Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 1-3)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال أبو جعفر : يعنـي جلّ ثناؤه بقوله : { قَدْ أفلَـحَ الـمُؤْمِنُونَ } : قد أدرك الذين صدقوا الله ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم ، وأقرّوا بـما جاءهم به من عند الله ، وعملوا بـما دعاهم إلـيه مـما سمي فـي هذه الأيات ، الـخـلودَ فـي جنَّات ربهم وفـازوا بطَلِبتهم لديه . كما : حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرّزاق ، عن معمر ، عن قَتادة ، فـي قوله : { قَدْ أفْلَـحَ الـمُؤْمِنُونَ } قال : قال كعب : لـم يخـلق الله بـيده إلاَّ ثلاثة : خـلق آدم بـيده ، وكتب التوراة بـيده ، وغرس جنة عَدْن بـيده ، ثم قال لها : تكلـمي فقالت : قَدْ أفْلَـحَ الـمُؤْمِنُونَ لـما علـمت فـيها من الكرامة . حدثنا سهل بن موسى الرازيّ ، قال : ثنا يحيى بن الضريس ، عن عمرو بن أبـي قـيس ، عن عبد العزيز بن رفـيع ، عن مـجاهد ، قال : لـما غرس الله تبـارك وتعالـى الـجنة ، نظر إلـيها فقال : { قَدْ أفْلَـحَ الـمُؤْمِنُونَ } . قال : ثنا حفص بن عمر ، عن أبـي خـلدة ، عن أبـي العالـية ، قال : لـما خـلق الله الـجنة قال : { قَدْ أفْلَـحَ الـمُؤْمِنُونَ } فأنزل الله به قرآناً . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جبـير ، عن عطاء ، عن ميسرة ، قال : لـم يخـلق الله شيئاً بـيده غير أربعة أشياء : خـلق آدم بـيده ، وكتب الألواح بـيده ، والتوراة بـيده ، وغرس عدْنا بـيده ، ثم قال : { قَدْ أفْلَـحَ الـمُؤْمِنُونَ } . وقوله : { الَّذِينَ هُمْ فِـي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ } يقول تعالـى ذكره : الذين هم فـي صلاتهم إذا قاموا فـيها خاشعون وخشوعهم فـيها تذللهم لله فـيها بطاعته ، وقـيامهم فـيها بـما أمرهم بـالقـيام به فـيها . وقـيـل : إنها نزلت من أجل أن القوم كانوا يرفعون أبصارهم فـيها إلـى السماء قبل نزولها ، فنُهُوا بهذه الآية عن ذلك . ذكر الرواية بذلك : حدثنا ابن عبد الأعلـى ، قال : ثنا الـمعتـمر بن سلـيـمان ، قال : سمعت خالداً ، عن مـحمد بن سيرين ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلّـى نظر إلـى السماء ، فأنزلت هذه الآية : { الَّذِينَ هُمْ فِـي صَلاتِهِمْ خاشعُونَ } قال : فجعل بعد ذلك وجهه حيث يسجد . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا هارون بن الـمغيرة ، عن أبـي جعفر ، عن الـحجاج الصوّاف ، عن ابن سيرين ، قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون أبصارهم فـي الصلاة إلـى السماء حتـى نزلت : { قَدْ أفْلَـحَ الـمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِـي صَلاتِهِمْ خاشعُونَ } فقالوا بعد ذلك برؤوسهم هكذا . حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا ابن علـية ، قال : أخبرنا أيوب ، عن مـحمد ، قال : « نبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلـى رفع بصره إلـى السماء ، فنزلت آية إن لـم تكن { الَّذِينَ هُمْ فِـي صَلاتِهِمْ خاشعُونَ } فلا أدري أية آية هي قال : فطأطأ » . قال : وقال مـحمد : وكانوا يقولون : لا يجاوز بصْره مصّلاه ، فإن كان قد استعاد رالنظر فلـيغْمِض . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا هشيـم ، عن ابن عون ، عن مـحمد نـحوه . واختلف أهل التأويـل فـي الذي عنـي به فـي هذا الـموضع من الـخشوع ، فقال بعضهم : عنـي به سكون الأطراف فـي الصلاة . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن منصور ، عن مـجاهد : { الَّذِينَ هُمْ فِـي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ } قال : السكون فـيها . حدثنا ابن عبد الأعلـى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الزهريّ : { الَّذِينَ هُمْ فِـي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ } قال : سكون الـمرء فـي صلاته . