Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 36-37)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهذا خبر من الله جلّ ثناؤه عن قول الـملأ من ثمود أنهم قالوا : { هَيْهاتَ هَيْهاتَ } أي بعيد ما توعدون أيها القوم ، من أنكم بعد موتكم ومصيركم ترابـاً وعظاماً مخرجون أحياء من قبوركم ، يقولون : ذلك غير كائن . وبنـحو ما قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { هَيْهاتَ هَيْهاتَ } يقول : بعيد بعيد . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزّاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، فـي قوله : { هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِـمَا تُوعَدُونَ } قال : يعنـي البعث . والعرب تُدخـل اللام مع « هيهات » فـي الاسم الذي يصحبها ، وتنزعها منه ، تقول : هيات لك هيات ، وهيهاتَ ما تبتغي هيهات وإذا أسقطت اللام رفعت الاسم بـمعنى هيهات ، كأنه قال : بعيد ما ينبغي لك كما قال جرير : @ فهَيْهاتَ هَيْهاتَ العَقِـيقُ وَمَنْ بِهِ وَهَيْهاتَ خِـلٌّ بـالعَقِـيقِ نُوَاصِلُهْ @@ كأنه قال : العقـيق وأهله ، وإنـما دخـلت اللام مع هيهات فـي الاسم لأنهم قالوا : « هيهات » أداة غير مأخوذة من فعل ، فأدخـلوا معها فـي الاسم اللام ، كما أدخـلوها مع هلـمّ لك ، إذ لـم تكن مأخوذة من فعل ، فإذا قالوا أقبل ، لـم يقولوا لك ، لاحتـمال الفعل ضمير الاسم . واختلف أهل العربـية فـي كيفـية الوقـف علـى هيهات ، فكان الكسائي يختار الوقوف فـيها بـالهاء ، لأنها منصوبة وكان الفرّاء يختار الوقوف علـيها بـالتاء ، ويقول : من العرب من يخفض التاء ، فدلّ علـى أنها لـيست بهاء التأنـيث ، فصارت بـمنزلة دَرَاكِ ونَظَارِ وأما نصب التاء فـيهما ، فلأنهما أداتان ، فصارتا بـمنزلة خمسةَ عَشر . وكان الفراء يقول : إن قـيـل إن كل واحدة مستغنـية بنفسها يجوز الوقوف علـيها ، وإن نصبها كنصب قوله : تُـمِّتَ جلست وبـمنزلة قول الشاعر : @ ماوِيَّ يَارُبَّتَـما غارةٍ شَعْوَاءَ كاللَّذْعَةِ بـالـمِيسَمِ @@ قال : فنصب « هيهات » بـمنزلة هذه الهاء التـي فـي « ربت » ، لأنها دخـلت علـى حرف ، علـى « ربّ » وعلـى « ثم » ، وكانا أداتـين ، فلـم تغيرها عن أداتهما فنصبـا . واختلف القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته قرّاء الأمصار غير أبـي جعفر : { هَيْهاتَ هَيْهاتَ } بفتـح التاء فـيهما . وقرأ ذلك أبو جعفر : « هَيْهاتِ هَيْهَاتِ » بكسر التاء فـيهما . والفتـح فـيهما هو القراءة عندنا ، لإجماع الـحجة من القرّاء علـيه . وقوله : { إنْ هِيَ إلاَّ حَياتُنا الدُّنـيْا } يقول : ما حياة إلا حياتنا الدنـيا التـي نـحن فـيها { نُـموتُ ونَـحْيا } يقول : تـموت الأحياء منا فلا تـحيا ويحدث آخرون منا فـيولدون أحياء . { وَما نَـحْنُ بِـمَبْعُوثـينَ } : يقول : قالوا : وما نـحن بـمبعوثـين بعد الـمـمات . كما : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { إنْ هِيَ إلاَّ حَياتُنا الدُّنـيْا نَـمُوتُ وَنـحيْا وَما نَـحْنُ بِـمَبْعُوثِـينَ } قال : يقول لـيس آخره ولا بعث ، يكفرون بـالبعث ، يقولون : إنـما هي حياتنا هذه ثم نـموت ولا نـحيا ، يـموت هؤلاء ويحيا هؤلاء ، يقولون : إنا الناس كالزرع يحصد هذا وينبت هذا : يقولون : يـموت هؤلاء ويأتـي آخرون . وقرأ : { وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلـى رَجُلٍ يُنْبِّئُكُمْ إذَا مُزِّقْتـمْ كُلَّ مُـمَزَّقٍ إنَّكُمْ لَفِـي خَـلْقٍ جَدِيدٍ } وقرأ : { لا تَأْتِـينا السَّاعَةُ قُلْ بَلـى وَرَبّي لَتَأْتِـيَنَّكُمْ }