Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 47-47)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : ويستعجلونك يا مـحمد مشركو قومك بـما تَعِدهم من عذاب الله علـى شركهم به وتكذيبهم إياك فـيـما أتـيتهم به من عند الله فـي الدنـيا ، ولن يخـلف الله وعده الذي وعدك فـيهم من إحلال عذابه ونقمته بهم فـي عاجل الدنـيا . ففعل ذلك ، ووفـى لهم بـما وعدهم ، فقتلهم يوم بدر . واختلف أهل التأويـل فـي الـيوم الذي قال جلّ ثناؤه : { وَإنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كألْفِ سَنَةٍ مِـمَّا تَعُدُّونَ } أيّ يوم هو ؟ فقال بعضهم : هو من الأيام التـي خـلق الله فـيها السموات والأرض . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا إسرائيـل ، عن سِماك ، عن عكرِمة ، عن ابن عبـاس : { وَإنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كألْفِ سَنَةٍ مِـمَّا تَعُدُّونَ } قال : من الأيام التـي خـلق الله فـيها السموات والأرض . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { وَإنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ } … الآية ، قال : هي مثل قوله فـي « الـم تَنْزِيـلُ » سواء ، هو هو الآية . وقال آخرون : بل هو من أيام الآخرة . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عنبسة ، عن سماك ، عن عكرِمة ، عن ابن عبـاس ، قال : مقدار الـحساب يوم القـيامة ألف سنة . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا ابن عُلَـية ، قال : ثنا سعيد الـجريريّ ، عن أبـي نَضْرة عن سمير بن نهار ، قال : قال أبو هريرة : يدخـل فقراء الـمسلـمين الـجنة قبل الأغنـياء بـمقدار نصف يوم . قلت : وما نصف يوم ؟ قال : أو ما تقرأ القرآن ؟ قلت : بلـى . قال : { وَإنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كألْفِ سَنَةٍ مِـمَّا تَعُدُّونَ } . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنـي عبد الرحمن ، قال : ثنا أبو عوانة ، عن أبـي بشر ، عن مـجاهد : { وَإنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كألْفِ سَنَة } قال : من أيام الآخرة . حدثنا مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن سماك ، عن عكرمة ، أنه قال فـي هذه الآية : { وَإنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كألْفِ سَنَةٍ مِـمَّا تَعُدُّونَ } قال : هذه أيام الآخرة . وفـي قوله : { ثُمَّ يَعْرُجُ إلَـيْهِ فِـي يَوْمٍ كانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَة مِـمَّا تَعُدُّونَ } قال : يوم القـيامة وقرأ : { إنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيبـاً } وقد اختلف فـي وجه صرف الكلام من الـخبر عن استعجال الذين استعجلوا العذاب إلـى الـخبر عن طول الـيوم عند الله ، فقال بعضهم : إن القوم استعجلوا العذاب فـي الدنـيا ، فأنزل الله : { وَلَنْ يُخْـلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ } فـي أن ينزل ما وعدهم من العذاب فـي الدنـيا ، وإن يوماً عند ربك من عذابهم فـي الدنـيا والآخرة كألف سنة مـما تعدّون فـي الدنـيا . وقال آخرون : قـيـل ذلك كذلك إعلاماً من الله مستعجلـيه العذاب أنه لا يعجل ، ولكنه يُـمْهل إلـى أجل أجّله ، وأن البطيء عندهم قريب عنده ، فقال لهم : مقدار الـيوم عندي ألف سنة مـما تعدّونه أنتـم أيها القوم من أيامكم ، وهو عندكم بطيء وهو عندي قريب . وقال آخرون : معنى ذلك : وإن يوماً من الثقل وما يخاف كألف سنة . والقول الثانـي عندي أشبه بـالـحقّ فـي ذلك وذلك أن الله تعالـى ذكره أخبر عن استعجال الـمشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم بـالعذاب ، ثم أخبر عن مبلغ قدر الـيوم عنده ، ثم أتبع ذلك قوله : { وكأيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أمْلَـيْتُ لَهَا وَهِيَ ظالِـمَةٌ } فأخبر عن إملائه أهل القرية الظالـمة وتركه معاجلتهم بـالعذاب ، فبـين بذلك أنه عنى بقوله : { وَإنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كألْفِ سَنَةٍ مِـمَّا تَعُدُّونَ } نفـي العجلة عن نفسه ووصفها بـالأناة والانتظار . وإذ كان ذلك كذلك ، كان تأويـل الكلام : وإن يوما من الآيام التـي عند الله يوم القـيامة ، يوم واحد كألف سنة من عددكم ، ولـيس ذلك عنده ببعيد وهو عندكم بعيد فلذلك لا يعجل بعقوبة من أراد عقوبته حتـى يبلغ غاية مدّته .