Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 135-135)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعني بقوله جلّ ثناؤه : { وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً } : أن الجنة التي وصف صفتها أعدت للمتقين ، المنفقين في السرّاء والضرّاء ، والذين إذا فعلوا فاحشة وجميع هذه النعوت من صفة المتقين الذين قال تعالـى ذكره : { وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } [ آل عمران : 133 ] . كما : حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا جعفر بن سلـيـمان ، عن ثابت البنانـي ، قال : سمعت الـحسن قرأ هذه الآية : { ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِى السَّرَّاء وَٱلضَّرَّاء وَٱلْكَـٰظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَـٰفِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ } [ آل عمران : 134 ] ، ثم قرأ : { وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ } … إلـى { أَجْرُ ٱلْعَـٰمِلِينَ } فقال : إن هذين النعتـين لنعت رجل واحد . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مـجاهد : { وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ } قال : هذان ذنبـان : الفـاحشة ذنب ، وظلـموا أنفسهم ذنب . وأما الفـاحشة فهي صفة لـمتروك ، ومعنى الكلام : والذين إذا فعلوا فعلة فـاحشة . ومعنى الفـاحشة : الفعلة القبـيحة الـخارجة عما أذن الله عزّ وجلّ فـيه . وأصل الفحش القبح والـخروج عن الـحدّ والـمقدار فـي كل شيء ، ومنه قـيـل للطويـل الـمفرط الطول : إنه لفـاحش الطول ، يراد به : قبـيح الطول ، خارج عن الـمقدار الـمستـحسن ومنه قـيـل للكلام القبـيح غير القصد : كلام فـاحش ، وقـيـل للـمتكلـم به : أفحش فـي كلامه : إذا نطق بفحش . وقـيـل : إن الفـاحشة فـي هذا الـموضع معنّـي بها الزنا . ذكر من قال ذلك : حدثنا العبـاس بن عبد العظيـم ، قال : ثنا حبـان ، قال : ثنا حماد ، عن ثابت ، عن جابر : { وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً } قال : زنى القوم وربّ الكعبة . حدثنا مـحمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السدي : { وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً } أما الفـاحشة : فـالزنا . وقوله : { أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ } يعنـي به : فعلوا بأنفسهم غير الذي كان ينبغي لهم أن يفعلوا بها . والذي فعلوا من ذلك ركوبهم من معصية الله ما أوجبوا لها به عقوبته . كما حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن سفـيان ، عن منصور ، عن إبراهيـم ، قوله : { وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ } قال : الظلـم من الفـاحشة ، والفـاحشة من الظلـم . وقوله : { ذَكَرُواْ ٱللَّهَ } يعنـي بذلك ذكروا وعيد الله علـى ما أتوا من معصيتهم إياه . { فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ } يقول : فسألوا ربهم أن يستر علـيهم ذنوبهم بصفحه لهم عن العقوبة علـيها . { وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ } يقول : وهل يغفر الذنوب : أي يعفو عن راكبها فـيسترها علـيه إلا الله ؟ { وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ } يقول : ولـم يقـيـموا علـى ذنوبهم التـي أتوها ، ومعصيتهم التـي ركبوها { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } يقول : لـم يقـيـموا علـى ذنوبهم عامدين للـمقام علـيها ، وهم يعلـمون أن الله قد تقدّم بـالنهي عنها ، وأوعد علـيها العقوبة ، من ركبها . وذكر أن هذه الآية أنزلت خصوصاً بتـخفـيفها ويسرها أُمَّتَنا مـما كانت بنو إسرائيـل مـمتـحنة به من عظيـم البلاء فـي ذنوبها . حدثنـي القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء بن أبـي ربـاح : أنهم قالوا : يا نبـي الله ، بنو إسرائيـل أكرم علـى الله منا ، كانوا إذا أذنب أحدهم أصبحت كفـارة ذنبه مكتوبة فـي عتبة بـابه : اجدع أذنك ، أجدع أنفك ، افعل ! فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلت : { وَسَارِعُواْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَـٰوٰتُ وَٱلأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } [ آل عمران : 133 ] … إلـى قوله : { وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ } ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرٍ مِنَ ذَلِكَ ؟ " فقرأ هؤلاء الآيات . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي عمر ابن أبـي خـلـيفة العبديّ ، قال : ثنا علـيّ بن زيد بن جدعان ، قال : قال ابن مسعود : كانت بنو إسرائيـل إذا أذنبوا ، أصبح مكتوباً علـى بـابه الذنب وكفـارته ، فأعطينا خيراً من ذلك هذه الآية . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيـى بن واضح ، قال : ثنا جعفر بن سلـيـمان ، عن ثابت البنانـي ، قال : لـما نزلت : { وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ } [ النساء : 110 ] بكى إبلـيس فزعاً من هذه الآية . حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا جعفر بن سلـيـمان ، عن ثابت البنانـي ، قال : بلغنـي أن إبلـيس حين نزلت هذه الآية : { وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ } بكى . حدثنا مـحمد بن المثنى ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، قال : سمعت عثمان مولى آل أبي عقيل الثقفي ، قال : سمعت عليّ بن ربيعة ، يحدث عن رجل من فزارة يقال له أسماء أو ابن أسماء ، عن عليّ ، قال : كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً ، نفعنـي الله بما شاء أن ينفعني ، فحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " ما مِنْ عَبْدٍ " قال شعبة : وأحسبه قال " مُسْلِـمٍ يُذْنِبُ ذَنْبا ثم يَتَوضَّأُ ثم يُصَّلِّـي ركْعَتَـيْنِ ، ثم يَسْتَغْفِرُ الله لِذَلِكَ الذَّنْبِ … " وقال شعبة : وقرأ إحدى هاتـين الآيتـين : { مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ } [ النساء : 123 ] { وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ } . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، وحدثنا الفضل بن إسحاق ، قال : ثنا وكيع ، عن مسعر وسفـيان ، عن عثمان بن الـمغيرة الثقـفي ، عن علـيّ بن ربـيعة الوالبي ، عن أسماء بن الـحكم الفزاري ، عن علـيّ بن أبـي طالب قال : كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً نفعنـي الله بـما شاء منه ، وإذا حدثنـي عنه غيره ، استـحلفته ، فإذا حلف لـي صدقته وحدثنـي أبو بكر وصدق أبو بكر أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " « ما مِنْ رَجُلٍ يَذْنِبُ ذَنْبا ثُمَّ يَتَوَضَّأُ ، ثُمَّ يُصَلِّـي » ، قال أحدهما : « رَكْعَتَـيْنِ » وقال الآخر : « ثُمَّ يُصَلِّـي وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهُ إلاَّ غَفَرَ لَهُ » " حدثنا الزبـير بن بكار ، قال : ثنـي سعد بن أبـي سعيد الـمقبري ، عن أخيه ، عن جده عن علـيّ بن أبـي طالب أنه قال : ما حدثنـي أحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا سألته أن يقسم لـي بـالله لهو سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أبـا بكر ، فإنه كان لا يكذب . قال علـيّ رضي الله عنه : فحدثنـي أبو بكر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبا ثُمَّ يَقُومُ عِنْدَ ذِكْرِ ذَنْبِهِ فَـيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يُصَلِّـي رَكْعَتَـيْنِ ، وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْ ذَنْبِهِ ذَلِكَ إلاَّ غَفَرهُ اللَّهُ لَهُ " وأما قوله { ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ } فإنه كما بـينا تأويـله وبنـحو ذلك كان أهل التأويـل يقولون . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، ثنا ابن إسحاق : { وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً } : أي إن أتوا فـاحشة { أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ } بـمعصية ذكروا نهي الله عنها ، وما حرّم الله عنها ، فـاستغفروا لها ، وعرفوا أنه لا يغفر الذنوب إلا هو . وأما قوله : { وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ } فإن اسم الله مرفوع ، ولا جحد قبله ، وإنـما يرفع ما بعده إلا بـاتبـاعه ما قبله إذا كان نكرة ومعه جحد ، كقول القائل : ما فـي الدار أحد إلا أخوك فأما إذا قـيـل : قام القوم إلا أبـاك ، فإن وجه الكلام فـي الأب النصب . و « مَنْ » بصلته فـي قوله : { وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ } معرفة فإن ذلك إنـما جاء رفعاً ، لأن معنى الكلام : وهل يغفر الذنوب أحد ، أو ما يغفر الذنوب أحد إلا الله ، فرفع ما بعد إلا من الله علـى تأويـل الكلام ، لا علـى لفظه . وأما قوله : { وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } فإن أهل التأويـل اختلفوا فـي تأويـل الإصرار ومعنى الكلـمة فقال بعضهم : معنى ذلك : لـم يثبتوا علـى ما أتوا من الذنوب ، ولـم يقـيـموا علـيه ، ولكنهم تابوا واستغفروا ، كما وصفهم الله به . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } فإياكم والإصرار ، فإنـما هلك الـمصرّون الـماضون قُدُماً ، لا ينهاهم مخافة الله عن حرام حرَّمه الله علـيهم ، ولا يتوبون من ذنب أصابوه ، حتـى أتاهم الـموت وهم علـى ذلك . حدثنا الـحسن بن يحيـى قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة فـي قوله : { وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } قال : قُدُماً قُدُماً فـي معاصي الله ، لا ينهاهم مخافة الله حتـى جاءهم أمر الله . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق : { لا يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } : أي لـم يقـيـموا علـى معصيتـي ، كفعل من أشرك بـي فـيـما عملوا به من كفر بـي . وقال آخرون : معنى ذلك : لـم يواقعوا الذنب إذا هموا به . ذكر من قال ذلك : حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الـحسن فـي قوله : { وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ } قال : إتـيان العبد ذنبـاً إصراراً حتـى يتوب . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد فـي قول الله عزّ وجلّ : { وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ } قالوا : لـم يواقعوا . وقال آخرون : معنى الإصرار : السكوت علـى الذنب ، وترك الاستغفـار . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السدي : { وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } : أما يصرّوا : فـيسكتوا ولا يستغفروا . وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب عندنا قول من قال : الإصرار الإقامة علـى الذنب عامداً ، أو ترك التوبة منه . ولا معنى لقول من قال : الإصرار علـى الذنب : هو مواقعته لأن الله عزّ وجلّ مدح بترك الإصرار علـى الذنب مواقع الذنب ، فقال : { وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ } ولو كان الـمواقع الذنب مصراً بـمواقعته إياه ، لـم يكن للاستغفـار وجه مفهوم ، لأن الاستغفـار من الذنب إنـما هو التوبة منه والندم ، ولا يعرف للاستغفـار من ذنب لـم يواقعه صاحبه وجه . وقد رُوي عن النبـي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما أصَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ وإنْ عادَ فِـي الـيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً " حدثنـي بذلك الـحسين بن يزيد السبـيعي ، قال : ثنا عبد الـحميد الـحمانـي ، عن عثمان بن واقد ، عن أبـي نصيرة ، عن مولـى لأبـي بكر ، عن أبـي بكر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلو كان مواقع الذنب مصرّا ، لـم يكن لقوله " ما أصَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ وإنْ عادَ فِـي الـيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً " معنى ، لأن مواقعة الذنب ، إذا كانت هي الإصرار ، فلا يزيـل الاسم الذي لزمه معنى غيره ، كما لا يزيـل عن الزانـي اسم زان ، وعن القاتل اسم قاتل توبته منه ، ولا معنى غيرها ، وقد أبـان هذا الـخبر أن الـمستغفر من ذنبه غير مصرّ علـيه ، فمعلوم بذلك أن الإصرار غير الـموقعة ، وأنه الـمقام علـيه علـى ما قلنا قبل . واختلف أهل التأويـل فـي تأويـل قولهم : { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } فقال بعضهم : معناه : وهم يعلـمون أنهم قد أذنبوا . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السدي : أما { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } : فـيعلـمون أنهم قد أذنبوا ، ثم أقاموا فلـم يستغفروا . وقال آخرون : معنى ذلك : وهم يعلـمون أن الذي أتوا معصية الله . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق : { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } قال : يعلـمون ما حرمت علـيهم من عبـادة غيري . قال أبو جعفر : وقد تقدم بـياننا أولـى ذلك بـالصواب .