Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 57-57)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : وقالت كفـار قريش : إن نتبع الـحقّ الذي جئتنا به معك ، ونتبرأ من الأنداد والآلهة ، يتـخطفنا الناس من أرضنا بإجماع جميعهم علـى خلافنا وحربنا ، يقول الله لنبـيه : فقل { أوَ لَـمْ نُـمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً } يقول : أو لـم نوطىء لهم بلدا حرّمنا علـى الناس سفك الدماء فـيه ، ومنعناهم من أن يتناولوا سكانه فـيه بسوء ، وأمنا علـى أهله من أن يصيبهم بها غارة ، أو قتل ، أو سبـاء . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن عبد الله بن أبـي ملـيكة ، عن ابن عبـاس ، أن الـحارث بن نوفل ، الذي قال : { إنْ نَتَّبِعِ الهُدَى مَعكَ نُتَـخَطَّفْ مِنْ أرْضِنا } وزعموا أنهم قالوا : قد علـمنا أنك رسول الله ، ولكنا نـخاف أن نُتَـخطف من أرضنا ، { أوَ لَـمْ نُـمَكِّنْ لَهُمْ } الآية . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله { وَقالُوا إنْ نَتَّبِعِ الهُدَى مَعَكَ نُتَـخَطَّفْ مِنْ أرْضِنا } قال : هم أناس من قريش قالوا لـمـحمد : إن نتبعك يتـخطفْنا الناس ، فقال الله { أوْ لَـمْ نُـمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِنا يُجْبَى إلَـيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ } . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله ويُتَـخَطف الناس من حولهم : قال : كان يغير بعضهم علـى بعض . وبنـحو الذي قلنا فـي معنى قوله { أوْلَـمْ نُـمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمنا } قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله { وَقالُوا إنْ نَتَّبِعِ الهُدَى مَعَكَ نُتَـخَطَّفْ مِنْ أرْضِن } قال الله { أوْ لَـمْ نُـمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِنا يُجْبَى إلَـيْهِ ثَمَرَاتُ كلِّ شَيْءٍ } يقول : أو لـم يكونوا آمنـين فـي حرمهم لا يغزون فـيه ولا يخافون ، يجبى إلـيه ثمرات كلِّ شيء . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي أبو سفـيان ، عن معمر ، عن قَتادة { أوَ لَـمْ نُـمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِنا } قال : كان أهل الـحرم آمنـين يذهبون حيث شاءوا ، إذا خرج أحدهم فقال : إنـي من أهل الـحرم لـم يُتَعرّض له ، وكان غيرهم من الناس إذا خرج أحدهم قُتل . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله { أوَ لَـمْ نُـمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِنا } قال : آمناكم به ، قال : هي مكة ، وهم قريش . وقوله : { يُجْبَى إلَـيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ } يقول يجمع إلـيه ، وهو من قولهم : جبـيت الـماء فـي الـحوض : إذا جمعته فـيه ، وإنـما أريد بذلك : يحمل إلـيه ثمرات كلّ بلد . كما : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن عطية ، عن شريك ، عن عثمان بن أبـي زرعة ، عن مـجاهد ، عن ابن عبـاس فـي { يُجْبَى إلْـيهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ } قال : ثمرات الأرض . وقوله : { رِزْقاً مَنْ لَدنَّا } يقول : ورزقاً رزقناهم من لدنا ، يعنـي : من عندنا { وَلَكِنَّ أكْثَرَهُمْ لا يَعْلَـمُونَ } يقول تعالـى ذكره : ولكن أكثر هؤلاء الـمشركين القائلـين لرسول الله صلى الله عليه وسلم : { إنْ نَتَّبِعِ الهُدَى مَعكَ نُتَـخَطَّفْ مِنْ أرْضِنا } لا يعلـمون أنا نـحن الذين مكَّنا لهم حرماً آمنا ، ورزقناهم فـيه ، وجعلنا الثمرات من كلّ أرض تـجبى إلـيهم ، فهم بجهلهم بـمن فعل ذلك بهم يكفرون ، لا يشكرون من أنعم علـيهم بذلك .