Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 50-51)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : وغدر هؤلاء التسعة الرهط الذين يفسدون فـي الأرض بصالـح بـمصيرهم إلـيه لـيلاً لـيقتلوه وأهله ، وصالـح لا يشعر بذلك { وَمَكَرْنا مَكْراً } يقول : فأخذناهم بعقوبتنا إياهم ، وتعجيـلنا العذاب لهم { وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ } بـمكرنا . وقد بـيَّنا فـيـما مضى معنى : مكر الله بـمن مكر به ، وما وجه ذلك ، وأنه أخذه من أخذه منهم علـى غرّة ، أو استدراجه منهم من استدرج علـى كفره به ، ومعصيته إياه ، ثم إحلاله العقوبة به علـى غرّة وغفلة . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفـيان ، عن الأعمش ، عن شمر بن عطية ، عن رجل ، عن علـيّ ، قال : الـمكر غدر ، والغدر كفر . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله { وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً } قال : احتالوا لأمرهم ، واحتال الله لهم ، مكروا بصالـح مكراً ، ومكرنا ، ومكرنا بهم مكراً { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } بـمكرنا وشعرنا بـمكرهم ، قالوا : زعم صالـح أنه يفرغ منا إلـى ثلاث فنـحن نفرغ منه وأهله قبل ذلك ، وكان له مسجد فـي الـحجر فـي شعب يصلـي فـيه ، فخرجوا إلـى كهف وقالوا : إذا جاء يصلـي قتلناه ، ثم رجعنا إذا فرغنا منه إلـى أهله ، ففرغنا منهم ، وقرأ قول الله تبـارك وتعالـى : { قالُوا تَقاسَمُوا بـاللَّهِ لَنُبَـيِّتَنَّه وأهْلَهُ ، ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِـيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أهْلِهِ ، وإنَّا لَصَادِقُونَ } فبعث الله صخرة من الهَضْب حِيالَهم ، فخشُوا أن تشدَخَهم ، فبـادروا الغار ، فَطَبقت الصخرة علـيهم فم ذلك الغار ، فلا يدري قومُهم أين هم ؟ ولا يدرون ما فعل بقومهم ؟ فعذّب الله تبـارك وتعالـى هؤلاء ها هنا ، وهؤلاء هنا ، وأنـجى الله صالـحا ومن معه . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا أبو سفـيان ، عن معمر ، عن قَتادة { وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً } قال : فسلط الله علـيهم صخرة فقتلتهم . وقوله : { فـانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقبَةُ مَكْرِهِمْ } يقول تعالـى ذكره : فـانظر يا مـحمد بعين قلبك إلـى عاقبة غدر ثمود بنبـيهم صالـح ، كيف كانت ؟ وما الذي أورثها اعتداؤهم وطغيانهم وتكذيبهم ؟ فإن ذلك سنتنا فـيـمن كذّب رسلنا ، وطغى علـينا من سائر الـخـلق ، فحذر قومك من قريش ، أن ينالهم بتكذيبهم إياك ، ما نال ثمود بتكذّيبهم صالـحاً من الـمثلات . وقوله : { إنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أجمَعِينَ } يقول : إنا دمرنا التسعة الرهط الذين يفسدون فـي الأرض من قوم صالـح وقومهم من ثمود أجمعين ، فلـم نبقِ منهم أحداً . واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله « إنَّا » فقرأ بكسرها عامة قرّاء الـحجاز والبصرة علـى الابتداء ، وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة : { أنَّا دَمَّرْناهُمْ } بفتـح الألف . وإذا فُتـحت كان فـي { أنَّا } وجهان من الإعراب : أحدهما الرفع علـى ردّها علـى العاقبة علـى الإتبـاع لها ، والآخر النصب علـى الردّ علـى موضع كيف ، لأنها فـي موضع نصب إن شئت ، وإن شئت علـى تكرير كان علـيها علـى وجه ، فـانظر كيف كان عاقبة مكرهم ؟ كان عاقبة مكرهم تدميرَنا إياهم . قال أبو جعفر : والصواب من القول فـي ذلك عندي أن يقال : إنهما قراءتان مشهورتان فـي قَرَأَةِ الأمصار ، متقاربتا الـمعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .