Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 1-3)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال أبو جعفر : وقد ذكرنا اختلاف الـمختلفـين فـيـما فـي ابتداء فواتـح سور القرآن من حروف الهجاء ، وما انتزع به كلّ قائل منهم لقوله ومذهبه من العلة . وقد بـيَّنا الذي هو أولـى بـالصواب من القول فـيه فـيـما مضى من كتابنا هذا بـما أغنى عن إعادته ، وقد ذكر عنهم من الاختلاف فـي قوله : طسم وطس ، نظير الذي ذكر عنهم فـي : آلـم والـمر والـمص . وقد : حدثنـي علـيّ بن داود ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله { طسم } قال : فإنه قسم أقسمه الله ، وهو من أسماء الله . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، فـي قوله { طسم } قال : اسم من أسماء القرآن . فتأويـل الكلام علـى قول ابن عبـاس والـجميع : إن هذه الآيات التـي أنزلتها علـى مـحمد صلى الله عليه وسلم فـي هذه السورة لآيات الكتاب الذي أنزلته إلـيه من قبلها الذي بـين لـمن تدبره بفهم ، وفكَّر فـيه بعقل ، أنه من عند الله جلّ جلاله ، لـم يتـخرّصه مـحمد صلى الله عليه وسلم ، ولـم يتقوّله من عنده ، بل أوحاه إلـيه ربه . وقوله : { لَعَلَّكَ بـاخِعٌ نَفْسَكَ أنْ لا يكُونُوا مُؤْمِنِـينَ } يقول تعالـى ذكره : لعلك يا مـحمد قاتل نفسك ومهلكها إن لـم يؤمن قومك بك ، ويصدقوك علـى ما جئتهم به . والبخْع : هو القتل والإهلاك فـي كلام العرب ومنه قول ذي الرُّمة : @ ألا أيُّهَذَا البـاخعُ الْوَجْدُ نَفْسَهُ لشَيْءٍ نَـحَتْهُ عَنْ يَدَيْهِ الـمَقادِرُ @@ وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : قال ابن عبـاس : { بـاخِعٌ نَفْسَك } : قاتل نفسك . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، فـي قوله { لَعَلَّكَ بـاخعٌ نَفْسَكَ أنْ لا يكُونُوا مُؤْمِنِـينَ } قال : لعلك من الـحرص علـى إيـمانهم مخرج نفسك من جسدك ، قال : ذلك البخع . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله { لَعَلَّكَ بـاخِعٌ نَفْسَكَ } علـيهم حرصاً ، وأنْ من قوله : { أنْ لا يَكُونُوا مُؤْمِنـينَ } فـي موضع نصب ببـاخع ، كما يقال : زرت عبد الله أن زارنـي ، وهو جزاء ولو كان الفعل الذي بعد أنْ مستقبلاً لكان وجه الكلام فـي « أن » الكسر كما يقال أزور عبد الله إن يزورنـي .