Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 13-14)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : وإذا أُلقـي هؤلاء الـمكذّبون بـالساعة من النار مكاناً ضيقاً ، قد قرنت أيديهم إلـى أعناقهم في الأغلال { دَعَوْا هُنالكَ ثُبُوراً } . واختلف أهل التأويـل فـي معنى الثُّبور ، فقال بعضهم : هو الوَيْـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِـيراً } يقول : وَيْلاً . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس : { لا تَدْعُوا الـيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِدَاً } يقول : لا تدعوا الـيوم ويلاً واحدا ، وادعوا ويلاً كثـيراً . وقال آخرون : الثبور الهلاك . ذكر من قال ذلك : حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، فـي قوله : { لا تَدْعُوا الـيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً } الثبور : الهلاك . قال أبو جعفر : والثبور فـي كلام العرب أصله انصراف الرجل عن الشيء ، يقال منه : ما ثَبَرك عن هذا الأمر ؟ أي ما صرفك عنه . وهو فـي هذا الـموضع دعاء هؤلاء القوم بـالندم علـى انصرافهم عن طاعة الله فـي الدنـيا والإيـمان بـما جاءهم به نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم حتـى استوجبوا العقوبة منه ، كما يقول القائل : واندامتاه ، واحسرتاه علـى ما فرّطت فـي جنب الله . وكان بعض أهل الـمعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يقول فـي قوله : { دَعَوْا هُنالكَ ثُبُوراً } أي هَلَكة ، ويقول : هو مصدر من ثُبِرَ الرجل : أي أهلك ، ويستشهد لقـيـله فـي ذلك ببـيت ابن الزّبَعْرَي : @ إذْ أُجارِي الشَّيْطانَ فِـي سَنَنِ الْغَ يِّ وَمَنْ مالَ مَيْـلَهُ مَثْبُورُ @@ وقوله : { لا تَدْعُوا الـيَوْمَ } أيها الـمشركون ندماً واحداً : أي مرّة واحدة ، ولكن ادعوا ذلك كثـيرا . وإنـما قـيـل : { لا تَدْعُوا الـيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً } لأن الثبور مصدر ، والـمصادر لا تـجمع ، وإنـما توصف بـامتداد وقتها وكثرتها ، كما يقال : قعد قعوداً طويلاً ، وأكل أكلاً كثـيراً . حدثنا مـحمد بن مرزوق ، قال : ثنا حجاج ، قال : ثنا حماد ، قال : ثنا علـيّ بن زيد ، عن أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أوَّلُ مَنْ يُكْسَى حُلَّةً مِنَ النَّارِ إبْلِـيسُ ، فَـيَضَعُها عَلـى حاجِبَـيْهِ ، وَيَسْحَبُها مِنْ خَـلْفِهِ ، وَذُرّيِّتُهُ مِنْ خَـلْفِهِ ، وَهُوَ يَقُولُ : يا ثُبُورَاه وَهُمْ يُنادُونَ : يا ثُبُورَهُمْ حتـى يَقِـفُوا عَلـى النَّارِ ، وَهُوَ يَقُولُ : يا ثُبُورَاهُ وَهُمْ يُنادُونَ : يا ثُبُورَهُمْ فَـيُقالُ : لا تَدْعُوا الـيَوْمَ ثُبُوراً وَاحداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِـيراً " .