Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 14-14)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعنـي تعالـى ذكره : زين للناس مـحبة ما يشتهون من النساء والبنـين وسائر ما عدّ . وإنـما أراد بذلك توبـيخ الـيهود الذين آثروا الدنـيا وحبّ الرياسة فـيها علـى اتبـاع مـحمد صلى الله عليه وسلم بعد علـمهم بصدقه . وكان الـحسن يقول : من زَيْنها ما أحدٌ أشدّ لها ذما من خالقها . حدثنـي بذلك أحمد بن حازم : قال : ثنا أبو نعيـم ، قال : ثنا أبو الأشعث ، عنه . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن عطاء ، عن أبـي بكر بن حفص بن عمر بن سعد ، قال : قال عمر : لـما نزل : { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ } قلت : الآن يا ربّ حين زينتها لنا ! فنزلت : { قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِّن ذٰلِكُمْ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } [ آل عمران : 15 ] … الآية . وأما القناطير : فإنها جمع القنطار . واختلف أهل التأويـل فـي مبلغ القنطار ، فقال بعضهم : هو ألف ومائتا أوقـية . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن أبـي حصين ، عن سالـم بن أبـي الـجعد ، عن معاذ بن جبل ، قال : القنطار : ألف ومائتا أوقـية . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أبو بكر بن عياش ، قال : ثنا أبو حصين ، عن سالـم بن أبـي الـجعد ، عن معاذ ، مثله . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنا ، يعنـي حفص بن ميسرة ، عن أبـي مروان ، عن أبـي طيبة ، عن ابن عمر ، قال : القنطار : ألف ومائتا أوقـية . حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا قاسم بن مالك الـمزنـي ، قال : أخبرنـي العلاء بن الـمسيب ، عن عاصم بن أبـي النَّـجود ، قال : القنطار : ألف ومائتا أوقـية . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن بن مهديّ ، قال : ثنا حماد بن زيد ، عن عاصم بن بهدلة ، عن أبـي صالـح ، عن أبـي هريرة ، مثله . حدثنـي زكريا بن يحيـى الصديق ، قال : ثنا شبـابة ، قال : ثنا مخـلد بن عبد الواحد ، عن علـيّ بن زيد عن عطاء بن أبـي ميـمونة ، عن زرّ بن حبـيش ، عن أبـيّ بن كعب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " القِنْطَارُ ألْفُ أُوقِـيَّةٍ وَمِائَتا أُوقِـيَّة " وقال آخرون : القنطار : ألف دينار ومائتا دينار . ذكر من قال ذلك : حدثنا عمران بن موسى ، قال : ثنا عبد الوارث بن سعيد ، قال : ثنا يونس عن الـحسن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " القِنْطَارُ ألْفٌ وَمِائَتا دِينارٍ " حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا يونس ، عن الـحسن ، قال : القنطار : ألف ومائتا دينار . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنا أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس قال : القنطار ألف ومائتا دينار ، ومن الفضة ألف ومائتا مثقال . حدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ ، قال : أخبرنا عبـيد بن سلـمان ، قال : سمعت الضحاك بن مزاحم يقول : القناطير الـمقنطرة ، يعنـي : الـمال الكثـير من الذهب والفضة ، والقنطار : ألف ومائتا دينار ، ومن الفضة : ألف ومائتا مثقال . وقال آخرون : القنطار : اثنا عشر ألف درهم ، أو ألف دينار . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ بن داود ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قال : القنطار : اثنـي عشر ألف درهم ، أو ألف دينار . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيـم ، عن جويبر ، عن الضحاك ، قال : القنطار : ألف دينار ، ومن الورِق : اثنا عشر ألف درهم . حدثنا بشر قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الـحسن : أن القنطار اثنا عشر ألفـاً . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : أخبرنا عوف ، عن الـحسن : القنطار : اثنا عشر ألفـاً . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عوف ، عن الـحسن : اثنا عشر ألفـاً . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الأعلـى ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الـحسن بـمثل . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيـم ، عن عوف ، عن الـحسن ، قال : القنطار : ألف دينار ، دية أحدكم . وقال آخرون : هو ثمانون ألفـاً من الدراهم ، أو مائة رطل من الذهب . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد بن بشار ومـحمد بن الـمثنى ، قالا : ثنا يحيـى بن سعيد ، عن سلـيـمان التـيـمي ، عن قتادة ، عن سعيد بن الـمسيب ، قال : القنطار ، ثمانون ألفـا . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيـم ، عن علـي بن زيد ، عن سعيد بن الـمسيب ، قال : القنطار : ثمانون ألفـاً . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : كنا نـحدث أن القنطار مائة رطل من ذهب ، أو ثمانون ألفـاً من الورِق . حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، قال : القنطار : مائة رطل من ذهب ، أو ثمانون ألف درهم من وَرِق . حدثنا أحمد بن حازم ، قال : ثنا أبو نعيـم ، قال : ثنا سفـيان ، عن إسماعيـل ، عن أبـي صالـح ، قال : القنطار : مائة رطل . حدثنـي موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السدي : القنطار يكون مائة رطل ، وهو ثمانـية آلاف مثقال . وقال آخرون : القنطار سبعون ألفـا . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد فـي قول الله : { وَالقَنَـاطِيرِ المُقَنطَرَةِ } قال : القنطار : سبعون ألف دينار . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا عمر بن حوشب ، قال : سمعت عطاء الـخراسانـي ، قال : سئل ابن عمر عن القنطار ، فقال : سبعون ألفـاً . وقال آخرون : هي ملء مَسْك ثور ذهبـاً . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا سالـم بن نوح ، قال : ثنا سعيد الـجريري ، عن أبـي نضرة ، قال : ملء مسك ثور ذهبـاً . حدثنـي أحمد بن حازم ، قال : ثنا أبو نعيـم ، قال : ثنا أبو الأشعث ، عن أبـي نضرة : ملء مسك ثور ذهبـاً . وقال آخرون : هو الـمال الكثـير . ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله بن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن الربـيع بن أنس ، قال : { القَنَـاطِيرِ المُقَنطَرَةِ } : الـمال الكثـير بعضه علـى بعض . وقد ذكر بعض أهل العلـم بكلام العرب أن العرب لا تـحدّ القنطار بـمقدار معلوم من الوزن ، ولكنها تقول : هو قدر ووزن . وقد ينبغي أن يكون ذلك كذلك ، لأن ذلك لو كان مـحدودا قدره عندها لـم يكن بـين متقدمي أهل التأويـل فـيه كل هذا الاختلاف . فـالصواب فـي ذلك أن يقال : هو الـمال الكثـير ، كما قال الربـيع بن أنس ، ولا يحدّ قدر وزنه بحدّ علـى تعنف ، وقد قـيـل ما قـيـل مـما روينا . وأما الـمقنطرة : فهي الـمضعفة ، وكأن القناطير ثلاثة والـمقنطرة تسعة ، وهو كما قال الربـيع بن أنس : الـمال الكثـير بعضه علـى بعض . كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : القناطير الـمقنطرة من الذهب والفضة : والـمقنطرة الـمال الكثـير بعضه علـى بعض . حدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ ، قال : أخبرنا عبـيد بن سلـمان ، قال : سمعت الضحاك فـي قوله : { القَنَـاطِيرِ المُقَنطَرَةِ } : يعنـي الـمال الكثـير من الذهب والفضة . وقال آخرون : معنى الـمقنطرة : الـمضروبة دراهم أو دنانـير . ذكر من قال ذلك : حدثنا موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السدي : أما قوله : { المُقَنطَرَةِ } فـيقول : الـمضروبة حتـى صارت دنانـير أو دراهم . وقد رُوي عن النبـي صلى الله عليه وسلم فـي قوله : { وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً } [ النساء : 20 ] خبر لو صح سنده لـم نعده إلـى غيره ، وذلك ما : حدثنا به ابن عبد الرحمن البرقـي ، قال : ثنـي عمرو بن أبـي سلـمة ، قال : ثنا زهير بن مـحمد ، قال : ثنـي أبـان بن أبـي عياش وحميد الطويـل ، عن أنس بن مالك ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : { وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً } [ النساء : 20 ] قال : " ألْفَـا مِئِين " يعنـي ألفـين . