Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 4-4)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : قُضي علـى الشيطان فمعنى : « كُتِبَ » ههنا قُضِي ، والهاء التـي فـي قوله « علـيه » من ذكر الشيطان . كما : حدثنا ابن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر عن قتادة : { كُتِبَ عَلَـيْهِ أنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ } قال : كُتب علـى الشيطان ، أنه من اتبع الشيطان من خـلق الله . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قول الله : { كُتِبَ عَلَـيْهِ أنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ } قال : الشيطان اتبعه . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد { أنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ } ، قال : اتبعه . وقوله : { فأنَّهُ يُضِلُّهُ } يقول : فإن الشيطان يضله ، يعنـي : يضلّ من تولاه . والهاء التـي فـي « يضله » عائدة علـى « من » التـي فـي قوله : { مَنْ تَوَلاَّهُ } وتأويـل الكلام : قُضِي علـى الشيطان أنه يضلّ أتبـاعه ولا يهديهم إلـى الـحقّ . وقوله : { ويَهْدِيهِ إلـى عَذَابِ السَّعِيرِ } يقول : ويَسُوقُ مَنْ اتَّبَعَهُ إلـى عذاب جهنـم الـموقدة وسياقه إياه إلـيه بدعائه إلـى طاعته ومعصيته الرحمن ، فذلك هدايته من تبعه إلـى عذاب جهنـم . وهذا احتـجاج من الله علـى الذي أخبر عنه من الناس أنه يجادل فـي الله بغير علـم ، اتبـاعاً منه للشيطان الـمريد وتنبـيه له علـى موضع خطأ قـيـله وإنكاره ما أنكر من قدرة ربه . قال : يا أيها الناس إن كنتـم فـي شكّ من قدرتنا علـى بعثكم من قبوركم بعد مـماتكم وبلائكُم استعظاماً منكم لذلك ، فإن فـي ابتدائنا خـلق أبـيكم آدم صلى الله عليه وسلم من تراب ثم إنشائناكم من نطفة آدم ثم تصريفناكم أحوالاً حالاً بعد حال ، من نطفة إلـى علقة ، ثم من علقة إلـى مُضغة ، لكم معتبراً ومتعظاً تعتبرون به ، فتعلـمون أن من قدر علـى ذلك فغير متعذّر علـيه إعادتكم بعد فنائكم كما كنتـم أحياء قبل الفناء . واختلف أهل التأويـل فـي تأويـل قوله : { مخـلَّقةٍ وغَيْرِ مُخَـلَّقَةٍ } فقال بعضهم : هي من صفة النطفة . قال : ومعنى ذلك : فإنا خـلقناكم من تراب ، ثم من نطفة مخـلقة وغير مخـلقة قالوا : فأما الـمخـلقة فما كان خـلقا سَوِيّا وأما غير مخـلقة فما دفعته الأرحام من النُّطَف وألقته قبل أن يكون خـلقاً . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن داود بن أبـي هند ، عن عامر ، عن علقمة ، عن عبد الله ، قال : إذا وقعت النطفة فـي الرحم ، بعث الله ملَكا فقال : يا ربّ مخـلقة أو غير مخـلقة ؟ فإن قال : غير مخـلَّقة ، مـجّتها الأرحام دماً ، وإن قال : مخـلقة ، قال : يا ربّ فما صفة هذه النطفة أذكر أم أنثى ؟ ما رزقها ما أجلها ؟ أشقـيّ أو سعيد ؟ قال : فـيقال له : انطلق إلـى أمّ الكتاب فـاستنسخ منه صفة هذه النطفة قال : فـينطلق الـملك فـينسخها فلا تزال معه حتـى يأتـي علـى آخر صفتها . وقال آخرون : معنى ذلك : تامة وغير تامة . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا سلـيـمان ، قال : ثنا أبو هلال ، عن قَتادة فـي قول الله : { مُخَـلَّقَةٍ وغَيرَ مُخَـلَّقَةٍ } قال : تامة وغير تامة . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر عن قَتادة : { مُخَـلَّقَةٍ وغيرِ مُخَـلَّقَةٍ } فذكر مثله . وقال آخرون : معنى ذلك الـمضغة مصورة إنساناً وغير مصوّرة ، فإذا صوّرت فهي مخَـلقة وإذا لـم تصوّر فهي غير مخَـلقة . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عنبسة ، عن مـحمد بن عبد الرحمن ، عن القاسم بن أبـي بَزّة ، عن مـجاهد فـي قوله : { مُخَـلَّقَةٍ } قال : السِّقط ، مخـلّقة { وغَير مُخَـلَّقَة } . حدثنـي مـحمد بن عمر ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد فـي قول الله : { مُخَـلَّقَةٍ وَغيرٍ مُخَـلَّقَةٍ } قال : السقط ، مخـلوق وغير مَخـلوق . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد ، بنـحوه . حدثنا ابن الـمثنى ، قال : ثنا عبد الأعلـى ، قال : ثنا داود ، عن عامر أنه قال فـي النطفة والـمضغة إذا نكست فـي الـخـلق الرابع كانت نَسَمة مخـلقة ، وإذا قذفتها قبل ذلك فهي غير مخـلقة . قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن حماد بن أبـي سلـمة ، عن داود بن أبـي هند ، عن أبـي العالـية : { مُخَـلَّقَةٍ وغَيرِ مُخَـلَّقَةٍ } قال : السقط . وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب قول من قال : الـمخـلقة الـمصورة خـلقا تامًّا ، وغير مخـلقة : السِّقط قبل تـمام خـلقه لأن الـمخـلقة وغير الـمخـلقة من نعت الـمضغة والنطفة بعد مصيرها مضغة ، لـم يبق لها حتـى تصير خـلقا سويًّا إلا التصوير وذلك هو الـمراد بقوله : { مُخَـلَّقَةٍ وغَيرِ مُخَـلَّقَةٍ } خـلقاً سويًّا ، وغير مخـلقة بأن تلقـيه الأم مضغة ولا تصوّر ولا ينفخ فيها الروح . وقوله : { لِنُبَـيِّنَ لَكُمْ } يقول تعالـى ذكره : جعلنا الـمضغة منها الـمخـلقة التامة ومنها السقط غير التامّ ، لنبـين لكم قدرتنا علـى ما نشاء ونعرّفكم ابتداءنا خـلقكم . وقوله : { وَنُقِرّ فـي الأرْحامِ ما نَشاءُ إلـى أجَلٍ مُسَمًّى } يقول تعالـى ذكره : من كنا كتبنا له بقاء وحياة إلـى أمد وغاية ، فـانا نقرّه فـي رحم أمه إلـى وقته الذي جعلنا له أن يـمكث فـي رحمها فلا تسقطه ولا يخرج منها حتـى يبلغ أجله ، فإذا بلغ وقت خروجه من رحمها أذنا له بـالـخروج منها ، فـيخرج . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { وَنُقِرُّ فِـي الأرْحامِ ما نَشاءُ إلـى أجَلٍ مُسَمًّى } قال : التـمام . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد ، مثله . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَنُقِرُّ فِـي الأرْحامِ ما نَشاءُ إلـى أجَلٍ مُسَمًّى } قال : الأجل الـمسمى : أقامته فـي الرحم حتـى يخرج . وقوله : { ثُمَّ نُـخْرِجُكُمْ طِفْلاً } يقول تعالـى ذكره : ثم نـخرجكم من أرحام أمهاتكم إذا بلغتـم الأجل الذي قدرته لـخروجكم منها طفلاً صغاراً ووحَّد « الطفل » ، وهو صفة للـجميع ، لأنه مصدر مثل عدل وزور . وقوله : { ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أشُدَّكُمْ } يقول : ثم لتبلغوا كمال عقولكم ونهاية قواكم بعمركم . وقد ذكرت اختلاف الـمختلفـين فـي الأشدّ ، والصواب من القول فـيه عندنا بشواهده فـيـما مضى بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع .