Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 15-16)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : قل يا مـحمد لهؤلاء الـمكذّبـين بـالساعة : أهذه النار التـي وصف لكم ربُّكم صفتها وصفة أهلها خير ، أم بستان الـخـلد الذي يدوم نعيـمه ولا يبـيد ، الذي وَعَد من اتقاه فـي الدنـيا بطاعته فـيـما أمره ونهاه ؟ وقوله : { كانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيراً } يقول : كانت جنة الـخـلد للـمتقـين جزاء أعمالهم لله فـي الدنـيا بطاعته وثواب تقواهم إياه ومصيراً لهم ، يقول : ومصيراً للـمتقـين يصيرون إلـيها فـي الآخرة . وقوله : { لَهُمْ فِـيها ما يَشاءُونَ } يقول : لهؤلاء الـمتقـين فـي جنة الـخـلد التـي وَعَدَهموها الله ، ما يشاءون مـما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين . { خالدِينَ } فـيها ، يقول : لابثـين فـيها ماكثـين أبداً ، لا يزولون عنها ولا يزول عنهم نعيـمها . وقوله : { كانَ عَلـى رَبِّكَ وَعْداً مَسْئُولاً } وذلك أن الـمؤمنـين سألوا ربهم ذلك فـي الدنـيا حين قالوا : { آتِنا ما وَعَدْتَنا عَلـى رُسُلِكَ } يقول الله تبـارك وتعالـى : كان إعطاء الله الـمؤمنـين جنة الـخـلد التـي وصف صفتها فـي الآخرة ، وعْداً وعدهُمُ الله علـى طاعتهم إياه فـي الدنـيا ومسئلتهم إياه ذلك . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن عطاء الـخراسانـيّ ، عن ابن عبـاس : { كانَ عَلـى رَبِّكَ وَعْدا مَسْئُولاً } قال : فسألوا الذي وعدَهُم وتنـجزوه . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { كانَ عَلـى رَبِّكَ وَعْداً مَسْئُولاً } قال : سألوه إياه فـي الدنـيا ، طلبوا ذلك فأعطاهم وعدهم ، إذ سألوه أن يعطيهم فأعطاهم ، فكان ذلك وعداً مسئولاً ، كما وقَّت أرزاق العبـاد فـي الأرض قبل أن يخـلقهم فجعلها أقواتا للسائلـين ، وقَّت ذلك علـى مسئلتهم . وقرأ : { وَقَدَّرَ فِـيها أقْوَاتَها فِـي أرْبَعَةِ أيَّامٍ سَوَاءً للسَّائِلِـينَ } وقد كان بعض أهل العربـية يوجه معنى قوله : { وَعْداً مَسْئُولاً } إلـى أنه معنـيّ به وعداً واجبـاً ، وذلك أن الـمسئول واجب ، وإن لـم يُسْأل كالدين ، ويقول : ذلك نظير قول العرب : لأعطينك ألفـاً وعداً مسئولاً ، بـمعنى واجب لك فتسأله .