجوج ومأجوج اقترب الوعد الـحقّ ، وذلك نظير قوله : { فَلَـمَّا أسْلَـما وَتَلَّهُ للـجَبِـينِ وَنادَيناهُ } معناه : ناديناه ، بغير واو ، كما قال امرؤ القـيس : @ فَلَـمَّا أجَزْنا ساحَة الـحَيّ وانْتَـحَى بِنا بَطْنُ خَبْتٍ ذي حِقافٍ عَقَنْقَلِ @@ يريد : فلـما أجزنا ساحة الـحيّ انتـحى بنا . وقوله : { فإذَا هِيَ شاخِصَةٌ أبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا } ففـي هي التـي فـي قوله فإذا هي وجهان : أحدهما أن تكون كناية عن الأبصار وتكون الأبصار الظاهرة بـيانا عنها ، كما قال الشاعر : @ لَعَمْرُو أبِـيها لا تَقُولُ ظَعِينَتـي ألا فَرَّ عَنِّـي مالكُ بن أبـي كَعْبِ @@ فكنى عن الظعينة فـي : « لعمرو أبـيها » ، ثم أظهرها ، فـيكون تأويـل الكلام حينئذٍ : فإذا الأبصار شاخصة أبصار الذين كفروا . والثانـي : أن تكون عماداً كما قال جلّ ثناؤه : { فإنَّها لا تَعْمَى الأبْصَارُ } وكقول الشاعر : @ فَهَلْ هُوَ مَرْفُوعٌ بِـما هَهُنا رأْسْ @@ وقوله : { يا وَيْـلَنا قَدْ كُنَّا فِـي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا } يقول تعالـى ذكره : فإذا أبصار الذين كفروا قد شخصت عند مـجيء الوعد الـحقّ بأهواله وقـيام الساعة بحقائقها ، وهم يقولون : يا ويـلنا قد كنا قبل هذا الوقت فـي الدنـيا فـي غفلة من هذا الذي نرى ونعاين ونزل بنا من عظيـم البلاء . وفـي الكلام متروك تُرِك ذكره استغناء بدلالة ما ذُكر علـيه عنه ، وذلك « يقولون » من قوله : { فإذَا هِيَ شاخصَةٌ أبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا } يقولون : يا ويـلنا . وقوله : { بَلْ كُنَّا ظالِـمِينَ } يقول مخبراً عن قـيـل الذين كفروا بـالله يومئذٍ : ما كنا نعمل لهذا الـيوم ما ينـجينا من شدائده ، بل كنا ظالـمين بـمعصيتنا ربنا وطاعتنا إبلـيس وجنده فـي عبـادة غير الله عزّ وجلّ .