Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 62-62)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل قوله : { جَعَلَ اللَّـيْـلَ والنَّهارَ خِـلْفَةً } فقال بعضهم : معناه : أن الله جعل كل واحد منهما خـلفـاً من الآخر ، فـي أن ما فـات أحدهما من عمل يعمل فـيه لله ، أدرك قضاؤه فـي الآخر . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب القمي ، عن حفص بن حميد ، عن شمر بن عطية ، عن شقـيق قال : جاء رجل إلـى عمر بن الـخطاب رضي الله عنه ، فقال : فـاتتنـي الصلاة اللـيـلة ، فقال : أدرك ما فـاتك من لـيـلتك فـي نهارك ، فإن الله جعل اللـيـل والنهار خـلفة لـمن أراد أن يذَّكَّر ، أو أراد شُكوراً . حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّـيْـلَ والنَّهارَ خِـلْفَةً } يقول : من فـاته شيء من اللـيـل أن يعمله أدركه بـالنهار ، أو من النهار أدركه بـاللـيـل . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الـحسن ، فـي قوله { جَعَلَ اللَّـيْـلَ والنَّهارَ خِـلْفَةً } قال : جعل أحدهما خـلفـاً للآخر ، إن فـات رجلاً من النهار شيء أدركه من اللـيـل ، وإن فـاته من اللـيـل أدركه من النهار . وقال آخرون : بل معناه أنه جعل كل واحد منهما مخالفـاً صاحبه ، فجعل هذا أسود وهذا أبـيض . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله { اللَّـيْـلَ والنَّهارَ خِـلْفَةً } قال : أسود وأبـيض . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنا أبو هشام الرفـاعي ، قال : ثنا يحيى بن يـمان ، قال : ثنا سفـيان ، عن عمر بن قـيس بن أبـي مسلـم الـماصر ، عن مـجاهد { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّـيْـلَ والنَّهارَ خِـلْفَةً } قال : أسود وأبـيض . وقال آخرون : بل معنى ذلك : أن كل واحد منهما يخـلف صاحبه ، إذا ذهب هذا جاء هذا ، وإذا جاء هذا ذهب هذا . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا أبو أحمد الزبـيري ، قال : ثنا قـيس ، عن عمر بن قـيس الـماصر ، عن مـجاهد ، قوله { جَعَلَ اللَّـيْـلَ والنَّهارَ خِـلْفَةً } هذا يخـلف هذا ، وهذا يخـلف هذا . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّـيْـلَ وَالنَّهارَ خِـلْفَةً } قال : لو لـم يجعلهما خـلفة لـم يدر كيف يعمل ، لو كان الدهر لـيلاً كله كيف يدري أحد كيف يصوم ، أو كان الدهر نهاراً كله كيف يدري أحد كيف يصلـي . قال : والـخـلفة : مختلفـان ، يذهب هذا ويأتـي هذا ، جعلهما الله خـلفة للعبـاد ، وقرأ { لِـمَنْ أرَادَ أنْ يَذَّكَّرَ أوْ أرَادَ شُكُوراً } والـخـلفة : مصدر ، فلذلك وحدت ، وهي خبر عن اللـيـل والنهار والعرب تقول : خـلف هذا من كذا خـلفة ، وذلك إذا جاء شيء مكان شيء ذهب قبله ، كما قال الشاعر : @ وَلهَا بـالـمَاطِرُونَ إذَا أكَلَ النَّـمْلُ الَّذِي جَمَعَا خِـلْفَةٌ حتـى إذَا ارْتَبَعَتْ سَكَنَتْ مِنْ جِلَّقٍ بِـيَعَا @@ وكما قال زهيَر : @ بِهَا العَيْنُ والآرَامُ يَـمْشِينَ خِـلْفَةً وأطْلاؤُها يَنْهَضْنَ مِنْ كُلّ مَـجْثَمِ @@ يعنـي بقوله : يـمشين خـلفة : تذهب منها طائفة ، وتـخـلف مكانها طائفة أخرى . وقد يحتـمل أن زُهَيراً أراد بقوله : خـلفة : مختلفـات الألوان ، وأنها ضروب فـي ألوانها وهيئاتها . ويحتـمل أن يكون أراد أنها تذهب فـي مشيها كذا ، وتـجيء كذا . وقوله { لـمَنْ أرَادَ أنْ يَذَّكَّرَ } يقول تعالـى ذكره : جعل اللـيـل والنهار ، وخـلوف كل واحد منهما الآخر حجة وآية لـمن أراد أن يذكَّر أمر الله ، فـينـيب إلـى الـحق { أوْ أرَادَ شُكُوراً } أو أراد شكر نعمة الله التـي أنعمها علـيه فـي اختلاف اللـيـل والنهار . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله { أو أرَادَ شُكُوراً } قال : شكر نعمة ربه علـيه فـيهما . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد ، قوله { لِـمَنْ أرَادَ أنْ يَذَّكَّرَ } ذاك آية له { أوْ أرَادَ شُكُوراً } قال : شكر نعمة ربه علـيه فـيهما . واختلف القرّاء فـي قراءة قوله : { يَذَّكَّرَ } فقرأ ذلك عامة قرّاء الـمدينة والبصرة وبعض الكوفـيـين : { يَذَّكَّرَ } مشددة ، بـمعنى يتذكر . وقرأه عامة قرّاء الكوفـيـين : « يَذْكُرَ » مخففة وقد يكون التشديد والتـخفـيف فـي مثل هذا بـمعنى واحد . يقال : ذكرت حاجة فلان وتذكرتها . والقول فـي ذلك أنهما قراءتان معروفتان متقاربتا الـمعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب الصواب فـيهما .