Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 78-78)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : قال قارون لقومه الذين وعظوه : إنـما أوتـيتُ هذه الكنوز علـى فضل علـم عندي ، علـمه الله منـي ، فرضي بذلك عنـي ، وفَضلنـي بهذا الـمال علـيكم ، لعلـمه بفضلـي علـيكم . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا أبو سفـيان ، عن معمر ، عن قَتادة { قالَ إنَّـمَا أُوتِـيتُهُ عَلـى عِلْـمٍ عِنْدِي } قال : علـى خبر عندي . قال : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد فـي قوله { إنَّـمَا أُوتـيتُهُ عَلـى عِلْـمٍ عِنْدِي } قال : لولا رضا الله عنـي ومعرفته بفضلـي ما أعطانـي هذا ، وقرأ : { أوَ لَـمْ يَعْلَـمْ أنَّ اللّهَ قَدْ أهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وأكْثَرُ جَمْعاً … } الآية . وقد قـيـل : إن معنى قوله : عِنْدِي بـمعنى : أرَى ، كأنه قال : إنـما أوتـيته لفضل علـمي ، فـيـما أرَى . وقوله : { أوَ لَـمْ يَعْلَـمْ أنَّ اللّهَ قَدْ أهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وأكْثَرُ جَمْعاً } يقول جلّ ثناؤه : أو لـم يعلـم قارون حين زعم أنه أوتـي الكنوز لفضل علـم عنده علـمته أنا منه ، فـاستـحقّ بذلك أن يُؤتـى ما أُوتـي من الكنوز ، أن الله قد أهلك من قبله من الأمـم من هو أشدّ منه بطشاً ، وأكثر جمعاً للأموال ولو كان الله يؤتـي الأموال من يؤتـيه لفضل فـيه وخير عنده ، ولرضاه عنه ، لـم يكن يهلك من أهلك من أربـاب الأموال الذين كانوا أكثر منه مالاً ، لأن من كان الله عنه راضياً ، فمـحال أن يهلكه الله ، وهو عنه راض ، وإنـما يهلك من كان علـيه ساخطاً . وقوله : { وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الـمُـجْرِمُونَ } قـيـل : إن معنى ذلك أنهم يدخـلون النار بغير حساب . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا سفـيان ، عن عمر ، عن قتادة { وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الـمُـجْرِمُونَ } قال : يُدْخَـلون النار بغير حساب . وقـيـل : معنى ذلك : أن الـملائكة لا تسأل عنهم ، لأنهم يعرفونهم بسيـماهم . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الـمُـجْرِمُونَ } كقوله : يُعْرَفُ الـمُـجْرِمُونَ بِسِيـماهُمْ زرقاً سود الوجوه ، والـملائكة لا تسأل عنهم قد عرفتهم . وقـيـل معنى ذلك : ولا يُسأل عن ذنوب هؤلاء الذين أهلكهم الله من الأمـم الـماضية الـمـجرمون فـيـم أهلكوا . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا موسى بن عبـيدة ، عن مـحمد بن كعب { وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الـمُـجْرِمُونَ } قال : عن ذنوب الذين مضوا فـيـم أهلكوا ، فـالهاء والـميـم فـي قوله { عَنْ ذُنُوبِهِم } علـى هذا التأويـل لـمن الذي فـي قوله : { أوَ لَـمْ يَعْلَـمْ أنَّ اللّهَ قَدْ أهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً } . وعلـى التأويـل الأوّل الذي قاله مـجاهد وقَتادة للـمـجرمين ، وهي بأن تكون من ذكر الـمـجرمين أولـى ، لأن الله تعالـى ذكره غير سائل عن ذنوب مذنب غير من أذنب ، لا مؤمن ولا كافر . فإذ كان ذلك كذلك ، فمعلوم أنه لا معنى لـخصوص الـمـجرمين ، لو كانت الهاء والـميـم اللتان فـي قوله { عَنْ ذُنُوبِهم } لـمن الذي فـي قوله { مَنْ هُوَ أشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً } من دون الـمؤمنـين ، يعنـي لأنه غير مسؤول عن ذلك مؤمن ولا كافر ، إلاَّ الذين ركبوه واكتسبوه .