Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 7-7)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : { وأوْحَيْنا إلـى أُمّ مُوسَى } حين ولدت موسى { أنْ أرْضِعِيهِ } . وكان قَتادة يقول ، فـي معنى ذلك { وأوْحَيْنا إلـى أُمّ مُوسَى } : قذفنا فـي قلبها . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة { وأوْحَيْنا إلـى أُمّ مُوسَى } وحيا جاءها من الله ، فقذف فـي قلبها ، ولـيس بوحي نبوّة ، أن أرضعي موسى { فإذَا خِفْتِ عَلَـيْهِ فَأَلْقِـيهِ فِـي الـيَـمّ ، وَلا تَـخافِـي وَلا تَـحْزَنِـي … } الآية . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي أبو سفـيان ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله { وأوْحَيْنا إلـى أُمّ مُوسَى } قال : قذف فـي نفسها . حدثنا موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، قال : أمر فرعون أن يذبح من ولد من بنـي إسرائيـل سنة ، ويتركوا سنة فلـما كان فـي السنة التـي يذبحون فـيها حملت بـموسى فلـما أرادت وضعه ، حزنت من شأنه ، فأوحى الله إلـيها { أنْ أرْضِعِيهِ فإذَا خِفْتِ عَلَـيْهِ فَألْقِـيهِ فِـي الـيَـمّ } . واختلف أهل التأويـل فـي الـحال التـي أمرت أمّ موسى أن تلقـي موسى فـي الـيـم ، فقال بعضهم : أُمرت أن تلقـيه فـي الـيـمّ بعد ميلاده بأربعة أشهر ، وذلك حال طلبه من الرضاع أكثر مـما يطلب الصبـيّ بعد حال سقوطه من بطن أمه . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قوله : { أنْ أرْضِعِيهِ فإذَا خِفْتِ عَلَـيْهِ } قال : إذا بلغ أربعة أشهر وصاح وابتغى من الرضاع أكثر من ذلك { فأَلْقِـيهِ } حينئذٍ { فـي الـيَـمّ } فذلك قوله : { فإذَا خِفْتِ عَلَـيْهِ } . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن أبـي بكر بن عبد الله ، قال : لـم يقل لها : إذا ولدتـيه فألقـيه فـي الـيـمّ ، إنـما قال لها { أنْ أرْضِعيهِ ، فإذَا خِفْتِ عَلَـيْهِ فَأَلْقـيهِ فِـي الْـيَـمّ } بذلك أُمرت ، قال : جعلته فـي بستان ، فكانت تأتـيه كلّ يوم فترضعه ، وتأتـيه كلّ لـيـلة فترضعه ، فـيكفـيه ذلك . وقال آخرون : بل أُمِرت أن تلقـيه فِـي الـيـم بعد ولادها إياه ، وبعد رضاعها . ذكر من قال ذلك : حدثنـي موسى بن هارون ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، قال : لـما وضعته أرضعته ثم دعت له نـجاراً ، فجعل له تابوتاً ، وجعل مفتاح التابوت من داخـل ، وجعلته فـيه ، فألقته فـي الـيّـم . وأولـى قول قـيـل فـي ذلك بـالصواب ، أن يقال : إن الله تعالـى ذكره أمر أمّ موسى أن ترضعه ، فإذا خافت علـيه من عدوّ الله فرعون وجنده أن تلقـيه فـي الـيـمّ . وجائز أن تكون خافتهم علـيه بعد أشهر من ولادها إياه وأيّ ذلك كان ، فقد فعلت ما أوحى الله إلـيها فـيه ، ولا خبر قامت به حجة ، ولا فطرة فـي العقل لبـيان أيّ ذلك كان من أيَ ، فأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصحة أن يُقال كما قال جلّ ثناؤه . والـيـمّ الذي أُمِرَت أن تلقـيه فـيه هو النـيـل . كما : حدثنا موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ { فَألْقِـيهِ فِـي الْـيَـمِ } قال : هو البحر ، وهو النـيـل . وقد بـيَّنا ذلك بشواهده ، وذكر الرواية فـيه فـيـما مضى بـما أغنى عن إعادته . وقوله : { وَلا تَـخافِـي وَلا تَـحْزَنِـي } يقول : لا تـخافـي علـى ولدك من فرعون وجنده أن يقتلوه ، ولا تـحزنـي لفراقه . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : { وَلا تَـخافِـي وَلا تَـحْزَنِـي } قال : لا تـخافـي علـيه البحر ، ولا تـحزنـي لفراقه { إنَّا رَادُّوه إلَـيْكِ } . وقوله : { إنَّا رَادُّوهُ إلَـيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الـمُرْسَلِـينَ } يقول : إنا رادّو ولدك إلـيك للرضاع لتكونـي أنت ترضعيه ، وبـاعثوه رسولاً إلـى من تـخافـينه علـيه أن يقتله ، وفعل الله ذلك بها وبه . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك ، قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق { إنَّا رَادُّوهُ إلَـيْكِ } وبـاعثوه رسولاً إلـى هذه الطاغية ، وجاعلو هلاكه ونـجاة بنـي إسرائيـل مـما هم فـيه من البلاء علـى يديه .