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { والخَيْلُ المُسَوَّمَةِ } . اختلف أهل التأويـل فـي معنى الـمسوّمة ، فقال بعضهم : هي الراعية . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن سفـيان ، عن حبـيب بن أبـي ثابت ، عن سعيد بن جبـير : الـخيـل الـمسوّمة ، قال : الراعية التـي ترعى . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن حبـيب ، عن سعيد بن جبـير ، مثله . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو نعيـم ، قال : ثنا سفـيان ، عن حبـيب ، عن سعيد بن جبـير ، مثله . حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا سفـيان ، عن حبـيب بن أبـي ثابت ، عن سعيد بن جبـير : هي الراعية ، يعنـي السائمة . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن طلـحة القناد ، قال : سمعت عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى يقول : الراعية . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس : { وَالخَيْلِ المُسَوَّمَةِ } قال : الراعية . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الـحسن : { والخَيْلِ المُسَوَّمَةِ } الـمسرّحة فـي الرعي . حدثت عن عمار بن الـحسن ، قال : ثنا ابن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن الربـيع قوله : { وَالخَيْلِ المُسَوَّمَةِ } قال : الـخيـل الراعية . حدثت عن عمار ، قال : ثنا ابن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن لـيث ، عن مـجاهد أنه كان يقول : الـخيـل الراعية . وقال آخرون : الـمسوّمة : الـحسان . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن حبـيب ، قال : قال مـجاهد : الـمسوّمة : الـمطهمة . حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن حبـيب بن أبـي ثابت ، عن مـجاهد فـي قوله : { وَالخَيْلِ المُسَوَّمَةِ } قال : الـمطهمة الـحسان . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد فـي قوله : { وَالخَيْلِ المُسَوَّمَةِ } قال : الـمطهمة حسناً . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيج ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو نعيـم ، قال : ثنا سفـيان ، عن حبـيب ، عن مـجاهد : الـمطهمة . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا أبو عبد الرحمن الـمقري ، قال : ثنا سعيد بن أبـي أيوب ، عن بشير بن أبـي عمرو الـخولانـي ، قال : سألت عكرمة عن الـخيـل الـمسوّمة ، قال : تسويـمها : حسنها . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنـي سعيد بن أبـي أيوب ، عن بشر بن أبـي عمرو الـخولانـي ، قال : سمعت عكرمة يقول : { الخَيْلِ المُسَوَّمَةِ } قال : تسويـمها : الـحسن . حدثنـي موسى بن هارون ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السدي : { والخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأنْعَـامِ } الرائعة . وقد حدثنـي بهذا الـحديث عن عمرو بن حماد غير موسى ، قال : الراعية . وقال آخرون : { الخَيْلِ المُسَوَّمَةِ } الـمعلـمة . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ بن داود ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس : { وَالخَيْلِ المُسَوَّمَةِ } يعنـي : الـمعلـمة . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { وَالخَيْلِ المُسَوَّمَةِ } وسيـماها شِيَتها . حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة فـي قوله : { وَالخَيْلِ المُسَوَّمَةِ } قال : شية الـخيـل فـي وجوهها . وقال غيرهم : الـمسوّمة : الـمعدّة للـجهاد . