Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 48-49)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : وكان فـي مدينة صالـح ، وهي حِجر ثمود ، تسعة أنفس يفسدون فـي الأرض ولا يصلـحون ، وكان إفسادهم فـي الأرض : كفرهم بـالله ، ومعصيتهم إياه ، وإنـما خصّ الله جلّ ثناؤه هؤلاء التسعة الرهط بـالـخبر عنهم أنهم كانوا يفسدون فـي الأرض ، ولا يصلـحون ، وإن كان أهل الكفر كلهم فـي الأرض مفسدين ، لأن هؤلاء التسعة هم الذين سعوا فـيـما بلغنا فـي عقر الناقة ، وتعاونوا علـيه ، وتـحالفوا علـى قتل صالـح من بـين قوم ثمود . وقد ذكرنا قصصهم وأخبـارهم فـيـما مضى من كتابنا هذا . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { تِسْعَةُ رَهْطٍ } قال : من قوم صالـح … حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وكانَ فِـي الـمَدِينَة تسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِـي الأرْضِ وَلا يُصْلِـحُونَ } هم الذين عقروا الناقة ، وقالوا حين عقروها : نبـيِّت صالـحاً وأهله فنقتلهم ، ثم نقول لأولـياء صالـح : ما شهدنا من هذا شيئا ، ومالنا به علـم ، فدمرهم الله أجمعين . وقوله : { قالُوا تَقاسَمُوا بـاللَّهِ لَنُبَـيِّتَنَّهُ وأهْلَهُ } يقول تعالـى ذكره : قال هؤلاء التسعة الرهط الذين يُفسدون فـي أرض حجر ثمود ، ولا يصلـحون ، تقاسموا بـالله : تـحالفوا بـالله أيها القوم ، لـيحلف بعضكم لبعض : لنبـيتنّ صالـحا وأهله ، فلنقتلنه ، ثم لنقولنّ لولـيه : ما شهدنا مهلك أهله . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { تَقاسَمُوا بـاللَّهِ } قال : تـحالفوا علـى إهلاكه ، فلـم يصلوا إلـيه حتـى هلكوا وقومهم أجمعون . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد ، بنـحوه : ويتوجه قوله { تَقاسَمُوا بـالله } إلـى وجهين : أحدهما النصب علـى وجه الـخبر ، كأنه قـيـل : قالوا متقاسمين . وقد ذُكر أن ذلك فـي قراءة عبد الله : « وَلا يُصْلِـحُونَ تَقاسَمُوا بـاللَّهِ » ولـيس فـيها « قالوا » ، فذلك من قراءته يدلّ علـى وجه النصب فـي « تقاسموا » علـى ما وصفت . والوجه الآخر : الـجزم ، كأنهم قال بعضهم لبعض : اقسموا بـالله ، فعلـى هذا الوجه الثانـي تصلـح قراءة { لَنُبَـيِّتَنَّهُ } بـالـياء والنون ، لأن القائل لهم تقاسموا ، وإن كان هو الآمر فهو فـيـمن أقسم ، كما يقال فـي الكلام : انهضوا بنا نـمض إلـى فلان ، وانهضوا نـمضي إلـيه . وعلـى الوجه الأوّل الذي هو وجه النصب القراءة فـيه بـالنون أفصح ، لأن معناه : قالوا متقاسمين لنُبـيِّتنَّهُ ، وقد تـجوز الـياء علـى هذا الوجه كما يقال فـي الكلام : قالوا لنكرمنّ أبـاك ، ولـيكرمنّ أبـاك ، وبـالنون قرأ ذلك قرَّاء الـمدينة ، وعامة قرّاء البصرة وبعض الكوفـيـين . وأما الأغلب علـى قرّاء أهل الكوفة ، فقراءته بـالـياء ، وضمّ التاء جميعاً . وأما بعض الـمكيـين ، فقرأه بـالـياء . وأعجب القراءات فـي ذلك إلـيّ النون ، لأن ذلك أفصح الكلام علـى الوجهين اللذين بـيَّنت من النصب والـجزم ، وإن كان كل ذلك صحيحاً غير فـاسد لـما وصفت . وأكرهها إلـيّ القراءة بها الـياء ، لقلة قارىء ذلك كذلك . وقوله : { لَنُبَـيِّتَنَّهُ } قال : لـيُبَـيِّتُنَّ صالـحا ثم يفتكوا به . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، قال : قال التسعة الذين عقروا الناقة : هلـمّ فلنقتل صالـحاً ، فإن كان صادقاً ، يعنـي فـيـما وعدهم من العذاب بعد الثلاث ، عجلناه قبله ، وإن كان كاذبـا نكون قد ألـحقناه بناقته . فأتوه لـيلاً لـيبـيتوه فـي أهله ، فدمغتهم الـملائكة بـالـحجارة فلـما أبطئوا علـى أصحابهم أتوا منزل صالـح ، فوجدوهم مشدوخين قد رضخوا بـالـحجارة . وقوله : { وَإنَّا لَصَادقُونَ } نقول لولـيه : وإنا لصادقون ، أنا ما شهدنا مُهلِكَ أهله .