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرّزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الزهريّ ، مثله . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرّزاق ، عن الثوريّ ، عن أبـي سفـيان الشيبـانـي ، عن رجل ، عن علـيّ ، قال : سئل عن قوله : { الَّذِينَ فِـي صَلاتِهِمْ خاشعُونَ } قال : لا تلتفت فـي صلاتك . حدثنا عبد الـجبـار بن يحيى الرملـيّ ، قال : قال ضَمْرة بن ربـيعة ، عن أبـي شَوْذب ، عن الـحسن ، فـي قوله : { الَّذِينَ هُمْ فِـي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ } قال : كان خشوعهم فـي قلوبهم ، فغضوا بذلك البصر وخفضوا به الـجَناح . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا معمر ، عن إبراهيـم ، فـي قوله : { خاشعُونَ } قال : الـخشوع فـي القلب ، وقال : ساكنون . قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنـي خالد بن عبد الله ، عن الـمسعوديّ ، عن أبـي سنان ، عن رجل من قومه ، عن علـيّ رضي الله عنه ، قال : الـخشوع فـي القلب ، وأن تُلِـين للـمرء الـمسلـم كَنَفك ، ولا تلتفت . قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جرَيج ، قال : قال عطاء بن أبـي ربـاح ، فـي قوله : { الَّذِينَ هُمْ فِـي صَلاتِهمْ خاشعُونَ } قال : التـخشع فـي الصلاة . وقال لـي غير عطاء : كان النبـيّ صلى الله عليه وسلم إذا قام فـي الصلاة نظر عن يـمينه ويساره ووُجاهه ، حتـى نزلت : { قَدْ أفْلَـحَ الـمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِـي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ } فما رُؤي بعد ذلك ينظر إلاَّ إلـى الأرض . وقال آخرون : عنـي به الـخوف فـي هذا الـموضع . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلـى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الـحسن : { الَّذِينَ هُمْ فِـي صَلاتِهِمْ خاشعُونَ } قال : خائفون . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرّزاق ، قال : أخبرنا معمر ، فـي قوله : { الَّذِينَ هُمْ فِـي صَلاتِهمْ خاشِعُونَ } قال الـحسن : خائفون . وقال قتادة : الـخشوع فـي القلب . حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { الَّذِينَ هُمْ فِـي صَلاتِهمْ حاشعُونَ } يقول : خائفون ساكنون . وقد بـيَّنا فـيـما مضى قبل من كتابنا أن الـخشوع التذلل والـخضوع بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع . وإذ كان ذلك كذلك ، ولـم يكن الله تعالـى ذكره دلّ علـى أن مراده من ذلك معنى دون معنى فـي عقل ولا خبر ، كان معلوما أن معنى مراده من ذلك العموم . وإذ كان ذلك كذلك ، فتأويـل الكلام ما وصفت مِنْ قَبْلُ من أنه : والذين هم فـي صلاتهم متذللِّون لله بإدامة ما ألزمهم من فرضه وعبـادته ، وإذا تذلل لله فـيها العبد رؤيت ذلة خضوعه فـي سكون أطرافه وشغله بفرضه وتركه ما أمر بتركه فـيها . وقوله : { وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ } يقول تعالـى ذكره : والذين هم عن البـاطل وما يكرهه الله من خـلقه معرضون . وبنـحو الذي قلنا فـي تأويـل ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ } يقول : البـاطل . حدثنا ابن عبد الأعلـى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الـحسن : { عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ } قال : عن الـمعاصي . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الـحسن ، مثله . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغو مُعْرِضُونَ } قال : النبـيّ صلى الله عليه وسلم ومن معه من صحابته ، مـمن آمن به واتبعه وصدقه ، كانوا عن اللغْوِ معرضين .