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد { وَالخَيْلِ المُسَوَّمَةِ } قال : الـمعدة للـجهاد . قال أبو جعفر : أولـى هذه الأقوال بـالصواب فـي تأويـل قوله : { وَالخَيْلِ المُسَوَّمَةِ } الـمعلـمة بـالشيات الـحسان الرائعة حسناً من رآها ، لأن التسويـم فـي كلام العرب : هو الإعلام ، فـالـخيـل الـحسان معلـمة بإعلام الله إياها بـالـحسن من ألوانها وشياتها وهيئاتها ، وهي الـمطهمة أيضاً ، ومن ذلك قول نابغة بنـي ذبـيان فـي صفة الـخيـل : @ بِسُمْرٍ كالْقِدَاحٍ مُسَوَّماتٍ علـيها مَعْشَرٌ أشبـاهُ جِنِّ @@ يعنـي بـالـمسوّمات : الـمعلـمات وقول لبـيد : @ وَغَدَاةَ قَاعِ القُرْنَتَـيْنِ أتَـيْنَهُمْ زُجَلاً يَلُوحُ خِلالَها التَّسْويـمُ @@ فمعنى تأويـل من تأول ذلك : الـمطهمة ، والـمعلـمة ، والرائعة واحد . وأما قول من تأوّله بـمعنى الراعية فإنه ذهب إلـى قول القائل : أسَمْتُ الـماشية فأنا أُسيـمها إسامة : إذا رعيتها الكلأ والعشب ، كما قال الله عزّ وجلّ : { وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ } [ النحل : 10 ] بـمعنى ترعون ، ومنه قول الأخطل : @ مثلِ ابن بَزْعَةَ أو كآخَرَ مِثْلِهِ أوْلى لكَ ابنَ مُسِيمَةِ الأجْمالِ @@ يعني بذلك راعية الأجمال ، فإذا أريد أن الماشية هي التي رعت ، قيل : سامت الماشية تسوم سوماً ، ولذلك قيل : إبل سائمة ، بـمعنى راعية ، غير أنه مستفيض فـي كلامهم سوّمت الـماشية ، بـمعنى أرعيتها ، وإنـما يقال إذا أريد ذلك : أسمتها . فإذا كان ذلك كذلك ، فتوجيه تأويـل الـمسوّمة إلـى أنها الـمعلـمة بـما وصفنا من الـمعانـي التـي تقدم ذكرها أصحّ . وأما الذي قاله ابن زيد من أنها الـمعدّة فـي سبـيـل الله ، فتأويـل من معنى الـمسوّمة بـمعزل . القول فـي تأويـل قوله تعالى : { وَالأنْعَـامِ والْحَرْثِ } . فالأنعام جمع نعم : وهي الأزواج الثمانـية التـي ذكرها فـي كتابه من الضأن والـمعز والبقر والإبل . وأما الـحرث : فهو الزرع . وتأويـل الكلام : زين للناس حبّ الشهوات من النساء ومن البنـين ، ومن كذا ومن كذا ، ومن الأنعام والـحرث . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { ذلِكَ مَتَـاعُ الحَياةِ الدُّنْيا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ المآبِ } . يعنـي بقوله جل ثناؤه : ذلك جميع ما ذكر فـي هذه الآية من النساء والبنـين ، والقناطير الـمقنطرة من الذهب والفضة ، والـخيـل الـمسوّمة ، والأنعام والـحرث ، فكنى بقوله « ذلك » عن جميعهن ، وهذا يدلّ علـى أن « ذلك » يشتـمل علـى الأشياء الكثـيرة الـمختلفة الـمعانـي ، ويكنى به عن جميع ذلك . وأما قوله : { مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } فإنه خبر من الله عن أن ذلك كله مـما يستـمتع به فـي الدنـيا أهلها أحياء ، فـيتبلغون به فـيها ، ويجعلونه وصلة فـي معايشهم ، وسببـاً لقضاء شهواتهم ، التـي زين لهم حبها ، فـي عاجل دنـياهم ، دون أن يكون عدّة لـمعادهم ، وقربة لهم إلـى ربهم ، إلا ما أسلك فـي سبـيـله ، وأنفق منه فـيـما أمر به . وأما قوله : { وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ المآبِ } فإنه يعنـي بذلك جل ثناؤه : وعند الله حسن الـمآب ، يعنـي حسن الـمرجع . كما : حدثنـي موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السدي : { وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ المآبِ } يقول : حسن الـمنقلب ، وهي الـجنة . وهو مصدر علـى مثال مفْعَل ، من قول القائل : آب الرجل إلـينا : إذا رجع ، فهو يؤوب إيابـاً وأوبة وأيبة ومآبـاً ، غير أن موضع الفـاء منها مهموز ، والعين مبدلة من الواو إلـى الألف بحركتها إلـى الفتـح ، فلـما كان حظها الـحركة إلـى الفتـح ، وكانت حركتها منقولة إلـى الـحرف الذي قبلها وهو فـاء الفعل انقلبت فصارت ألفـاً ، كما قـيـل : قال : فصارت عين الفعل ألفـاً ، لأن حظها الفتـح والـمآب ، مثل الـمقال والـمعاد والـمـحال ، كل ذلك مَفْعَلْ ، منقولة حركة عينه إلـى فـائه ، فتصير واوه أو ياؤه ألفـاً لفتـحة ما قبلها . فإن قال قائل : وكيف قـيـل : { وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ } وقد علـمت ما عنده يومئذٍ من ألـيـم العذاب وشديد العقاب ؟ قـيـل : إن ذلك معنـيّ به خاصّ من الناس ، ومعنى ذلك : والله عنده حسن الـمآب للذين اتقوا ربهم ، وقد أنبأنا عن ذلك فـي هذه الآية التـي تلـيها . فإن قال : وما حسن الـمآب ؟ قـيـل : هو ما وصفه به جلّ ثناؤه ، وهو الـمرجع إلـى جنات تـجري من تـحتها الأنهار مخـلداً فـيها ، وإلـى أزواج مطهرة ورضوان من الله .