Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 41-42)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : ألـم تنظر يا مـحمد بعين قلبك فتعلـم أن الله يصلـي له من فـي السموات والأرض من مَلَك وإنس وجنّ . { والطَّيْرُ صَافَّـاتٍ } فـي الهواء أيضا تسبح له . { كُلٌّ قَدْ عَلِـمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِـيحَه } والتسبـيح عندك صلاة ، فـيقال : قـيـل : إن الصلاة لبنـي آدم والتسبـيح لغيرهم من الـخـلق ، ولذلك فصّل فـيـما بـين ذلك . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنـي عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { يُسَّبِّحُ لَهُ مَنْ فِـي السَّمَوَاتِ والأرْضِ والطَّيْرُ صَافَّـات كُلّ قَدْ عَلِـمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِـيحَهُ } قال : والصلاة للإنسان ، والتسبـيح لـما سوى ذلك من الـخـلق . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد : قوله : { أَلَـمْ تَرَ أنَّ اللّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِـي السَّمَوَاتِ والأرْضِ والطَّيْرُ صَافَّـاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِـمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِـيحَهُ } قال : صلاته : للناس ، وتسبـيحه : عامة لكلّ شيء . ويتوجه قوله : { كُلٌّ قَدْ عَلِـمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِـيحَهُ } لوجوه : أحدها : أن تكون الهاء التـي فـي قوله : { صَلاتَهُ وَتَسْبِـيحَهُ } من ذكر « كلّ » ، فـيكون تأويـل الكلام : كل مصلّ ومسبح منهم قد علـم الله صلاته وتسبـيحه ، ويكون « الكلّ » حينئذٍ مرتفعاً بـالعائد من ذكره فـي قوله : { كُلٌّ قَدْ عَلِـمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِـيحَهُ } ، وهو الهاء التـي فـي الصلاة . والوجه الآخر : أن تكون الهاء فـي الصلاة والتسبـيح أيضاً ل « الكلّ » ، ويكون « الكلّ » مرتفعاً بـالعائد من ذكره علـيه فـي : { عَلِـمَ } ، ويكون : { عَلِـمَ } فعلاً ل « الكلّ » ، فـيكون تأويـل الكلام حينئذٍ : قد علـم كلّ مصلّ ومسبح منهم صلاة نفسه وتسبـيحه الذي كُلِّفه وأُلْزمه . والوجه الآخر : أن تكون الهاء فـي الصلاة والتسبـيح من ذكر الله ، والعلـم ل « الكل » ، فـيكون تأويـل الكلام حينئذٍ : قد علـم كلّ مسبِّح ومُصَلّ صلاة الله التـي كلّفه إياها ، وتسبـيحه . وأظهر هذه الـمعانـي الثلاثة علـى هذا الكلام الـمعنى الأوّل ، وهو أن يكون الـمعنى : كلّ مصلّ منهم ومسبِّح ، قد علـم الله صلاته وتسبـيحه . وقوله : { وَاللّهُ عَلِـيـمٌ بِـما يَفْعَلُونَ } يقول تعالـى ذكره : والله ذو علـم بـما يفعل كلّ مصلّ ومسبح منهم ، لا يخفـى علـيه شيء من أفعالهم ، طاعتها ومعصيتها ، مـحيط بذلك كله ، وهو مـجازيهم علـى ذلك كله . وقوله : { وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } يقول جلّ ثناؤه : ولله سلطان السموات والأرض وملكها ، دون كلّ من هو دونه من سلطان وملِك ، فإياه فـارهبوا أيها الناس ، وإلـيه فـارغبوا لا إلـى غيره ، فإن بـيده خزائن السموات والأرض ، لا يخشى بعطاياكم منها فقراً . { وَإلـى اللّهِ الـمَصِيرُ } : يقول : وأنتـم إلـيه بعد وفـاتكم ، مصيركم ومَعادكم ، فـيوفـيكم أجور أعمالكم التـي عملتـموها فـي الدنـيا ، فأحسنوا عبـادته ، واجتهدوا فـي طاعته ، وقدّموا لأنفسكم الصالـحاتِ من الأعمال .