Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 53-65)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : فأرسل فرعون فـي الـمدائن يحشر له جنده وقومه ، ويقول لهم { إنَّ هَؤُلاءِ } يعنـي بهؤلاء : بنـي إسرائيـل { لَشِرْذِمَةٌ قَلِـيـلُونَ } يعنـي بـالشرذمة : الطائفة والعصبة البـاقـية من عصب جبـيرة ، وشرذمة كل شيء : بقـيته القلـيـلة ومنه قول الراجز : @ جاءَ الشِّتاءُ وقَمِيصِي أخْلاقْ شَرَاذِمٌ يضْحَكُ مِنْهُ التَّوَّاقْ @@ وقـيـل : قلـيـلون ، لأن كل جماعة منهم كان يـلزمها معنى القلة فلـما جمع جمع جماعاتهم قـيـل : قلـيـلون ، كما قال الكُمَيت : @ فَرَّدَّ قَوَاصِيَ الأَحْياءِ مِنْهُمْ فَقَدْ صَارُوا كَحَيّ وَاحديِنا @@ وذُكر أن الـجماعة التـي سَمَّاها فرعون شرذمة قلـيـلـين ، كانوا ستّ مئة ألف وسبعين ألفـاً . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن أبـي إسحاق ، عن أبـي عُبـيدة { إنَّ هَؤُلاَءِ لَشِرْذَمَةٌ قَلِـيـلُونَ } ، قال : كانوا ستّ مئة وسبعين ألفـاً . قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا إسرائيـل ، عن أبـي إسحاق ، عن أبـي عُبـيدة ، عن عبد الله ، قال : الشرذمة : ستّ مئة ألف وسبعون ألفـاً . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا موسى بن عبـيدة ، عن مـحمد بن كعب القرظي ، عن عبد الله بن شدّاد بن الهاد ، قال : اجتـمع يعقوب وولده إلـى يوسف ، وهم اثنان وسبعون ، وخرجوا مع موسى وهم ستّ مئة ألف ، فقال فرعون { إنَّ هَؤُلاَءِ لَشِرْذَمَةٌ قَلِـيـلُونَ } ، وخرج فرعون علـى فرس أدهم حصان علـى لون فرسه فـي عسكره ثمان مئة ألف . حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا ابن علـية ، عن سعيد الـجريري ، عن أبـي السلـيـل ، عن قـيس بن عبـاد ، قال : وكان من أكثر الناس أو أحدث الناس عن بنـي إسرائيـل ، قال : فحدّثنا أن الشرذمة الذين سماهم فرعون من بنـي إسرائيـل كانوا ستّ مئة ألف ، قال : وكان مقدمة فرعون سبعة مئة ألف ، كل رجل منهم علـى حصان علـى رأسه بـيضة ، وفـي يده حربة ، وهو خـلفهم فـي الدهم . فلـما انتهى موسى ببنـي إسرائيـل إلـى البحر ، قالت بنو إسرائيـل : يا موسى أين ما وعدتنا ، هذا البحر بـين أيدينا ، وهذا فرعون وجنوده قد دهمنا من خـلفنا ، فقال موسى للبحر : انفلق أبـا خالد ، قال : لا لن أنفلق لك يا موسى ، أنا أقدم منك خـلقا قال : فنودي أنِ اضربْ بعصاك البحر ، فضربه ، فـانفلق البحر ، وكانوا اثنـي عشر سبطا . قال الـجريري : فأحسبه قال : إنه كان لكل سبط طريق ، قال : فلـما انتهى أوّل جنود فرعون إلـى البحر ، هابت الـخيـل اللهب قال : ومَثِّل لـحصان منها فرس وديق ، فوجد ريحها فـاشتدّ ، فـاتبعه الـخيـل قال : فلـما تتامّ آخر جنود فرعون فـي البحر ، وخرج آخر بنـي إسرائيـل ، أمر البحر فـانصفق علـيهم ، فقالت بنو إسرائيـل : ما مات فرعون وما كان لـيـموت أبدا ، فسمع الله تكذيبهم نبـيه علـيه السلام ، قال : فرمى به علـى الساحل ، كأنه ثور أحمر يتراءاه بنو إسرائيـل . حدثنا موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، فـي قوله { إنَّ هَؤُلاَءِ لَشِرْذَمَةٌ قَلِـيـلُونَ } يعنـي بنـي إسرائيـل . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد فـي قوله { إنَّ هَؤُلاَءِ لَشِرْذَمَةٌ قَلِـيـلُونَ } قال : هم يومئذ ستّ مئة ألف ، ولا يحصى عدد أصحاب فرعون . