Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 123-123)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعني بذلك جلّ ثناؤه : وإن تصبروا وتتقوا ، لا يضرّكم كيدهم شيئاً ، وينصركم ربكم ، { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ } علـى أعدائكم { وَأَنتُمْ } يومئذٍ { أَذِلَّةٍ } يعنـي قلـيـلون ، فـي غير منعة من الناس ، حتـى أظهركم الله علـى عدوّكم مع كثرة عددهم ، وقلة عددكم ، وأنتـم الـيوم أكثر عدداً منكم حينئذٍ ، فإن تصبروا لأمر الله ينصركم كما نصركم ذلك الـيوم { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } يقول تعالـى ذكره : فـاتقوا ربكم بطاعته واجتناب مـحارمه { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } يقول : لتشكروه علـى ما منَّ به علـيكم من النصر علـى أعدائكم ، وإظهار دينكم ، ولـما هداكم له من الـحقّ الذي ضلّ عنه مخالفوكم . كما : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق : { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ } يقول : وأنتـم أقلّ عدداً ، وأضعف قوّة . { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } أي فـاتقون ، فإنه شكر نعمتـي . واختلف فـي الـمعنى الذي من أجله سمي بدر بدراً ، فقال بعضهم : سمي بذلك لأنه كان ماء لرجل يسمى بدراً ، فسمي بـاسم صاحبه . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن زكريا ، عن الشعبـي ، قال : كانت بدر لرجل يقال له بدر ، فسميت به . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا زكريا ، عن الشعبـي أنه قال : { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ } قال : كانت بدر بئراً لرجل يقال له بدر ، فسميت به . وأنكر ذلك آخرون وقالوا : ذلك اسم سميت به البقعة كما سمي سائر البلدان بأسمائها ذكر من قال ذلك : حدثنا الـحرث بن مـحمد ، قال : ثنا ابن سعد ، قال : ثنا مـحمد بن عمر الواقدي ، قال : ثنا منصور ، عن أبـي الأسود ، عن زكريا ، عن الشعبـي ، قال : إنـما سمي بدراً لأنه كان ماء لرجل من جهينة يقال له بدر . وقال الـحرث : قال ابن سعد : قال الواقدي : فذكرت ذلك لعبد الله بن جعفر ومـحمد بن صالـح ، فأنكراه ، وقالا : فلأيّ شيء سميت الصفراء ؟ ولأيّ شيء سميت الـحمراء ؟ ولأيّ شيء سمي رابغ ؟ هذا لـيس بشيء ، إنـما هو اسم الـموضع . قال : وذكرت ذلك لـيحيـى بن النعمان الغفـاري ، فقال : سمعت شيوخنا من بنـي غفـار يقولون : هو ماؤنا ومنزلنا ، وما ملكه أحد قط يقال له بدر ، وما هو من بلاد جهينة إنـما هي بلاد غفـار . قال الواقدي : فهذا الـمعروف عندنا . حُدثت عن الـحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبـا معاذ ، قال : أخبرنا عبـيد بن سلـيـمان ، قال : سمعت الضحاك يقول : بدر ماء عن يـمين طريق مكة بـين مكة والـمدينة . وأما قوله : { أَذِلَّةٍ } فإنه جمع ذلـيـل ، كما الأعزّة جمع عزيز ، والألبّة جمع لبـيب . وإنـما سماهم الله عزّ وجلّ أذلة لقلة عددهم ، لأنهم كانوا ثلثمائة نفس وبضعة عشر ، وعدوّهم ما بـين التسعمائة إلـى الألف ، علـى ما قد بـينا فـيـما مضى ، فجعلهم لقلة عددهم أذلة . وبنحو ما قلنا فـي ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } وبدر : ماء بـين مكة والـمدينة ، التقـى علـيه نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم والـمشركون ، وكان أوّل قتال قاتله نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم . وذكر لنا أنه قال لأصحابه يومئذٍ : " أنْتُـمْ الـيَوْمَ بعدَّةِ أصحَابِ طالُوتَ يَوْمَ لَقِـيَ جالُوتَ " فكانُوا ثَلَثَمِائةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً ، وَالـمُشْرِكُونَ يَوْمَئِذٍ ألْفٌ أوْ رَاهَقُوا ذَلِكَ . حدثنـي مـحمد بن سنان ، قال : ثنا أبو بكر ، عن عبـاد ، عن الـحسن فـي قوله : { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } قال : يقول : وأنتـم أذلة قلـيـل ، وهم يومئذٍ بضعة عشر وثلثمائة . حُدثت عن عمار ، قال : ثنا ابن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن الربـيع ، نـحو قول قتادة . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق : { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ } أقلّ عدداً وأضعف قوّة . وأما قوله : { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } فإن تأويـله كالذي قد بـينت كما : حدثنا ابن حميد ، قال ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق : { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } : أي فـاتقونـي ، فإنه شكر نعمي .