Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 53-53)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اختلفت القرّاء فـي قراءة قوله : { زُبُراً } فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والعراق : { زُبُراً } بـمعنى جمع الزَّبور . فتأويـل الكلام علـى قراءة هؤلاء : فتفرّق القوم الذين أمرهم الله من أمة الرسول عيسى بـالاجتـماع علـى الدين الواحد والـملة الواحدة ، دينهم الذي أمرهم الله بلزومه { زُبُراً } كُتُبـاً ، فدان كل فريق منهم بكتاب غير الكتاب الذين دان به الفريق الآخر ، كالـيهود الذين زعموا أنهم دانوا بحكم التوراة وكذّبوا بحكم الإنـجيـل والقرآن ، وكالنصارى الذين دانوا بـالإنـجيـل بزعمهم وكذّبوا بحكم الفرقان . ذكر من تأوّل ذلك كذلك : حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قَتادة { زُبُراً } قال : كُتُبـاً . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، مثله . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { بَـيْنَهُمْ زُبُراً } قال : كُتُب الله فرّقوها قطعاً . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد : { فَتَقَطَّعُوا أمْرَهُمْ بَـيْنَهُمْ زُبُراً } قال مـجاهد : كُتُبهم فرّقوها قطعاً . وقال آخرون من أهل هذه القراءة : إنـما معنى الكلام : فتفرّقوا دينهم بـينهم كُتُبـاً أحدثوها يحتـجّون فـيها لـمذاهبهم . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { فَتَقَطَّعُوا أمْرَهُمْ بَـيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حَزْبٍ بِـمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } قال : هذا ما اختلفوا فـيه من الأديان والكتب ، كلّ معجبون برأيهم ، لـيس أهل هواء إلاَّ وهم معجبون برأيهم وهواهم وصاحبهم الذي اخترق ذلك لهم . وقرأ ذلك عامة قرّاء الشام : « فَتَقَطَّعُوا أمْرَهُمْ بَـيْنَهُمْ زُبَراً » بضم الزاء وفتـح البـاء ، بـمعنى : فتفرّقوا أمرهم بـينهم قِطَعا كزُبَر الـحديد ، وذلك القِطَع منها ، واحدتها زُبْرة ، من قول الله : { آتُونِـي زُبَرَ الـحَدِيد } فصار بعضهم يهوداً وبعضهم نصارى . والقراءة التـي نـختار فـي ذلك : قراءة من قرأه بضم الزاء والبـاء ، لإجماع أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك علـى أنه مراد به الكتب ، فذلك يبـين عن صحة ما اخترنا فـي ذلك ، لأن الزُّبُر هي الكتب ، يقال منه : زَبَرْت الكتاب : إذ كتبته . فتأويـل الكلام : فتفرّق الذين أمرهم الله بلزوم دينه من الأمـم دينهم بـينهم كتبـاً ، كما بـيَّنا قبل . وقوله : { كُلُّ حَزْبٍ بِـمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } يقول : كل فريق من تلك الأمـم بـما اختاروه لأنفسهم من الدين والكتب فرحون ، معجبون به ، لا يرون أن الـحقّ سواه . كما : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { كُلُّ حَزْبٍ بِـمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } قطعة ، وهؤلاء هم أهل الكتاب . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد : { كُلُّ حِزْبٍ } قطعة ، أهل الكتاب .