Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 81-82)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اختلف القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والبصرة وبعض الكوفـيـين : { وما أنْتَ بِهادِي } بـالـياء والألف وإضافته إلـى العمي بـمعنى : لست يا مـحمد بهادي من عمي عن الـحقّ { عَنْ ضَلالَتِهِ } . وقراءة عامة قرّاء الكوفة « وَما أنْتَ تَهْدِي العُمْىَ » بـالتاء ونصب العمي ، بـمعنى : ولست تهديهم { عَنْ ضَلالَتهِمْ } ولكن الله يهديهم إن شاء . والقول فـي ذلك عندي أنهما قراءتان متقاربتا الـمعنى مشهورتان فـي قرّاء الأمصار ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وتأويـل الكلام ما وصفت { وَما أنتَ } يا مـحمد { بِهادِي } من أعماه الله عن الهدى والرشاد فجعل علـى بصره غشاوة أن يتبـين سبـيـل الرشاد عن ضلالته التـي هو فـيها إلـى طريق الرشاد وسبـيـل الرشاد . وقوله : { إنْ تُسْمِعُ إلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بآياتِنا } يقول : ما تقدر أن تُفهم الـحقّ وتوعيه أحداً إلا سمع من يصدّق بآياتنا ، يعنـي بأدلته وحججه وآي تنزيـله { فَهُمْ مُسْلـمُونَ } فإن أولئك يسمعون منك ما تقول ويتدبرونه ، ويفكرون فـيه ، ويعملون به ، فهم الذين يسمعون . ذكر من قال مثل الذي قلنا فـي قوله تعالـى : وَقَع : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { وَإذَا وَقَعَ القَوْلُ عَلَـيْهِمْ } قال : حقّ علـيهم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله : { وَإذَا وَقَعَ القَوْلُ عَلَـيْهُمْ } يقول : إذا وجب القول علـيهم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد { وَقَعَ القَوْلُ عَلَـيْهِمْ } قال : حقّ العذاب . قال ابن جُرَيج : القول : العذاب . ذكر من قال قولنا فـي معنى القول : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة { وَإذَا وَقَعَ القَوْلُ عَلَـيْهِمْ } والقول : الغضب . حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا ابن علـية ، عن هشام ، عن حفصة ، قالت : سألت أبـا العالـية ، عن قوله : { وَإذَا وَقَعَ القَوْلُ عَلَـيْهِمْ } فقال : أوحى الله إلـى نوح { إنَّهُ لَنْ يُؤْمِنُ مِنَ قَوْمِكَ إلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ } قالت : فكأنـما كان علـى وجهي غطاء فكشف . وقال جماعة من أهل العلـم : خروج هذه الدابة التـي ذكرها حين لا يأمر الناس بـمعروف ولا ينهون عن منكر . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا الأشجعي ، عن سفـيان ، عن عمرو بن قـيس ، عن عطية العوفـي ، عن ابن عمر فـي قوله : { وَإذَا وَقَعَ القَوْلُ عَلَـيْهِمْ أخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرْضِ } قال : هو حين لا يأمرون بـمعروف ولا ينهون عن منكر . حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا مـحمد بن الـحسن أبو الـحسن ، قال : ثنا عمرو بن قـيس الـملائي ، عن عطية ، عن ابن عمر ، فـي قوله : { وَإذَا وَقَعَ القَوْلُ عَلَـيْهِمْ أخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرْضِ } قال : ذاك إذا ترك الأمر بـالـمعروف والنهي عن الـمنكر . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا سفـيان ، عن عمرو بن قـيس ، عن عطية ، عن ابن عمر ، فـي قوله : { أخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرْضِ تُكَلِّـمُهُمْ } قال : حين لا يأمرون بـالـمعروف ، ولا ينهون عن الـمنكر . حدثنـي مـحمد بن عمرو الـمقدسي ، قال : ثنا أشعث بن عبد الله السجستانـي ، قال : ثنا شعبة ، عن عطية ، فـي قوله : { وَإذَا وَقَعَ القَوْلُ عَلَـيْهِمْ أخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرْضِ تُكَلِّـمُهُمْ } قال : إذا لـم يعرفوا معروفـاً ، ولـم ينكروا منكراً . وذُكر أن الأرض التـي تـخرج منها الدابة مكة . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُريب ، قال : ثنـي الأشجعي ، عن فضيـل بن مرزوق ، عن عطية ، عن ابن عمر ، قال : تـخرج الدابة من صَدع فـي الصفـا كجري الفرس ثلاثة أيام وما خرج ثلثها . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا الـحكم بن بشير ، قال : ثنا عمرو بن قـيس ، عن الفرات القزاز ، عن عامر بن واثلة أبـي الطفـيـل ، عن حُذيفة بن أسيد الغفـاري ، قال : إن الدابة حين تـخرج يراها بعض الناس فـيقولون : والله لقد رأينا الدابة ، حتـى يبلغ ذلك الإمام ، فـيطلب فلا يقدر علـى شيء . قال : ثم تـخرج فـيراها الناس ، فـيقولون : والله لقد رأيناها ، فـيبلغ ذلك الإمام فـيطلب فلا يرى شيئا ، فـيقول : أما إنـي إذا حدث الذي يذكرها قال : حتـى يعدّ فـيها القتل ، قال : فتـخرج ، فإذا رآها الناس دخـلوا الـمسجد يصلون ، فتـجيء إلـيهم فتقول : الآن تصلون ، فتـخطم الكافر ، وتـمسح علـى جبـين الـمسلـم غرّة ، قال : فـيعيش الناس زمانا يقول هذا : يا مؤمن ، وهذا : يا كافر . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا عثمان بن مطر ، عن واصل مولـى أبـي عيـينة ، عن أبـي الطفـيـل عن حُذيفة ، وأبـي سفـيان ، ثنا عن معمر ، عن قـيس بن سعد ، عن أبـي الطفـيـل ، عن حُذيفة بن أسيد ، فـي قوله : { أخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرْضِ تُكَلِّـمُهُمْ } قال : للدابة ثلاث خرجات : خرجة فـي بعض البوادي ثم تكمن ، وخرجة فـي بعض القُرى حين يرَيق فـيها الأمراء الدماء ، ثم تكمن ، فبـينا الناس عند أشرف الـمساجد وأعظمها وأفضلها ، إذ ارتفعت بهم الأرض ، فـانطلق الناس هرابـا ، وتبقـى طائفة من الـمؤمنـين ، ويقولون : إنه لا ينـجينا من الله شيء ، فتـخرج علـيهم الدابة تـجلو وجوههم مثل الكوكب الدرّيّ ثم تنطلق فلا يدركها طالب ولا يفوتها هارب ، وتأتـي الرجل يصلـيّ ، فـيقول : والله ما كنت من أهل الصلاة ، فـيـلتفت إلـيها فتـخطمه ، قال : تـجلو وجه الـمؤمن ، وتـخطم الكافر ، قلنا : فما الناس يومئذٍ ؟ قال : جيران فـي الربـاع ، وشركاء فـي الأموال ، وأصحاب فـي الأسفـار . حدثنـي أبو السائب ، قال : ثنا ابن فضيـل ، عن الولـيد بن جميع ، عن عبد الـملك بن الـمُغيرة ، عن عبد الرحمن بن البـيـلـمانـي ، عن ابن عمر : يبـيت الناس يسيرون إلـى جمع ، وتبـيت دابة الأرض تسايرهم ، فـيصبحون وقد خطمتهم من رأسها وذنبها ، فما من مؤمن إلا مسحته ، ولا من كافر ولا منافق إلا تـخبطه . حدثنا مـجاهد بن موسى ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا الـخيبري ، عن حيان بن عمير ، عن حسان بن حمصة ، قال : سمعت عبد الله بن عمرو يقول : لو شئت لانتعلت بنعلـيّ هاتـين ، فلـم أمسّ الأرض قاعدا حتـى أقـف علـى الأحجار التـي تـخرج الدابة من بـينها ، ولكأنـي بها قد خرجت فـي عقب ركَب من الـحاجِّ ، قال : فما حججت قطّ إلا خفت تـخرج بعقبنا . حدثنا عمرو بن عبد الـحميد الآمَلـي ، قال : ثنا أبو أسامة ، عن هشام ، عن قـيس بن سعد ، عن عطاء ، قال : رأيت عبد الله بن عمرو ، وكان منزله قريبـا من الصفـا ، رفع قدمه وهو قائم ، وقال : لو شئت لـم أضعها حتـى أضعها علـى الـمكان الذي تـخرج منه الدابة . حدثنا عصام بن روّاد بن الـجراح ، قال : ثنا أبـي ، قال : ثنا سفـيان بن سعيد الثوريّ ، قال : ثنا منصور بن الـمعتـمر ، عن ربعي بن حراش ، قال : سمعت حُذيفة بن الـيـمان يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : وذكر الدابة ، فقال حُذيفة : قلت يا رسول الله ، من أين تـخرج ؟ قال : " مِنْ أعْظَمِ الـمَساجِدِ حُرْمَةً عَلـى اللّهِ ، بَـيْنَـما عِيَسى يَطُوفُ بـالبَـيْتِ وَمَعَهُ الـمُسْلِـمُونَ ، إذْ تَضْطَربُ الأرْضُ تَـحْتَهُمْ ، تَـحَرُّكَ القِنْدِيـلِ ، وَيَنْشَق الصَّفـا مِـمَّا يَـلـي الـمَسْعَى ، وَتـخْرُجُ الدَّابَّةُ مِنَ الصَّفـا أوَّلُ ما يَبْدُو رأسُها مُلَـمَّعَةٌ ذَاتُ وّبَرٍ وَرِيشٍ ، لَـمْ يُدْرِكْها طالِبٌ ، وَلَنْ يَفُوَتها هارِبٌ ، تَسِمُ النَّاسَ مُؤْمِنٌ وكافِرٌ ، أمَّا الـمُؤْمِنُ فَتَتْرُكَ وَجْهَهُ كأنَّهُ كَوْكَبٌ دُرّيّ ، وتَكْتُبُ بـينَ عَيْنَـيْهِ مُؤْمِنٌ ، وأمَّا الكافِرُ فَتَنْكُتُ بـينَ عَيْنَـيْهِ نُكْتَةً سَوْدَاءَ كافِرٌ " حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا أبو الـحسين ، عن حماد بن سلـمة ، عن علـيّ بن زيد بن جدعان ، عن أوس بن خالد ، عن أبـي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تَـخْرُجُ الدَّابَّةُ مَعَها خاتَـمُ سَلَـيْـمانَ وَعَصا مُوسَى ، فَتَـجْلُو وَجْهَ الـمُؤْمِنِ بـالْعَصَا ، وَتـخْتِـمُ أنْفَ الكافِرِ بـالـخاتِـمِ ، حتـى إنَّ أهْلَ البَـيْتِ لَـيَجْتَـمِعُونَ فَـيَقُولُ هَذَا . يا مُؤْمِنُ ، وَيَقُولُ هَذَا : يا كاِفُر " قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا أبو سفـيان ، عن معمر ، عن قَتادة ، قال : هي دابة ذات زغب وريش ، ولها أربع قوائم تـخرج من بعض أودية تهامة ، قال : قال عبد الله بن عمر : إنها تنكت فـي وجه الكافر نكتة سوداء ، فتفشو فـي وجهه ، فـيسودّ وجهه ، وتنكت فـي وجه الـمؤمن نكتة بـيضاء فتفشو فـي وجه ، حتـى يبـيضّ وجهه ، فـيجلس أهل البـيت علـى الـمائدة ، فـيعرفون الـمؤمن من الكافر ، ويتبـايعون فـي الأسواق ، فـيعرفون الـمؤمن من الكافر . حدثنـي ابن عبد الرحيـم البرقـي ، قال : ثنا ابن أبـي مريـم ، قال : ثنا ابن لهيعة ويحيى بن أيوب ، قالا : ثنا ابن الهاد ، عن عمر بن الـحكم ، أنه سمع عبد الله بن عمرو يقول : تـخرج الدابة من شعب ، فـيـمسّ رأسها السحاب ، ورجلاها فـي الأرض ما خرجتا ، فتـمرّ بـالإنسان يصلـي ، فتقول : ما الصلاة من حاجتك فتـخطمه . حدثنا صالـح بن مسمار ، قال : ثنا ابن أبـي فديك ، قال : ثنا يزيد بن عياض ، عن مـحمد بن إسحاق ، أنه بلغه عن عبد الله بن عمرو ، قال : تـخرج دابة الأرض ومعها خاتـم سلـيـمان وعصا موسى ، فأما الكافر فتـختـم بـين عينـيه بخاتـم سلـيـمان ، وأما الـمؤمن فتـمسح وجهه بعصا موسى فـيبـيضّ . واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله : { تُكَلِّـمُهُمْ } فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار : { تُكلِّـمُهُمْ } بضمُ التاء وتشديد اللام ، بـمعنى تـخبرهم وتـحدثهم ، وقرأه أبو زرعة بن عمرو : « تَكْلِـمُهُمْ » بفتـح التاء وتـخفـيف اللام بـمعنى : تسمهم . والقراءة التـي لا أستـجيز غيرها فـي ذلك ما علـيه قرّاء الأمصار . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك ، قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { أخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرْضِ تُكَلِّـمُهُمْ } قال : تـحدثهم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله : { أخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنْ الأَرْضِ تُكَلِّـمُهُمْ } وهي فـي بعض القراءة « تـحدثهم » تقول لهم : { أَنَّ النَّاس كَانُوا بِآياتِنَا لاَ يُوقِنُونَ } . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن عطاء الـخراسانـي ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { تُكَلِّـمُهُمْ } قال : كلامها تنبئهم { أنَّ النَّاس كانُوا بِآياتِنَا لاَ يُوقِنُونَ } . وقوله : { أنَّ النَّاسَ كانُوا بآياتِنا لا يُوقِنُونَ } اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الـحجاز والبصرة والشام : « إنَّ النَّاسَ » بكسر الألف من « إن » علـى وجه الابتداء بـالـخبر عن الناس أنهم كانوا بآيات الله لا يوقنون وهي وإن كسرت فـي قراءة هؤلاء فإن الكلام لها متناول . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة وبعض أهل البصرة : { أنَّ النَّاسَ كانُوا } بفتـح أن بـمعنى : تكلـمهم بأن الناس ، فـيكون حينئذٍ نصب بوقوع الكلام علـيها . والصواب من القول فـي ذلك أنهما قراءتان متقاربتا الـمعنى مستفـيضتان فـي قراءة الأمصار ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .