Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 31-31)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : { وَقُلْ } يا مـحمد { للْـمُؤْمِناتِ } من أمتك { يَغْضُضْنَ مِنْ أبْصَارِهِنَّ } عما يكره الله النظر إلـيه مـما نهاكم عن النظر إلـيه { وَيحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ } يقول : ويحفظن فروجهنَّ علـى أن يراها من لا يحلّ له رؤيتها ، بلبس ما يسترها عن أبصارهم . وقوله : { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ } يقول تعالـى ذكره : ولا يُظْهرن للناس الذين لـيسوا لهنّ بـمـحرم زينتهنّ ، وهما زينتان : إحداهما : ما خفـي ، وذلك كالـخَـلْـخال والسِّوارين والقُرْطَين والقلائد . والأخرى : ما ظهر منها ، وذلك مختلف فـي الـمعنىّ منه بهذه الآية ، فكان بعضهم يقول : زينة الثـياب الظاهرة . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا هارون بن الـمغيرة ، عن الـحجاج ، عن أبـي إسحاق ، عن أبـي الأحوص ، عن ابن مسعود ، قال : الزينة زينتان : فـالظاهرة منها الثـياب ، وما خفـي : الـخـلـخالان والقُرطان والسِّواران . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنـي الثوريّ ، عن أبـي إسحاق الهمدانـيّ ، عن أبـي الأحوص ، عن عبد الله ، أنه قال : { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها } : قال : هي الثـياب . حدثنا ابن الـمثنى ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبـي إسحاق ، عن أبـي الأحوص ، عن عبد الله ، قال : { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها } قال : الثـياب . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن أبـي إسحاق ، عن أبـي الأحوص ، عن عبد الله ، مثله . قال : ثنا سفـيان ، عن الأعمش ، عن مالك بن الـحارث ، عن عبد الرحمن بن زيد ، عن عبد الله ، مثله . قال : ثنا سفـيان ، عن علقمة ، عن إبراهيـم ، فـي قوله : { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها } : قال : الثـياب . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا ابن علـية ، قال : أخبرنا بعض أصحابنا إما يونس ، وإما غيره عن الـحسن ، فـي قوله : إلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها قال : الثـياب . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن أبـي إسحاق ، عن أبـي الأحوص ، عن عبد الله : { إلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها } قال : الثـياب . قال أبو إسحاق : ألا ترى أنه قال : { خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلّ مَسْجِدٍ } ؟ . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، قال : ثنا مـحمد بن الفضل ، عن الأعمش ، عن مالك بن الـحارث ، عن عبد الرحمن بن زيد ، عن ابن مسعود : { إلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها } قال : هو الرداء . وقال آخرون : الظاهر من الزينة التـي أبـيح لها أن تبديه : الكحل ، والـخاتـم ، والسواران ، والوجه . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا مروان ، قال : ثنا مسلـم الـمَلائي ، عن سعيد بن جُبـير ، عن ابن عبـاس : { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها } قال : الكحل والـخاتـم . حدثنا عمرو بن عبد الـحميد الأمُلـيّ ، قال : ثنا مروان ، عن مسلـم الـمَلائيّ ، عن سعيد بن جُبـير ، مثله ، ولـم يذكر ابن عبـاس . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا هارون ، عن أبـي عبد الله نهشل ، عن الضحاك ، عن ابن عبـاس ، قال : الظاهر منها : الكحل والـخَدّان . