Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 3-3)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : ولقد اختبرنا الذين من قبلهم من الأمـم ، مـمن أرسلنا إلـيهم رسلنا ، فقالوا مثل ما قالته أمتك يا مـحمد بأعدائهم ، وتـمكيننا إياهم من أذاهم ، كموسى إذا أرسلناه إلـى بنـي إسرائيـل ، فـابتلـيناهم بفرعون وملئهم ، وكعيسى إذ أرسلناه إلـى بنـي إسرائيـل ، فـابتلَـينا من اتبعه بـمن توَلـى عنه ، فكذلك ابتلـينا أتبـاعك بـمخالفـيك من أعدائك { فَلَـيَعْلَـمَنَّ اللّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا } منهم فـي قـيـلهم آمنا { وَلَـيَعْلَـمَنَّ الكاذِبِـين } منهم فـي قـيـلهم ذلك ، والله عالـم بذلك منهم قبل الاختبـار ، وفـي حال الاختبـار ، وبعد الاختبـار ، ولكن معنى ذلك : ولَـيُظْهِرَنّ الله صدق الصادق منهم فـي قـيـله آمنا بـالله من كذب الكاذب منهم بـابتلائه إياه بعدوّه ، لـيعلـم صدقه من كذبه أولـياؤه ، علـى نـحو ما قد بـيَّناه فـيـما مضى قبلُ . وذكر أن هذه الآية نزلت فـي قوم من الـمسلـمين عذّبهم الـمشركون ، ففتن بعضهم ، وصبر بعضهم علـى أذاهم حتـى أتاهم الله بفرج من عنده . ذكر الرواية بذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : سمعت عبد الله بن عبـيد بن عمير يقول : نزلت ، يعنـي هذه الآية { آلـم . أحَسِبَ الناسُ أنْ يُتْرَكُوا أنْ يَقُولُوا آمَنَّا … } إلـى قوله { وَلَـيَعْلَـمَنَّ الكاذِبِـينَ } فـي عمَّار بن ياسر ، إذ كان يعذّب فـي الله . وقال آخرون : بل نزل ذلك من أجل قوم كانوا قد أظهروا الإسلام بـمكة ، وتـخـلفوا عن الهجرة ، والفتنة التـي فتن بها هؤلاء القوم علـى مقالة هؤلاء ، هي الهجرة التـي امتـحنوا بها . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن مطر ، عن الشعبـيِّ ، قال : إنها نزلت ، يعنـي { الـم . أحَسِبَ النَّاسُ أنْ يُترَكُوا } الآيتـين فـي أناس كانوا بـمكة أقرّوا بـالإسلام ، فكتب إلـيهم أصحاب مـحمد نبـيِّ الله صلى الله عليه وسلم من الـمدينة : إنه لا يقبل منكم إقرارا بـالإسلام حتـى تهاجروا ، فخرجوا عامدين إلـى الـمدينة ، فـاتبعهم الـمشركون ، فردّوهم ، فنزلت فـيهم هذه الآية ، فكتبوا إلـيهم : إنه قد نزلت فـيكم آية كذا وكذا ، فقالوا : نـخرج ، فإن اتبعنا أحد قاتلناه قال : فخرجوا فـاتبعهم الـمشركون فقاتلوهم ثم ، فمنهم من قتل ، ومنهم من نـجا ، فأنزل الله فـيهم : { ثُمَّ إنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ، ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبرُوا إنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رحِيـمٌ } حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله { وَلَقَدْ فَتَنَّا } قال : ابتلـينا . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد ، مثْله . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفـيان ، عن أبـي هاشم ، عن مـجاهد { وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } قال : ابتلـينا الذين من قبلهم . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن سفـيان ، عن أبـي هاشم ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله { وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } أي ابتلـينا .