Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 55-55)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : ولا يزال الذين كفرا بـالله فـي شكّ . ثم اختلف أهل التأويـل فـي الهاء التـي فـي قوله : « منه » من ذكر ما هي ؟ فقال بعضهم : هي من ذكر قول النبـيّ صلى الله عليه وسلم : " تلك الغرانـيق العُلَـى ، وإن شفـاعتهن لترتـجى " ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا مـحمد ، قال : ثنا شعبة ، عن أبـي بشر ، عن سعيد بن جُبـير : { وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِـي مِرْيَةٍ مِنْهُ } من قوله : " تلك الغرانـيق العلـى ، وإن شفـاعتهن ترتـجى " حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِـي مِرْيَةٍ مِنْهُ } قال : مـما جاءك به إبلـيس لا يخرج من قلوبهم زادهم ضلالة . وقال آخرون : بل هي من ذكر سجود النبـيّ صلى الله عليه وسلم فـي النـجم . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن الـمثنى ، قال : ثنا عبد الصمد ، قال : ثنا شعبة ، قال : ثنا أبو بشر ، عن سعيد بن جُبـير : { وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِـي مِرْيَةٍ مِنْهُ } قال : فـي مِرْية من سجودك . وقال آخرون : بل هي من ذكر القرآن . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج : { وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِـي مِرْيَةٍ مِنْهُ } قال : من القرآن . وأولـى هذه الأقوال فـي ذلك بـالصواب ، قول من قال : هي كناية من ذكر القرآن الذي أحكم الله آياته وذلك أن ذلك من ذكر قوله : { وَلِـيَعْلَـمَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْـمَ أنَّهُ الْـحَقُّ مِنْ رَبِّكَ } أقرب منه من ذكر قوله : { فَـيَنُسَخُ اللَّهُ ما يُـلْقـي الشَّيْطانُ } والهاء من قوله « أنه » من ذكر القرآن ، فإلـحاق الهاء فـي قوله : { فِـي مِرْيَةٍ مِنْهُ } بـالهاء من قوله : { أنَّهُ الـحَقُّ مِنْ رَبِّكَ } أولـى من إلـحاقها ب « ما » التـي فـي قوله : { ما يُـلْقِـي الشَّيْطانُ } مع بُعد ما بـينهما . وقوله : { حتـى تَأْتـيَهُمُ السَّاعَةُ } يقول : لا يزال هؤلاء الكفـار فـي شك من أمر هذا القرآن إلـى أن تأتـيهم الساعة { بَغْتَةً } وهي ساعة حشر الناس لـموقـف الـحساب بغتة ، يقول : فجأة . { أوْ يَأْتـيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِـيـمٍ } واختلف أهل التأويل فـي هذا الـيوم أيّ يوم هو ؟ فقال بعضهم : هو يوم القـيامة . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا هشيـم ، قال : ثنا شيخ من أهل خراسان من الأزد يكنـي أبـا ساسان ، قال : سألت الضحاك ، عن قوله : { عَذَابُ يَوْمٍ عَقِـيـمٍ } قال : عذاب يوم لا لـيـلة بعده . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا أبوُ تـمَيـلة ، عن أبـي حمزة ، عن جابر ، عن عكرِمة . أن يوم القـيامة لا لـيـلة له . وقال آخرون : بل عنـي به يوم بدر . وقالوا : إنـما قـيـل له يوم عقـيـم ، أنهم لـم ينظروا إلـى اللـيـل ، فكان لهم عقـيـماً . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا ابن علـية ، عن لـيث ، عن مـجاهد ، قال : { عَذَابُ يَوْمٍ عَقِـيـمٍ } يوم بدر . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج : { أوْ يَأْتـيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِـيـمٍ } قال ابن جُرَيج : يوم لـيس فـيه لـيـلة ، لـم يناظروا إلـى اللـيـل . قال مـجاهد : عذاب يوم عظيـم . قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا أبو تُـمَيـلة ، عن أبـي حمزة ، عن جابر ، قال : قال مـجاهد : يوم بدر . حدثنـي أبو السائب ، قال : ثنا أبو إدريس ، قال : أخبرنا الأعمش ، عن رجل ، عن سعيد بن جُبـير ، فـي قوله : { عَذَابُ يَوْمٍ عَقِـيـمٍ } قال : يوم بدر . حدثنا ابن عبد الأعلـى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قَتادة ، قوله : عَذَابُ يَوْمٍ عَقِـيـمٍ قال : هو يوم بدر . ذكره عن أبـيّ بن كعب . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرّزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، فـي قوله : { عَذَابُ يَوْمٍ عَقِـيـمٍ } قال : هو يوم بدر . عن أبـيّ بن كعب . وهذا القول الثانـي أولـى بتأويـل الآية لأنه لا وجه لأن يقال : لا يزالون فـي مرية منه حتـى تأتـيهم الساعة بغتة ، أو تأتـيهم الساعة وذلك أن الساعة هي يوم القـيامة ، فإن كان الـيوم العقـيـم أيضا هو يوم القـيامة فإنـما معناه ما قلنا من تكرير ذكر الساعة مرّتـين بـاختلاف الألفـاظ ، وذلك ما لا معنى له . فإذ كان ذلك كذلك ، فأولـى التأويـلـين به أصحهما معنى وأشبههما بـالـمعروف فـي الـخطاب ، وهو ما ذكرناه من معناه . فتأويـل الكلام إذن : ولا يزال الذين كفروا فـي مرية منه ، حتـى تأتـيهم الساعة بغتة فـيصيروا إلـى العذاب الدائم ، أو يأتـيهم عذاب يوم عقـيـم له فلا ينظروا فـيه إلـى اللـيـل ولا يؤخروا فـيه إلـى الـمساء ، لكنهم يقتلون قبل الـمساء .