Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 133-133)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعنـي تعالـى ذكره بقوله : { وَسَارِعُواْ } وبـادروا وسابقوا إلـى مغفرة من ربكم ، يعنـي : إلـى ما يستر علـيكم ذنوبكم من رحمته ، وما يغطيها علـيكم من عفوه عن عقوبتكم علـيها { وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } يعنى سارعوا أيضاً إلـى جنة عرضها السموات والأرض ، ذكر أن معنى ذلك : وجنة عرضها كعرض السموات السبع ، والأرضين السبع ، إذا ضمّ بعضها إلـى بعض . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السدي : { وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } قال : قال ابن عبـاس : تقرن السموات السبع والأرضون السبع ، كما تقرن الثـياب بعضها إلـى بعض ، فذاك عرض الـجنة . وإنـما قـيـل : { وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } فوصف عرضها بـالسموات والأرضين ، والـمعنى ما وصفنا من وصف عرضها بعرض السموات والأرض ، تشبـيهاً به فـي السعة والعظم ، كما قـيـل : { مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وٰحِدَةٍ } [ لقمان : 28 ] يعنـي إلا كبعث نفس واحدة ، وكما قال الشاعر : @ كأنَّ عَذِيرَهُمْ بجَنُوبِ سِلَّـى نَعامٌ قَاقَ فَـي بَلَدٍ قِـفـارِ @@ أي عذير نعام ، وكما قال الآخر : @ حَسِبْتُ بُغامَ رَاحِلَتـي عَناقاً وَما هِيَ وَيْبَ غَيْرِكَ بـالْعَناقِ @@ يريد صوت عناق . وقد ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل فقـيـل له : هذه الـجنة عرضها السموات والأرض ، فأين النار ؟ فقال : " هَذَا النَّهارُ إذَا جَاءَ ، أيْنَ اللَّـيْـلُ ؟ " ذكر الأخبـار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنـي مسلـم بن خالد ، عن ابن خثـيـم ، عن سعيد بن أبـي راشد ، عن يعلـى بن مرة ، قال : لقـيت التنوخيّ رسول هرقل إلـى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمص شيخاً كبـيراً قد أقعد ، قال : قدمت علـى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب هرقل ، فناول الصحيفة رجلاً عن يساره ، قال : قلت من صاحبكم الذي يقرأ ؟ قالوا : معاوية ، فإذا هو : إنك كتبت تدعونـي إلـى جنة عرضها السموات والأرض أعدّت للـمتقـين ، فأين النار ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سُبْحانَ اللَّهِ ، فأيْنَ اللَّـيْـلُ إذَا جاءَ النَّهارُ ؟ " حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : ثنا سفـيان ، عن قـيس بن مسلـم ، عن طارق بن شهاب : أن ناساً من الـيهود سألوا عمر بن الـخطاب عن جنة عرضها السموات والأرض ، أين النار ؟ قال : « أرأيتـم إذا جاء اللـيـل أين يكون النهار ؟ » فقالوا : اللهمّ نزعْتَ مثله من التوراة . حدثنـي مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن قـيس بن مسلـم ، عن طارق بن شهاب : أن عمر أتاه ثلاثة نفر من أهل نـجران ، فسألوه وعنده أصحابه ، فقالوا : أرأيت قوله : { وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } فأين النار ؟ فأحجم الناس ، فقال عمر : « أرأيتـم إذا جاء اللـيـل ، أين يكون النهار ؟ وإذا جاء النهار ، أين يكون اللـيـل ؟ » فقالوا : نزعت مثلها من التوراة . حدثنا ابن الـمثنى ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : أخبرنا شعبة ، عن إبراهيـم بن مهاجر ، عن طارق بن شهاب ، عن عمر ، بنـحوه فـي الثلاثة الرهط الذين أتوا عمر ، فسألوه عن جنة عرضها كعرض السموات والأرض ، بـمثل حديث قـيس بن مسلـم . حدثنا مـجاهد بن موسى ، قال : ثنا جعفر بن عون ، أخبرنا الأعمش ، عن قـيس بن مسلـم ، عن طارق بن شهاب ، قال : جاء رجل من الـيهود إلـى عمر ، فقال : تقولون : جنة عرضها السموات والأرض أين تكون النار ؟ فقال له عمر : أرأيت النهار إذا جاء ، أين يكون اللـيـل ؟ أرأيت اللـيـل إذا جاء ، أين يكون النهار ؟ فقال : إنه لـمثلها فـي التوراة ، فقال له صاحبه : لـم أخبرته ؟ فقال له صاحبه : دعه إنه بكلٍّ موقنٌ . حدثنـي أحمد بن حازم ، قال : أخبرنا أبو نعيـم ، قال : ثنا جعفر بن برقان ، قال : ثنا يزيد بن الأصم أن رجلاً من أهل الكتاب أتـى ابن عبـاس ، فقال : تقولون جنة عرضها السموات والأرض ، فأين النار ؟ فقال ابن عبـاس : أرأيت اللـيـل إذا جاء ، أين يكون النهار ؟ وإذا جاء النهار ، أين يكون اللـيـل ؟ وأما قوله : { أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } فإنه يعنـي : إن الـجنة التـي عرضها كعرض السموات والأرضين السبع أعدها الله للـمتقـين ، الذين اتقوا الله ، فأطاعوه فـيـما أمرهم ونهاهم ، فلـم يتعدّوا حدوده ، ولـم يقصروا فـي واجب حقه علـيهم فـيضيعوه . كما : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، قال : { وَسَارِعُواْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَـٰوَاتُ وَٱلأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } : أي ذلك لـمن أطاعنـي وأطاع رسولـي .