Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 45-45)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم { اتْلُ } يعنـي اقرأ { ما أُوحِيَ إلَـيْكَ } مِنَ الكِتابِ يعنـي ما أنزل إلـيك من هذا القرآن { وأقِمِ الصَّلاة } يعنـي : وأدّ الصلاة التـي فرضها الله علـيك بحدودها { إنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشاءِ وَالـمُنْكَر } . اختلف أهل التأويـل فـي معنى الصلاة التـي ذكرت فـي هذا الـموضع ، فقال بعضهم : عنى بها القرآن الذي يقرأ فـي موضع الصلاة ، أو فـي الصلاة . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن يـمان ، عن أبـي الوفـاء ، عن أبـيه ، عن ابن عمر { إنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشاءِ وَالـمُنْكَرِ } قال : القرآن الذي يقرأ فـي الـمساجد . وقال آخرون : بل عنى بها الصلاة . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله { إنَّ الصَّلاة تَنْهَى عَنِ الفَحْشاءِ وَالـمُنْكَرِ } يقول : فـي الصلاة منتهى ومزدجر عن معاصي الله . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا خالد بن عبد الله ، عن العلاء بن الـمسيب ، عمن ذكره ، عن ابن عبـاس ، فـي قول الله { إنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشاءِ وَالـمُنْكَرِ } من لـم تنهه صلاته عن الفحشاء والـمنكر لـم يزدد بصلاته إلاَّ بُعْداً . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا خالد ، قال : قال العلاء بن الـمسيب ، عن سمرة بن عطية ، قال : قـيـل لابن مسعود ، إن فلانا كثـير الصلاة ، قال : فإنها لا تنفع إلاَّ من أطاعها . قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مالك بن الـحارث ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن ابن مسعود ، قال : من لـم تأمره صلاته بـالـمعروف ، وتنهه عن الـمنكر ، لـم يزدد بها من الله إلاَّ بعداً . قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا علـيّ بن هاشم بن البريد ، عن جُوَيبر ، عن الضحاك ، عن ابن مسعود ، عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا صَلاةَ لِـمَنْ لَـمْ يُطِعِ الصَّلاةَ ، وَطاعَةُ الصَّلاةِ أنْ تَنْهَى عَنِ الفَحْشاءِ وَالـمُنْكَرِ " قال : قال سفـيان قالُوا يا شُعَيْبُ أصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ قال : فقال سفـيان : إي والله تأمره وتنهاه . قال علـي : وحدثنا إسماعيـل بن مسلـم ، عن الـحسن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَنْ صَلـى صَلاةً لَـمْ تَنْهَهُ عَنِ الفَحْشاءِ وَالـمُنْكَرِ لَـمْ يَزْدَدْ بِها مِنَ اللّهِ إلاَّ بُعْداً . " حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا ابن علـية ، عن يونس ، عن الـحسن ، قال : الصلاة إذا لـم تنهه عن الفحشاء والـمنكر ، قال : من تنهه صلاته عن الفحشاء والـمنكر ، لـم يزدد من الله إلاَّ بعداً . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة والـحسن ، قالا : من لـم تنهه صلاته عن الفحشاء والـمنكر ، فإنه لا يزداد من الله بذلك إلاَّ بعداً . والصواب من القول فـي ذلك أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والـمنكر ، كما قال ابن عبـاس وابن مسعود . فإن قال قائل : وكيف تنهى الصلاة عن الفحشاء والـمنكر إن لـم يكن معنـياً بها ما يتلـى فـيها ؟ قـيـل : تنهى من كان فـيها ، فتـحول بـينه وبـين إتـيان الفواحش ، لأن شغله بها يقطعه عن الشغل بـالـمنكر ، ولذلك قال ابن مسعود : من لـم يطع صلاته لـم يزدد من الله إلاَّ بعداً . وذلك أن طاعته لها إقامته إياها بحدودها ، وفـي طاعته لها مزدجر عن الفحشاء والـمنكر . حدثنا أبو حميد الـحمصي ، قال : ثنا يحيى بن سعيد العطار ، قال : ثنا أرطاة ، عن ابن عون ، فـي قول الله { إنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشاءِ والـمُنْكَرِ } قال : إذا كنت فـي صلاة ، فأنت فـي معروف ، وقد حجزتك عن الفحشاء والـمنكر ، والفحشاء : هو الزنا . والـمنكر : معاصي الله . ومن أتـى فـاحشة أو عَصَى الله فـي صلاته بـما يفسد صلاته ، فلا شكّ أنه لا صلاة له . وقوله : { وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ } اختلف أهل التأويـل فـي تأويـله ، فقال بعضهم : معناه : ولذكر الله إياكم أفضل من ذكركم . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا عطاء بن السائب ، عن عبد الله بن ربـيعة ، قال : قال لـي ابن عبـاس : هل تدري ما قوله { وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَر } قال : قلت : نعم ، قال : فما هو ؟ قال : قلت : التسبـيح والتـحميد والتكبـير فـي الصلاة ، وقراءة القرآن ونـحو ذلك ، قال : لقد قلت قولاً عجبـا وما هو كذلك ، ولكنه إنـما يقول : ذكر الله إياكم عندما أمر به أو نهى عنه إذا ذكرتـموه أكبر من ذكركم إياه . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن سفـيان ، عن عطاء بن السائب ، عن ابن ربـيعة ، عن ابن عبـاس قال : ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن عطاء ، عن عبد الله بن ربـيعة ، قال : سألنـي ابن عبـاس ، عن قول الله { وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ } فقلت : ذكره بـالتسبـيح والتكبـير والقرآن حسن ، وذكره عند الـمـحارم فـيحتـجز عنها ، فقال : لقد قلت قولاً عجيبـا وما هو كما قلت ، ولكن ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا سفـيان ، عن عطاء بن السائب ، عن عبد الله بن ربـيعة ، عن ابن عبـاس { وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ } قال : ذكر الله للعبد أفضل من ذكره إياه . حدثنا مـحمد بن الـمثنى وابن وكيع ، قال ابن الـمثنى : ثنـي عبد الأعلـى ، وقال ابن وكيع : ثنا عبد الأعلـى قال : ثنا داود ، عن مـحمد بن أبـي موسى ، قال : كنت قاعداً عند ابن عبـاس ، فجاءه رجل ، فسأل ابن عبـاس عن ذكر الله أكبر ، فقال ابن عبـاس : الصلاة والصوم قال : ذاك ذكر الله ، قال رجل : إنـي تركت رجلاً فـي رحلـي يقول غير هذا ، قال : { وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ } قال : ذكر الله العبـاد أكبر من ذكر العبـاد إياه ، فقال ابن عبـاس : صدق والله صاحبك . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب القمي ، عن جعفر ، عن سعيد بن جُبَـير ، قال : جاء رجل إلـى ابن عبـاس ، فقال : حدثنـي عن قول الله { وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ } قال : ذكر الله لكم أكبر من ذكركم له . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا حماد بن سلـمة ، عن داود ، عن عكرمة { وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ } قال : ذكر الله للعبد أفضل من ذكره إياه . حدثنا أبو هشام الرفـاعي ، قال : ثنا ابن فضيـل ، قال : ثنا فضيـل بن مرزوق ، عن عطية { وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ } قال : هو قوله : { فـاذْكُرُونِـي أذْكُرْكُمْ } وذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه . حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس { وَلَذِكْرُ اللّهِ } لعبـاده إذا ذكروه { أكْبَرُ } من ذكركم إياه . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ } قال : ذكر الله عبده أكبر من ذكر العبد ربه فـي الصلاة أو غيرها . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا هشيـم ، عن داود بن أبـي هند ، عن مـحمد بن أبـي موسى ، عن ابن عبـاس ، قال : ذكر الله إياكم إذا ذكرتـموه أكبر من ذكركم إياه . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا أبو تُـمَيْـلة ، عن أبـي حمزة ، عن جابر ، عن عامر ، عن أبـي قرة ، عن سلـمان ، مثله . حدثنا أبو هشام الرفـاعي ، قال : ثنا أبو أسامة ، قال : ثنـي عبد الـحميد بن جعفر ، عن صالـح بن أبـي عَريب ، عن كثـير بن مرّة الـحضرميّ ، قال : سمعت أبـا الدرداء ، يقول : « ألا أخبركم بخير أعمالكم وأحبها إلـى ملـيككم ، وأرفعها فـي درجاتكم ، وخير من أن تغزوا عدوّكم ، فتضربوا أعناقهم ، وخير من إعطاء الدنانـير والدراهم ؟ قالوا : ما هو ؟ قال : ذكركم ربكم ، وذكر الله أكبر » . