Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 62-62)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : ما الـمؤمنون حقّ الإيـمان ، إلا الذين صدّقوا الله ورسوله . { وَإذَا كانُوا مَعَهُ } يقول : وإذا كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، { عَلـى أمِرٍ جامِعٍ } يقول : علـى أمر يجمع جميعهم من حرب حضرت ، أو صلاة اجتـمع لها ، أو تشاور فـي أمر نزل { لَـمْ يَذْهَبُوا } يقول : لـم ينصرفوا عما اجتـمعوا له من الأمر ، حَتَّـى يَسْتَأْذِنُوا رسول الله صلى الله عليه وسلم . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { إنَّـمَا الـمُؤْمِنُونَ الَّذِين آمَنُوا بـاللّهِ وَرَسُولِهِ وَإذَا كانُوا مَعَهُ عَلـى أمْرٍ جامِعٍ لَـمْ يَذْهَبُوا حتـى يَسْتأْذِنُوهُ } يقول : إذا كان أمر طاعة لله . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : قال ابن عبـاس ، قوله : { وَإذَا كانُوا مَعَهُ عَلـى أمْرٍ جامِعٍ } قال : أمر من طاعة الله عامّ . حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا مـحمد بن بكر ، قال : أخبرنا ابن جُرَيج ، قال : سأل مكحولاً الشاميَّ إنسانٌ وأنا أسمع ، ومكحول جالس مع عطاء ، عن قول الله فـي هذه الآية : { وَإذا كانُوا مَعَهُ عَلـى أمْرٍ جامِعٍ لَـمْ يَذْهَبُوا حتَّـى يَسْتأذِنُوهُ } فقال مكحول : فـي يوم الـجمعة ، وفـي زَحْف ، وفـي كلّ أمر جامع ، قد أمر أن لا يذهب أحد فـي يوم جمعة حتـى يستأذن الإمام ، وكذلك فـي كل جامع ، ألا ترى أنه يقول : { وَإذَا كانُوا مَعَهُ عَلـى أمْرٍ جامِعٍ } . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنـي ابن عُلَـية ، قال : أخبرنا هشام بن حسان ، عن الـحسن ، قال : كان الرجل إذا كانت له حاجة والإمام يخطب ، قام فأمسك بأنفه ، فأشار إلـيه الإمام أن يخرُج . قال : فكان رجل قد أراد الرجوع إلـى أهله ، فقام إلـى هَرِم بن حِيان وهو يخطب ، فأخذ بأنفه ، فأشار إلـيه هرم أن يذهب . فخرج إلـى أهله فأقام فـيهم ، ثم قدم قال له هرم : أين كنت ؟ قال : فـي أهلـي ؟ قال : أبإذن ذهبت ؟ قال : نعم ، قمت إلـيك وأنت تـخطب ، فأخذت بأنفـي ، فأشرت إلـيّ أن اذْهَب فذهبت . فقال : أفـاتـخذت هذا دَغَلاً ؟ أو كلـمة نـحوها . ثم قال : اللهمّ أخِّر رجال السوء إلـى زمان السوء . حدثنـي الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الزهريّ ، فـي قوله : { وَإذَا كانُوا مَعَهُ عَلـى أمْرٍ جامِعٍ } قال : هو الـجمعة إذا كانوا معه ، لـم يذهبوا حتـى يستأذنوه . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { إنَّـمَا الـمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بـاللّهِ وَرَسُولِهِ وَإذَا كانُوا مَعَهُ عَلـى أمْرٍ جامِعٍ لَـمْ يَذْهَبُوا حتـى يَسْتَأذنُوهُ } قال : الأمر الـجامع حين يكونون معه فـي جماعة الـحرب أو جمعة . قال : والـجمعة من الأمر الـجامع ، لا ينبغي لأحد أن يخرج إذا قعد الإمام علـى الـمنبر يوم الـجمعة إلا بإذن سلطان إذا كان حيث يراه أو يقدر علـيه ، ولا يخرج إلا بإذن . وإذا كان حيث لا يراه ولا يقدر علـيه ولا يصل إلـيه ، فـالله أولـى بـالعذر . وقوله : { إنَّ الَّذِينَ يَسْتأذنُوكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بـاللّهِ وَرَسُولِهِ } يقول تعالـى ذكره : إن الذين لا ينصرفون يا مـحمد إذا كانوا معك فـي أمر جامع ، عنك إلا بإذنك لهم ، طاعة منهم لله ولك وتصديقاً بـما أتـيتهم به من عندي أولئك الذين يصدقون الله ورسوله حقًّا ، لا من خالف أمر الله وأمر رسوله فـينصرف عنك بغير إذن منك له بعد تقدّمك إلـيه أن لا ينصرف عنك إلاّ بإذنك . وقوله : { فإذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبْعَضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِـمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ } يقول تعالـى ذكره : فإذا استأذنك يا مـحمد الذين لا يذهبون عنك إلا بإذنك فـي هذه الـمواطن لبعض شأنهم يعنـي لبعض حاجاتهم التـي تعرض لهم فأْذن لـمن شِئت منهم فـي الانصراف عنك لقضائها . { وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ } يقول : وادع الله لهم بأن يتفضل علـيهم بـالعفو عن تبعات ما بـينه وبـينهم . { إنَّ اللّهَ غَفُورٌ } لذنوب عبـاده التائبـين ، { رَحِيـمٌ } بهم أن يعاقبهم علـيها بعد توبتهم منها .