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا سفـيان ، عن عبد الله بن مسلـم بن هُرْمز ، عن سعيد بن جُبـير ، فـي قوله : { وَلايُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها } قال : الوجه والكفّ . حدثنا عمرو بن عبد الـحميد ، قال : ثنا مروان بن معاوية ، عن عبد الله بن مسلـم بن هُرمز الـمكيّ ، عن سعيد بن جُبـير ، مثله . حدثنـي علـيّ بن سهل ، قال : ثنا الولـيد بن مسلـم ، قال : ثنا أبو عمرو ، عن عطاء فـي قول الله : { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها } قال : الكفّـان والوجه . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا ابن أبـي عديّ عن سعيد ، عن قَتادة قال : الكحل ، والسوران والـخاتـم . حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها } قال : والزينة الظاهرة : الوجه ، وكُحل العين ، وخِضاب الكفّ ، والـخاتـم فهذه تظهر فـي بـيتها لـمن دخـل من الناس علـيها . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة : { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها } قال : الـمسكتان والـخاتـم والكحل . قال قتادة : وبلغنـي أن النبـيّ صلى الله عليه وسلم قال : " لا يحِلُّ لاِمْرأةٍ تُوْمِنُ بـاللّهِ والـيَوْمِ الآخِرِ أنْ تُـخْرِجَ يَدَها إلاَّ إلـى هَا هُنا " وقبض نصف الذراع . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الزهريّ ، عن رجل ، عن الـمِسْورَ بن مخرمة ، فـي قوله : إلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها قال : القلبـين ، والـخاتـم ، والكحل : يعنـي السوار . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : قال ابن عبـاس ، قوله : { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها } قال : الـخاتـم والـمَسَكة . قال ابن جُرَيج ، وقالت عائشة : القُلْب والفَتْـخَة ، قالت عائشة : دخـلت علـيّ ابنة أخي لأمي عبد الله بن الطفـيـل مزينَّة ، فدخـل النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، فأعرض ، فقالت عائشة : يا رسول الله إنها ابنة أخي وجارية . فقال : " إذا عَرَكَت الـمرأة لـم يحلّ لها أن تظهر إلا وَجْهها ، وإلاّ ما دون هذا " ، وقبض علـى ذراع نفسه ، فترك بـين قبضته وبـين الكفّ مثل قبضة أخرى . وأشار به أبو علـي قال ابن جُرَيج ، وقال مـجاهد : قوله : إلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها قال : الكحل والـخضاب والـخاتـم . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن عاصم ، عن عامر : { إلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها } قال : الكحل ، والـخضاب ، والثـياب . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها } من الزينة : الكحل ، والـخضاب والـخاتـم هكذا كانوا يقولون وهذا يراه الناس . حدثنـي ابن عبد الرحيـم البرقـي ، قال : ثنا عمر بن أبـي سلـمة ، قال : سئل الأوزاعي عن : { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها } قال : الكفّـين والوجه . حدثنا عمرو بن بندق ، قال : ثنا مروان ، عن جُويبر ، عن الضحاك فـي قوله : { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ } قال : الكفّ والوجه . وقال آخرون : عَنَى به الوجه والثـياب . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلـى ، قال : ثنا الـمعتـمر ، قال : قال يونس : { وَلا يُبْدِينَ زِينِتَهُنَّ إلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها } قال الـحسن : الوجه والثـياب . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا ابن أبـي عديّ ، وعبد الأعلـى ، عن سعيد ، عن قَتادة ، عن الـحسن ، فـي قوله : { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها } قال : الوجه والثـياب . وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب : قول من قال : عُنِـي بذلك الوجهُ والكفـان ، يدخـل فـي ذلك إذا كان كذلك : الكحل ، والـخاتـم ، والسِّوار ، والـخِضاب . وإنـما قلنا ذلك أولـى الأقوال فـي ذلك بـالتأويـل ، لإجماع الـجميع علـى أن علـى كلّ مصلّ أن يستر عورته فـي صلاته ، وأن للـمرأة أن تكشف وجهها وكفـيها فـي صلاتها ، وأن علـيها أن تستر ما عدا ذلك من بدنها إلا ما رُوي عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم أنه أبـاح لها أن تبديَه من ذراعها إلـى قدر النصف . فإذ كان ذلك من جميعهم إجماعاً ، كان معلوماً بذلك أن لها أن تبدي من بدنها ما لـم يكن عورة كما ذلك للرجال لأن ما لـم يكن عورة فغير حرام إظهاره . وإذا كان لها إظهار ذلك ، كان معلوماً أنه مـما استثناه الله تعالـى ذكره بقوله : { إلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها } ، لأن كل ذلك ظاهر منها . وقوله : { وَلْـيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ علـى جُيُوبِهِنَّ } يقول تعالـى ذكره : ولـيـلقـين خُمُرَهنّ ، وهي جمع خمار ، علـى جيوبهنّ ، لـيسترن بذلك شعورهنّ وأعناقهن وقُرْطَهُنَّ . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا زيد بن حبـاب ، عن إبراهيـم بن نافع ، قال : ثنا الـحسن بن مسلـم بن يناق ، عن صفـية بنت شيبة ، عن عائشة ، قالت : لـما نزلت هذه الآية : { وَلْـيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ علـى جُيوبِهِنَّ } قال : شققن البُرْدَ مـما يـلـي الـحواشي ، فـاختـمرن به . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، أن قرة بن عبد الرحمن ، أخبره ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة زوج النبـيّ صلى الله عليه وسلم أنها قالت : يرحم الله النساء الـمهاجرات الأول لـما أنزل الله : { وَلْـيَضْرِبْنَ بِخُمُرُهِنَّ علـى جُيُوبِهِنَّ } شققن أكثف مروطهنَّ ، فـاختـمرن به . وقوله : { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ } يقول تعالـى ذكره : { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ } التـي هي غير ظاهرة بل الـخفـية منها ، وذلك الـخَـلـخال والقُرط والدُّمْلُـج ، وما أُمرت بتغطيته بخمارها من فوق الـجيب ، وما وراء ما أبـيح لها كشفه وإبرازه فـي الصلاة وللأجنبـيـين من الناس ، والذراعين إلـى فوق ذلك ، إلاّ لبعولتهنّ . وبنـحو الذي قلنا فـي تأويـل ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن منصور ، عن طلـحة بن مُصَرِّف ، عن إبراهيـم : { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أوْ آبـائِهِنَّ } قال : هذه ما فوق الذراع . حدثنا ابن الـمثنى ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن منصور ، قال : سمعت رجلاً يحدِّث عن طلـحة ، عن إبراهيـم ، قال فـي هذه الآية : { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أوْ آبـائِهِنَّ أو آبـاء بُعُولَتِهِنَّ } قال : ما فوق الـجيب . قال شعبة : كتب به منصور إلـيّ ، وقرأته علـيه . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا ابن علـية ، عن سعيد بن أبـي عروبة ، عن قَتادة ، فـي قوله : { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ } قال : تبدي لهؤلاء الرأس . حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قال : { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ } … إلـى قوله : { عَوْرَاتِ النِّساءِ } قال : الزينة التـي يبدينها لهؤلاء : قرطاها وقلادتها وسِوارها ، فأما خـلـخالاها ومِعْضدَاها ونـحرها وشعرها فإنه لا تبديه إلا لزوجها . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، قال : قال ابن جُرَيج ، قال ابن مسعود ، فـي قوله : { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ } قال : الطوق والقُرْطين ، يقول الله تعالـى ذكره : قل للـمؤمنات الـحرائر لا يظهرن هذه الزينة الـخفـية التـي لـيست بـالظاهرة إلا لبعولتهنّ ، وهم أزواجهن ، واحدهم : بعل ، أو لآبـائهنّ ، أو لأباء بعولتهن يقول أو لآباء ازواجهن أو لابنائهن لابناء بعولتهن ، أو لإخوانهن ، أو لبنـي إخوانهن . ويعنـي بقوله : { أوْ لإخْوَانِهِنَّ } أو لإخْوَاتِهِنّ ، أو لبنـي إخوانهن ، أو بنـي أخواتهن ، أو نسائهن . قـيـل : عُنـي بذلك نساء الـمسلـمين . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قوله : { أوْ نِسائِهِنَّ } قال : بلغنـي أنهنّ نساء الـمسلـمين ، لا يحلّ لـمسلـمة أن ترى مشركة عُرْيتها إلا أن تكون أمة لها ، فذلك قوله : { أوْ ما مَلَكَتْ أيـمانُهُنَّ } . قال : ثنـي الـحسين ، قال : ثنـي عيسى بن يونس ، عن هشام بن الغازي ، عن عبـادة بن نسيّ ، أنه كره أن تقبل النصرانـية الـمسلـمة ، أو ترى عَوْرتها ، ويتأوّل : أو نسائهنّ . قال : ثنا عيسى بن يونس ، عن هشام ، عن عبـادة ، قال : كتب عمر بن الـخطاب إلـى أبـي عُبـيدة بن الـجرّاح رحمة الله علـيهما : أما بعد ، فقد بلغنـي أن نساء يدخـلن الـحمامات ومعهنّ نساء أهل الكتاب ، فـامنع ذلك وْحُلْ دونه قال : ثم إن أبـا عُبـيدة قام فـي ذلك الـمقام مبتهلاً : اللهمّ أيـما امرأة تدخـل الـحمام من غير علة ولا سقم تريد البـياض لوجهها ، فسوّد وجهها يوم تبـيضّ الوجوه . وقوله : { أوْ ما مَلَكَتْ أيـمانُهُنَّ } اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك ، فقال بعضهم : أو مـمالـيكهنّ ، فإنه لا بأس علـيها أن تظهر لهم من زينتها ما تظهره لهؤلاء . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : أخبرنـي عمرو بن دينار ، عن مخـلد التـميـميّ ، أنه قال ، فـي قوله : { أوْ ما مَلَكَتْ أيـمْانُهُنَّ } قال : فـي القراءة الأولـى : « أيـمانكم » . وقال آخرون : بل معنى ذلك : أو ما ملكت أيـمانهنّ من إماء الـمشركين ، كما قد ذكرنا عن ابن جُرَيج قبل من أنه لـما قال : { أوْ نِسائهنَّ } عَنَى بهنّ النساء الـمسلـمات دون الـمشركات ، ثم قال : أو ما ملكت أيـمانهنّ من الإماء الـمشركات . يقول تعالـى ذكره : والذين يَتْبَعونكم لطعام يأكلونه عندكم ، مـمن لا أرب له فـي النساء من الرجال ، ولا حاجة إلـيهنّ ، ولا يريدهنّ . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { أوِ التَّابِعِينَ غيرِ أُولـى الإرْبَةِ مِنَ الرّجالِ } قال : كان الرجل يتبع الرجل فـي الزمان الأوّل لا يغار علـيه ولا ترهب الـمرأة أن تضع خمارها عنده ، وهو الأحمق الذي لا حاجة له فـي النساء . حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { أَوِ التَّابِعِينَ غيرِ أُولـى الإرْبَةِ مِنَ الرّجالِ } فهذا الرجل يتبع القوم ، وهو مُغَفَّل فـي عقله ، لا يكترث للنساء ولا يشتهيهنّ ، فـالزينة التـي تبديها لهؤلاء : قرطاها وقلادتها وسِواراها وأما خَـلْـخالاها ومِعْضداها ونـحرها وشعرها ، فإنها لا تبديه إلا لزوجها . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، فـي قوله : { أوِ التَّابِعِينَ } قال : هو التابع يتبعك يصيب من طعامك . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا إسماعيـل بن عُلَـيَّة ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { أوِ التَّابِعِينَ غيرِ أُولـى الإرْبَةِ مِنَ الرّجالِ } قال : الذي يريد الطعام ولا يريد النساء . قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { أوِ التَّابِعِينَ غيرِ أُولـى الإرْبَةِ مِنَ الرّجالِ } الذين لا يهمهم إلا بطونهم ، ولا يُخافون علـى النساء . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنا إسماعيـل بن موسى السُّديّ ، قال : ثنا شريك ، عن منصور ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { غيرِ أُولـى الإِرْبَةِ } قال : الأَبْلَه . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن إدريس ، قال : سمعت لـيثا ، عن مـجاهد ، قوله : { غيرِ أُولـي الإِرْبَةِ } قال : هو الأبلَه ، الذي لا يعرف شيئا من النساء . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا ابن عُلَـية ، قال : ثنا ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { غيرِ أُولـى الإرْبَةِ مِنَ الرّجالِ } الذي لا أرب له بـالنساء مثل فلان . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن عطية ، قال : ثنا إسرائيـل ، عن أبـي إسحاق عمن حدثه ، عن ابن عبـاس : { غير أُولـى الإرْبَةِ } قال : هو الذي لا تستـحي منه النساء . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن مُغَيرة ، عن الشعبـيّ : { غيرِ أُولـى الإرْبَةِ } قال : من تَبَع الرجل وحشمه الذي لـم يبلغ أَرَبه أن يطلع علـى عَورة النساء . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا يحيى بن سعيد ، عن شعبة ، عن الـمغيرة ، عن الشعبـيّ : { غيرِ أُولـى الإرْبَةِ } قال : الذي لا أرب له فـي النساء . قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا حماد بن سَلَـمة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جُبـير ، قال : الـمعتوه . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهريّ فـي قوله : { أوِ التَّابِعِينَ غَيرِ أُولـى الإرْبَةِ مِنَ الرّجالِ } قال : هو الأحمق ، الذي لا همّة له بـالنساء ولا أرب . وبه عن معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، فـي قوله : { غيرِ أُولـى الإرْبَةِ مِنَ الرّجالِ } يقول : الأحمق ، الذي لـيست له همة فـي النساء . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : قال ابن عبـاس : الذي لا حاجة له فـي النساء . حدثنـي يونس ، اقل : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { أوَ التَّابِعِينَ غيرِ أُولـى الإرْبَةِ مِنَ الرجالِ } قال : هو الذي يَتْبَع القوم ، حتـى كأنه كان منهم ونشأ فـيهم ، ولـيس يتبعهم لإربة نسائهم ، ولـيس له فـي نسائهم إِربة ، وإنـما يتبعهم لإرفـاقهم إياه . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الزهريّ ، عن عروة ، عن عائشة قالت : كان رجل يدخـل علـى أزواج النبـيّ صلى الله عليه وسلم مُخَنَّث ، فكانوا يعدّونه من غير أولـي الإِربة ، فدخـل علـيه النبـيّ صلى الله عليه وسلم يوماً وهو عند بعض نسائه وهو ينعت امرأة ، فقال : إنها إذا أقبلت أقبلت بأربع ، وإذا أدبرت أدبرت بثمان . فقال النبـيّ صلى الله عليه وسلم : " لا أرَى هَذَا يَعْلَـمُ ما هَا هُنا ، لا يَدْخُلَنَّ هَذَا عَلَـيْكُمْ فحَجَبُوه " حدثنـي سعد بن عبد الله بن عبد الـحكَم الـمِصريّ ، قال : ثنا حفص بن عمر العَدَنـيّ ، قال : ثنا الـحكم ابن أبـان ، عن عكرمة فـي قوله : { أوِ التَّابِعِينَ غيرِ أُولـى الإرْبَةِ } قال : هو الـمُخَنَّث الذي لا يقوم زُبّه . واختلف القرّاء فـي قوله : { غير أُولـي الإرْبَةِ } فقرأ ذلك بعض أهل الشام وبعض أهل الـمدينة والكوفة : « غيرَ أُولـى الإرْبَةِ » بنصب « غير » ولنصب « غير » ها هنا وجهان : أحدهما علـى القطع من « التابعين » ، لأن « التابعين » معرفة وغير نكرة ، والآخر علـى الاستثناء ، وتوجيه « غير » إلـى معنى « إلا » ، فكأنه قـيـل : إلاَّ . وقرأ غير من ذكرت بخفض غَيرِ علـى أنها نعت للتابعين ، وجاز نعت « التابعين » ب « غير » و « التابعون » معرفة وغيرُ نكرة ، لأن « التابعين » معرفة غير مؤقتة . فتأويـل الكلام علـى هذه القراءة : أو الذين هذه صفتهم . والقول فـي ذلك عندي أنهما قراءتان متقاربتا الـمعنى مستفـيضةٌ القراءة بهما فـي الأمصار ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب ، غير أن الـخفض فـي « غير » أقوى فـي العربـية ، فـالقراءة به أعجب إلـيّ . والإربة : الفِعْلة من الأَرَب ، الـمثل الـجِلسة من الـجُلوس ، والـمِشية من الـمَشْي ، وهي الـحاجة يقال : لا أرب لـي فـيك : لا حاجة لـي فـيك وكذا أَرِبْتُ لكذا وكذا : إذا احتـجت إلـيه ، فأنا آرب له أَرَبـا . فأما الأُرْبة ، بضم الألف : فـالعُقْدة . وقوله : { أوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَـمْ يَظْهَرُوا علـى عَوْرَاتِ النِّساءِ } يقول تعالـى ذكره : أو الطفل الذين لـم يكشفوا عن عورات النساء بجماعهنّ فـيظهروا علـيهن لصغرهنّ . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { علـى عَوْرَاتِ النِّساءِ } قال : لـم يَدْروا ما ثَمَّ ، من الصِّغَر قبل الـحُلُـم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد ، مثله . وقوله : { ولا يَضْرِبْنَ بأرْجُلِهِنَّ لِـيُعْلَـمَ ما يُخْفِـينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ } يقول تعالـى ذكره : ولا يجعلن فـي أرجلهنّ من الـحُلِـيّ ما إذا مَشَيْن أو حرّكنهنّ علـم الناس الذين مشين بـينهم ما يخفـين من ذلك . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلـى ، قال : ثنا الـمعتـمر ، عن أبـيه ، قال : زعم حَضْرِميّ أن امرأة اتـخذت بُرَتَـيْن من فضة ، واتـخذت جَزْعا ، فمرّت علـى قوم ، فضربت برجلها ، فوقع الـخـلـخال علـى الـجَزْع ، فصوّت فأنزل الله : { وَلا يَضْرِبْنَ بأرْجُلِهِنَّ لِـيُعْلَـمَ ما يُخْفِـينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ } . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن السديّ ، عن أبـي مالك : { وَلا يَضْرِبْنَ بأرْجُلِهِنَّ لِـيُعْلَـمَ ما يُخْفِـينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ } قال : كان فـي أرجلهم خَرَز ، فكنّ إذا مررن بـالـمـجالس حرّكن أرجلهنّ لـيعلـم ما يُخْفـين من زينتهنّ . حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس : { وَلا يَضْرِبنَ بأرْجُلِهِنَّ } فهو أن تَقَرَع الـخَـلْـخال بـالآخر عند الرجال ، ويكون فـي رجلـيها خلاخـل فتـحرّكهنّ عند الرجال ، فنهى الله سبحانه وتعالـى عن ذلك لأنه من عمل الشيطان . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : { وَلا يَضْرِبْنَ بأرْجُلِهِنَّ لِـيُعْلَـمَ ما يُخْفِـينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ } قال : هو الـخَـلْـخال ، لا تضرب امرأة برجلها لـيسمع صوت خَـلْـخالها . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَلا يَضْرِبْنَ بأرْجُلِهِنَّ لِـيُعْلَـمَ ما يُخْفِـينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ } قال : الأجراس من حُلِـيهِّنّ يجعلنها فـي أرجلهنّ فـي مكان الـخلاخـل ، فنهاهنّ الله أن يضربن بأرجلهنّ لتسمع تلك الأجراس . وقوله : { وَتُوبُوا إلـى الله جَمِيعاً أيُّها الـمُؤْمِنُونَ } يقول تعالـى ذكره : وارجعوا أيها الـمؤمنون إلـى طاعة الله فـيـما أمركم ونهاكم ، من غَضّ البَصر وحفظ الفرج وتَرْك دخول بـيوت غير بـيوتكم من غير استئذان ولا تسلـيـم ، وغير ذلك من أمره ونهيه . { لَعَّلَكُمْ تُفْلِـحُونَ } يقول : لتفلـحوا وتدركوا طَلِبـاتكم لديه ، إذا أنتـم أطعتـموه فـيـما أمركم ونهاكم .