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، قال : ثنا سفـيان ، عن جابر ، عن عامر ، عن أبـي قرّة ، عن سلـمان { وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ } قال : قال ذكر الله إياك أكبر من ذكركم إياه . قال : ثنـي أبـي ، عن إسرائيـل ، عن جابر ، عن عامر ، قال : سألت أبـا قرة ، عن قوله { وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ } قال : ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه . قال : ثنا أبـي ، عن إسرائيـل ، عن جابر ، عن مـجاهد وعكرمة قالا : ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه . قال : ثنا ابن فضيـل ، عن مطرف ، عن عطية ، عن ابن عبـاس ، قال : هو كقوله : { فـاذْكُرُونِـي أذْكرْكُمْ } فذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه . قال : ثنا حسن بن علـيّ ، عن زائدة ، عن عاصم ، عن شقـيق ، عن عبد الله { ولَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ } قال : ذكر الله العبد أكبر من ذكر العبد لربه . قال : ثنا أبو يزيد الرازي ، عن يعقوب ، عن جعفر ، عن شعبة ، قال : ذكر الله لكم أكبر من ذكركم له . وقال آخرون : بل معنى ذلك : ولذكركم الله أفضل من كلّ شيء . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا عمر بن أبـي زائدة ، عن العيزار بن حريث ، عن رجل ، عن سلـمان ، أنه سئل : أيّ العمل أفضل ؟ قال : أما تقرأ القرآن { وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ } : لا شيء أفضل من ذكر الله . حدثنا ابن حميد أحمد بن الـمغيرة الـحمصي ، قال : ثنا علـي بن عياش ، قال : ثنا اللـيث ، قال : ثنـي معاوية ، عن ربـيعة بن يزيد ، عن إسماعيـل بن عبـيد الله ، عن أمّ الدرداء ، أنها قالت : { وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ } فإن صلـيت فهو من ذكر الله ، وإن صمت فهو من ذكر الله ، وكلّ خير تعمله فهو من ذكر الله وكل شرّ تـجتنبه فهو من ذكر الله ، وأفضل ذلك تسبـيحُ الله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة { وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ } قال : لا شيء أكبر من ذكر الله ، قال : أكبر الأشياء كلها ، وقرأ { أقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي } قال : لذكر الله : وإنه لـم يصفه عند القتال إلاَّ أنه أكبر . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن الأعمش ، عن أبـي إسحاق ، قال : قال رجل لسلـمان : أيّ العمل أفضل ، قال : ذكر الله . وقال آخرون : هو مـحتـمل للوجهين جميعا ، يعنون القول الأوّل الذي ذكرناه والثانـي . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا ابن علـية ، عن خالد ، عن عكرِمة ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله { وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ } قال : لها وجهان : ذكر الله أكبر مـما سواه ، وذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا إسماعيـل بن إبراهيـم ، قال : ثنا خالد الـحذّاء ، عن عكرِمة ، عن ابن عبـاس فـي : { وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ } قال : لها وجهان : ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه ، وذكر الله عند ما حُرم . وقال آخرون : بل معنى ذلك : لذكر الله العبد فـي الصلاة أكبر من الصلاة . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا عبـيد الله ، عن إسرائيـل ، عن السُّدِّي عن أبـي مالك ، فـي قوله { وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ } قال : ذكر الله العبد فـي الصلاة ، أكبر من الصلاة . وقال آخرون : بل معنى ذلك : وللصلاة التـي أتـيت أنت بها ، وذكرك الله فـيها أكبر مـما نهتك الصلاة من الفحشاء والـمنكر . حدثنـي أحمد بن الـمغيرة الـحمصي ، قال : ثنا يحيى بن سعيد العطار ، قال : ثنا أرطاة ، عن ابن عون ، فـي قول الله { إنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشاءِ وَالـمُنْكَرِ } والذي أنت فـيه من ذكر الله أكبر . قال أبو جعفر : وأشبه هذه الأقوال بـما دلّ علـيه ظاهر التنزيـل قول من قال : ولذكر الله إياكم أفضل من ذكركم إياه . وقوله : { وَاللّهُ يَعْلَـمُ ما تَصْنَعُونَ } يقول : والله يعلـم ما تصنعون أيها الناس فـي صلاتكم من إقامة حدودها ، وترك ذلك وغيره من أموركم ، وهو مـجازيكم علـى ذلك ، يقول : فـاتقوا أن تضيعوا شيئاً من حدودها ، والله أعلـم .