Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 31-31)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : اجتنبوا أيها الناس عبادة الأوثان ، وقول الشرك ، مستقيمين لله علـى إخلاص التوحيد له ، وإفراد الطاعة والعبـادة له خالصاً دون الأوثان والأصنام ، غير مشركين به شيئاً من دونه فإنه من يُشرك بـالله شيئاً من دونه فمثله فـي بعده من الهدى وإصابة الـحقّ وهلاكه وذهابه عن ربه ، مَثل من خرّ من السماء فتـخطفه الطير فهلك ، أو هوت به الريح فـي مكان سحيق ، يعنـي من بعيد ، من قولهم : أبعده الله وأسحقه ، وفـيه لغتان : أسحقته الريح وسحقته ، ومنه قـيـل للنـخـلة الطويـلة : نـخـلة سحوق ومنه قول الشاعر : @ كانَتْ لَنا جارَةٌ فَأزْعَجَها قاذُورَةٌ تَسْحَقُ النَّوَى قُدُمَا @@ ويُروى : « تُسْحِقُ » . يقول : فهكذا مَثل الـمشرك بـالله فـي بُعده من ربه ومن إصابة الـحقّ ، كبُعد هذا الواقع من السماء إلـى الأرض ، أو كهلاك من اختطفته الطير منهم فـي الهواء . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قَتادة : { فَكأنَّـمَا خَرَّ منَ السَّماءِ } قال : هذا مَثل ضربه الله لـمن أشرك بـالله فـي بُعده من الهُدى وهلاكه { فَتَـخْطَفُهُ الطَّيْرُ أوْ تَهْوِى بِهِ الرّيحُ فِـي مَكانٍ سَحِيقٍ } . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، مثله . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قول الله : { فِـي مَكانٍ سَحِيقٍ } قال : بعيد . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد ، مثله . وقـيـل : { فَتَـخْطَفُهُ الطَّيْرُ } وقد قـيـل قبله : { فكأنَّـمَا خَرَّ منَ السَّماءِ } وخرّ فعل ماض ، وتـخطفه مستقبل ، فعطف بـالـمستقبل علـى الـماضي ، كما فعل ذلك فـي قوله : { إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ويَصُدُّونَ عَنْ سَبِـيـلِ اللَّهِ } وقد بـيَّنت ذلك هناك .