Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 137-137)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعنـي بقوله تعالـى ذكره : { قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ } مضت وسلفت مني فيمن كان قبلكم يا معشر أصحاب محمد وأهل الإيـمان به ، من نحو قوم عاد وثمود ، وقوم هود ، وقوم لوط وغيرهم من سُلاف الأمـم قبلكم سنن ، يعني ثلات سير بها فـيهم وفيمن كذبوا به من أنبـيائهم الذين أرسلوا إلـيهم ، بإمهالـي أهل التكذيب بهم ، واستدراجي إياهم ، حتـى بلغ الكتاب فـيهم أجله الذي أجلته لإدالة أنبـيائهم وأهل الإيـمان بهم علـيهم ، ثم أحللت بهم عقوبتـي ، ونزلت بساحتهم نقمتـي ، فتركتهم لـمن بعدهم أمثالاً وعبراً . { فَسِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُكَذّبِينَ } يقول : فسيروا أيها الظانون أن إدالتـي من أدلت من أهل الشرك يوم أُحد علـى مـحمد وأصحابه لغير استدراج منـي لـمن أشرك بـي ، وكفر برسلـي ، وخالف أمري فـي ديار الأمـم الذين كانوا قبلكم ، مـمن كان علـى مثل الذي علـيه هؤلاء الـمكذّبون برسولـي ، والـجاحدون وحدانـيتـي ، فـانظروا كيف كان عاقبة تكذيبهم أنبـيائي ، وما الذي آل إلـيه عن خلافهم أمري ، وإنكارهم وحدانـيتـي ، فتعلـموا عند ذلك أن إدالتـي من أدلت من الـمشركين علـى نبـي مـحمد وأصحابه بأحد ، إنـما هي استدراج وإمهال ، لـيبلغ الكتاب أجله الذي أجلت لهم ، ثم إما أن يئول حالهم إلـى مثل ما آل إلـيه حال الأمـم الذين سلفوا قبلهم من تعجيـل العقوبة علـيهم ، أو ينـيبوا إلـى طاعتـي واتبـاع رسولـي . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك ، قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد بن سنان ، قال : ثنا أبو بكر ، قال : ثنا عبـاد ، عن الـحسن فـي قوله : { قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُكَذّبِينَ } فقال : ألـم تسيروا فـي الأرض ، فتنظروا كيف عذّب الله قوم نوح ، وقوم لوط ، وقوم صالـح ، والأمـم التـي عذب الله عزّ وجلّ ؟ حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد فـي قوله : { قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ } يقول : فـي الكفـار والـمؤمنـين ، والـخير والشر . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ } فـي الـمؤمنـين والكفـار . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، قال : استقبل ذكر الـمصيبة التـي نزلت بهم يعنـي بـالـمسلـمين يوم أحد والبلاء الذي أصابهم ، والتـمـحيص لـما كان فـيهم ، واتـخاذه الشهداء منهم ، فقال تعزية لهم ، وتعريفاً لهم فـيـما صنعوا وما هو صانع بهم : { قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُكَذّبِينَ } أي قد مضت منـي وقائع نقمة فـي أهل التكذيب لرسلـي والشرك بـي : عاد وثمود وقوم لوط وأصحاب مدين ، فسيروا فـي الأرض تروا مُثلات قد مضت فـيهم ، ولـمن كان علـى مثل ما هم علـيه من ذلك منـي ، وإن أمكنت لهم : أي لئلا يظنوا أن نقمتـي انقطعت عن عدوّهم وعدّوي للدولة التـي أدلتها علـيكم بها لأبتلـيكم بذلك ، لأعلـم ما عندكم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُكَذّبِينَ } يقول : متعهم فـي الدنـيا قلـيلاً ، ثم صيرهم إلـى النار . وأما السنن ، فإنها جمع سُنّة ، والسنّة ، هي الـمثال الـمتبع ، والإمام الـموتـمّ به ، يقال منه : سنّ فلان فـينا سنة حسنة ، وسنّ سنة سيئة : إذا عمل عملاً اتبع علـيه من خير وشرّ ، ومنه قول لبـيد ابن ربـيعة : @ مِنْ مَعْشَرٍ سَنَّتْ لَهُمْ آبـاؤُهُمْ ولِكُلّ قَوْمٍ سُنَّةٌ وإمامُها @@ وقول سلـيـمان بن قَتَّة : @ وإنَّ الأُلَـى بـالطَّفّ منْ آلِ هاشمٍ تَآسَوْا فَسَنُّوا للْكِرَامِ التَّآسيا @@ وقال ابن زيد فـي ذلك ما : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد فـي قوله : { قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ } قال : أمثال .