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قوله { وأوْحَيْنا إلـى مُوسَى أنْ أسْرِ بعِبـادِي إنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ } قال : أوحى الله إلـى موسى أن اجمع بنـي إسرائيـل ، كلّ أربعة أبـيات فـي بـيت ، ثم اذبحوا أولاد الضأن ، فـاضربوا بدمائها علـى الأبواب ، فإنـي سآمر الـملائكة أن لا تدخـل بـيتاً علـى بـابه دم ، وسآمرهم بقتل أبكار آل فرعون من أنفسهم وأموالهم ، ثم اخبزوا خبزاً فطيرا ، فإنه أسرع لكم ، ثم أسر بعبـادي حتـى تنتهي للبحر ، فـيأتـيك أمري ، ففعل فلـما أصبحوا قال فرعون : هذا عمل موسى وقومه قتلوا أبكارنا من أنفسنا وأموالنا ، فأرسل فـي أثرهم ألف ألف وخمس مئة ألف وخمس مئة ملك مُسَوَّر ، مع كل ملك ألف رجل ، وخرج فرعون فـي الكَرِش العظمى ، وقال { إنَّ هَؤُلاَءِ لَشِرْذَمَةٌ قَلِـيـلُونَ } قال : قطعة ، وكانوا ستّ مئة ألف ، مئتا ألف منهم أبناء عشرين سنة إلـى أربعين . قال : ثنـي حجاج ، عن أبـي بكر بن حوشب ، عن ابن عبـاس ، قال : كان مع فرعون يومئذ ألف جبـار ، كلهم علـيه تاج ، وكلهم أمير علـى خيـل . قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : كانوا ثلاثـين ملكاً ساقة خـلف فرعون يحسبون أنهم معهم وجبرائيـل أمامهم ، يردّ أوائل الـخيـل علـى أواخرها ، فأتبعهم حتـى انتهى إلـى البحر . وقوله : { وإنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ } يقول : وإن هؤلاء الشرذمة لنا لغائظون ، فذكر أن غيظهم إياهم كان قتل الـملائكة من قتلت من أبكارهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قوله : { وإنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ } يقول : بقتلهم أبكارنا من أنفسنا وأموالنا . وقد يحتـمل أن يكون معناه : وإنهم لنا لغائظون بذهابهم منهم بـالعواريّ التـي كانوا استعاروها منهم من الـحلـيّ ، ويحتـمل أن يكون ذلك بفراقهم إياهم ، وخروجهم من أرضهم بكره لهم لذلك . وقوله { وَإنَّا لَـجِمِيعٌ حاذِرونَ } اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الكوفة { وَإنَّا لَـجِمِيعٌ حاذِرونَ } بـمعنى : أنهم معدون مؤدون ذوو أداة وقوّة وسلاح . وقرأ ذلك عامة قرّاء الـمدينة والبصرة : « وَإنَّا لَـجَمِيعٌ حَذِرُونَ » بغير ألف . وكان الفرّاء يقول : كأن الـحاذر الذي يحذرك الآن ، وكأن الـحذر الـمخـلوق حذرا لا تلقاه إلا حذرا ومن الـحذر قول ابن أحمر : @ هَلْ أُنْسَأَنْ يَوْما إلـى غَيْرِهِ إنّـي حَوَالِـيٌّ وآنّـي حَذِرْ @@ والصواب من القول فـي ذلك أنهما قراءتان مستفـيضتان فـي قرّاء الأمصار متقاربتا الـمعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء ، فمصيب الصواب فـيه . وبنـحو الذي قلنا فـي تأويـل ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا سفـيان ، عن أبـي إسحاق ، قال : سمعت الأسود بن زيد يقرأ : { وَإنَّا لَـجِمِيعٌ حاذِرُونَ } قال : مقوون مؤدون . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عيسى بن عبـيد ، عن أيوب ، عن أبـي العرجاء عن الضحاك بن مزاحم أنه كان يقرأ : { وَإنَّا لَـجِمِيعٌ حاذِرُونَ } يقول : مؤدون . حدثنا موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السدي فـي قوله : { وَإنَّا لَـجِمِيعٌ حاذِرُونَ } يقول : حذرنا ، قال : جمعنا أمرنا . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج { وَإنَّا لَـجِمِيعٌ حاذِرُونَ } قال : مؤدون معدون فـي السلاح والكراع . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج أبو معشر ، عن مـحمد بن قـيس قال : كان مع فرعون ستّ مئة ألف حصان أدهم سوى ألوان الـخيـل . حدثنا عمرو بن علـيّ ، قال : ثنا أبو داود ، قال : ثنا سلـيـمان بن معاذ الضبـي ، عن عاصم بن بهدلة ، عن أبـي رزين ، عن ابن عبـاس أنه قرأها : { وَإنَّا لَـجِمِيعٌ حاذِرُونَ } قال : مؤدون مقوون .