Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 76-77)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : أولئك يجزون الغرفة بـما صبروا ، خالدين فـي الغرفة ، يعنـي أنهم ماكثون فـيها ، لابثون إلـى غير أمد ، حسنت تلك الغرفة قراراً لهم ومقاماً . يقول : وإقامة . وقوله : { قُلْ ما يَعْبَأُ بِكُمْ ربّـي } يقول جلّ ثناؤه لنبـيه : قل يا مـحمد لهؤلاء الذين أرسلت إلـيهم : أيّ شيء يَعُدّكم ، وأيّ شيء يصنع بكم ربـي ؟ يقال منه : عبأت به أعبأ عبئاً ، وعبأت الطيب أعبؤه : إذا هيأته ، كما قال الشاعر : @ كأنَّ بِنَـحْرِهِ وبِـمَنْكِبَـيْهِ عَبِـيرا بـاتَ يَعْبَؤُهُ عَرُوسُ @@ يقول : يهيئه ويعمله يعبؤُه عبـا وعبوءاً ، ومنه قولهم : عَبَّأت الـجيش بـالتشديد والتـخفـيف فأنا أعبئه : أُهَيِّئُهُ . والعِبءُ : الثقل . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد فـي قوله : { قُلْ ما يَعْبأُ بِكُمْ رَبّـي } يصنع لولا دعاؤكم . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله { قُلْ ما يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّـي } قال : يعبأ : يفعل . وقوله : { لَوْلا دُعاؤُكُمْ } يقول : لولا عبـادة من يعبده منكم ، وطاعة من يطيعه منكم . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { ما يَعْبَأُ بِكُمْ رَبّـي لَوْلا دُعاؤُكُمْ } يقول : لولا إيـمانكم ، وأخبر الله الكفـار أنه لا حاجة له بهم إذ لـم يخـلقهم مؤمنـين ، ولو كان له بهم حاجة لـحبب إلـيهم الإيـمان كما حبَّبه إلـى الـمؤمنـين . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله { لَوْلا دُعاؤُكُمْ } قال : لولا دعاؤكم إياه لتعبدوه وتطيعوه . وقوله { فَقَدْ كَذَّبْتُـمْ } يقول تعالـى ذكره لـمشركي قريش قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقد كذّبتـم أيها القوم رسولكم الذي أرسل إلـيكم وخالفتـم أمر ربكم الذي أمر بـالتـمسك به . لو تـمسكتـم به ، كان يعبأ بكم ربـي فسوف يكون تكذيبكم رسول ربكم ، وخلافكم أمر بـارئكم ، عذابـاً لكم ملازماً ، قتلاً بـالسيوف وهلاكاً لكم مفنـياً يـلـحق بعضكم بعضاً ، كما قال أبو ذُؤَيب الهُذَلـيّ : @ فَفـاجأَهُ بِعادِيَةٍ لِزَامٍ كمَا يَتَفَجَّرُ الـحَوْضُ اللَّقِـيفُ @@ يعنـي بـاللزام : الكبـير الذي يتبع بعضه بعضاً ، وبـاللقـيف : الـمتساقط الـحجارة الـمتهدّم ، ففعل الله ذلك بهم ، وصدقهم وعده ، وقتلهم يوم بدر بأيدي أولـيائه ، وألـحق بعضهم ببعض ، فكان ذلك العذاب اللزام . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، قال : أخبرنـي مولـى لشقـيق بن ثور أنه سمع سلـمان أبـا عبد الله ، قال : صلـيت مع ابن الزُّبـير فسمعته يقرأ : فقد كذب الكافرون . حدثنا ابن الـمثنى ، قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : ثنا سعيد بن أدهم السدوسيّ ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر قال : ثنا شعبة ، عن عبد الـمـجيد ، قال : سمعت مسلـم بن عمار ، قال : سمعت ابن عبـاس يقرأ هذا الـحرف : فقد كذب الكافرون { فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً } . حدثنا مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، { قُلْ ما يَعْبَأُ بِكُمْ رَبّـي لَوْلا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُـمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً } يقول : كذب الكافرون أعداء الله . حدثنا ابن الـمثنى ، قال : ثنا عبد الأعلـى ، قال : ثنا داود ، عن عامر ، عن ابن مسعود ، قال : فسوف يـلقون لزاماً يوم بدر . حدثنـي أبو السائب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلـم ، عن مسروق ، قال : قال عبد الرحمن : خمس قد مضين : الدخان ، واللزام ، والبطشة ، والقمر ، والروم . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، قوله { فَسَوْفَ يكُونُ لِزَاماً } قال أُبَـيّ بن كعب : هو القتل يوم بدر . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن عمرو ، عن مغيرة ، عن إبراهيـم ، قال : اللزام : يوم بدر . حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا ابن علـية ، عن لـيث ، عن مـجاهد { فَسَوْفَ يكُونُ لِزَاماً } قال : هو يوم بدر . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { فَسَوْفَ يكُونُ لِزَاماً } قال : يوم بدر . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد ، مثله . قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا أبو سفـيان ، عن مَعْمر ، عن منصور ، عن سفـيان ، عن ابن مسعود ، قال : اللزام : القتل يوم بدر . حُدثت عن الـحسين قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله : { فَقَدْ كَذَّبْتُـمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً } الكفـار كذبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبـما جاء به من عند الله ، فسوف يكون لزاماً ، وهو يوم بدر . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيـم ، عن عبد الله ، قال : قد مضى اللزام ، كان اللزام يوم بدر ، أسروا سبعين ، وقتلوا سبعين . وقال آخرون : معنى اللزام : القتال . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله { فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً } قال : فسوف يكون قتالاً اللزام : القتال . وقال آخرون : اللزام : الـموت . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس { فَسَوْفَ يكُونُ لِزَاماً } قال : موتاً . وقال بعض أهل العلـم بكلام العرب : معنى ذلك : فسوف يكون جزاء يـلزم كل عامل ما عمل من خير أو شرّ . وقد بـيَّنا الصواب من القول فـي ذلك . وللنصب فـي اللزام وجه آخر غير الذي قلناه ، وهو أن يكون فـي قوله { يَكُون } مـجهول ، ثم ينصب اللزام علـى الـخبر كما قـيـل : إذَا كان طَعْناً بَـيْنَهُمْ وقتالاً وقد كان بعض من لا علـم له بأقوال أهل العلـم يقول فـي تأويـل ذلك : ما يعبأ بكم ربـي لولا دعاؤكم ما تَدْعون من دونه من الآلهة والأنداد ، وهذا قول لا معنى للتشاغل به لـخروجه عن أقوال أهل العلـم من أهل التأويـل . آخر تفسير سورة الفرقان ، والـحمد لله وحده .