Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 161-161)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته جماعة من قراء الـحجاز والعراق : { وَمَا كَانَ لِنَبِىّ أَنْ يَغُلَّ } بـمعنى : أن يخون أصحابه فـيـما أفـاء الله علـيهم من أموال أعدائهم . واحتـجّ بعض قارئي هذه القراءة ، أن هذه الآية نزلت علـى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فـي قطيفة فقدت من مغانـم القوم يوم بدر ، فقال بعض من كان مع النبـيّ صلى الله عليه وسلم : لعلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها . ورووا فـي ذلك روايات . فمنها ما : حدثنا به مـحمد بن عبد الـملك بن أبـي الشوارب ، قال : ثنا عبد الواحد بن زياد ، قال : ثنا خصيف ، قال : ثنا مقسم ، قال : ثنـي ابن عبـاس ، أن هذه الآية : { وَمَا كَانَ لِبَنِى أَنْ يَغُلَّ } نزلت فـي قطيفة حمراء فقدت يوم بدر ، قال : فقال بعض الناس : أخذها ! قال : فأكثروا فـي ذلك ، فأنزل الله عزّ وجلّ : { وَمَا كَانَ لِنَبِىّ أَنْ يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } . حدثنا ابن أبـي الشوارب ، قال : ثنا عبد الواحد ، قال : ثنا خصيف ، قال : سألت سعيد بن جبـير : كيف تقرأ هذه الآية : { وَمَا كَانَ لِنَبِىّ أَنْ يَغُلَّ } أو يُغَلّ ؟ قال : لا ، بل يَغُلَّ ، فقد كان النبـيّ واللّه يُغَلّ ويُقتل . حدثنـي إسحاق بن إبراهيـم بن حبـيب بن الشهيد ، قال : ثنا عتاب بن بشير ، عن خصيف ، عن مقسم ، عن ابن عبـاس : { وَمَا كَانَ لِنَبِىّ أَنْ يَغُلَّ } قال : كان ذلك فـي قطيفة حمراء فقدت فـي غزوة بدر ، فقال من أصحاب النبـي صلى الله عليه وسلم : فلعلّ النبـيّ أخذها ، فأنزل الله عزّ وجلّ : { وَمَا كَانَ لِنَبِىّ أَنْ يَغُلَّ } قال سعيد : بل والله إن النبـيّ لَـيُغَل ويُقتل . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا خلاد ، عن زهير ، عن خصيف ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس ، قال : كانت قطيفة فقدت يوم بدر ، فقالوا : أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله عزّ وجلّ : { وَمَا كَانَ لِنَبِىّ أَنْ يَغُلَّ } . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا مالك بن إسماعيـل ، قال : ثنا زهير ، قال : ثنا خصيف ، عن سعيد بن جبـير وعكرمة ، فـي قوله : { وَمَا كَانَ لِنَبِىّ أَنْ يَغُلَّ } قالا : يَغُلّ ، قال : قال عكرمة أو غيره ، عن ابن عبـاس ، قال : كانت قطيفة فقدت يوم بدر ، فقالوا : أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فأنزل الله هذه الآية : { وَمَا كَانَ لِنَبِىّ أَنْ يَغُلَّ } . حدثنا مـجاهد بن موسى ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا قزعة بن سويد البـاهلـي ، عن حميد الأعرج ، عن سعيد بن جبـير ، قال : نزلت هذه الآية : { وَمَا كَانَ لِنَبِىّ أَنْ يَغُلَّ } فـي قطيفة حمراء فقدت يوم بدر من الغنـيـمة . حدثنا نصر بن علـي الـجهضمي ، قال : ثنا معتـمر ، عن أبـيه ، عن سلـيـمان الأعمش ، قال : كان ابن مسعود يقرأ : { مَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَن يَغُلَّ } فقال ابن عبـاس : بلـى ، ويُقتل . قال : فذكر ابن عبـاس أنه إنـما كانت فـي قطيفة ، قالوا : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، غلَّها يوم بدر ، فأنزل الله : { وَمَا كَانَ لِنَبِىّ أَنْ يَغُلَّ } . وقال آخرون مـمن قرأ ذلك كذلك بفتـح الـياء وضمّ الغين : إنـما نزلت هذه الآية فـي طلائع كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وجههم فـي وجه ، ثم غنـم النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، فلـم يقسم للطلائع ، فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية علـى نبـيه صلى الله عليه وسلم ، يعلـمه فـيها أن فعله الذي فعله خطأ ، وأن الواجب علـيه فـي الـحكم أن يقسم للطلائع مثل ما قسم لغيرهم ، ويعرّفه الواجب علـيه من الـحكم فـيـما أفـاء الله علـيه من الغنائم ، وأنه لـيس له أن يخصّ بشيء منها أحداً مـمن شهد الوقعة أو مـمن كان ردءاً لهم فـي غزوهم دون أحد . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَمَا كَانَ لِنَبِىّ أَنْ يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } يقول : ما كان للنبـيّ أن يقسم لطائفة من الـمسلـمين ويترك طائفة ويجور فـي القسم ، ولكن يقسم بـالعدل ، ويأخذ فـيه بأمر الله ، ويحكم فـيه بـما أنزل الله . يقول : ما كان الله لـيجعل نبـياً يغلّ من أصحابه ، فإذا فعل ذلك النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، استنّوا به . حدثنا يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا هشيـم ، عن جويبر ، عن الضحاك ، أنه كان يقرأ : { مَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَن يَغُلَّ } قال : أن يعطي بعضاً ، ويترك بعضاً ، إذا أصاب مغنـماً . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن سلـمة بن نبـيط ، عن الضحاك ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم طلائع ، فغنـم النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، فلـم يقسم للطلائع ، فأنزل الله عزّ وجلّ : { وَمَا كَانَ لِنَبِىّ أَنْ يَغُلَّ } . حدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ ، قال : أخبرنا عبـيد بن سلـيـمان ، عن الضحاك : { مَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَن يَغُلَّ } يقول : ما كان لنبـيّ أن يقسم لطائفة من أصحابه ، ويترك طائفة ، ولكن يعدل ، ويأخذ فـي ذلك بأمر الله عزّ وجلّ ، ويحكم فـيه بـما أنزل الله . حدثنـي يحيـى بن أبـي طالب ، قال : أخبرنا يزيد ، قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك فـي قوله : { مَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَن يَغُلَّ } قال : ما كان له إذا أصاب مغنـماً أن يقسم لبعض أصحابه ويدع بعضاً ، ولكن يقسم بـينهم بـالسوية . وقال آخرون مـمن قرأ ذلك بفتـح الـياء وضمّ الغين : إنـما أنزل ذلك تعريفـاً للناس أن النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، لا يكتـم من وحي الله شيئاً . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق : { مَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } : أي ما كان لنبـيّ أن يكتـم الناس ما بعثه الله به إلـيهم عن رهبة من الناس ولا رغبة ، ومن يعمل ذلك يأت به يوم القـيامة . فتأويـل قراءة من قرأ ذلك كذلك : ما ينبغي لنبـيّ أن يكون غالاًّ ، بـمعنى : أنه لـيس من أفعال الأنبـياء خيانة أمـمهم . يقال منه : غلّ الرجل فهو يغلّ ، إذا خان ، غلولاً ، ويقال أيضاً منه : أغلّ الرجل فهو يُغِلُّ إغلالاً ، كما قال شريح : لـيس علـى الـمستعير غير الـمغلّ ضمان ، يعنـي : غير الـخائن ويقال منه : أغلُّ الـجازر : إذا سرق من اللـحم شيئاً مع الـجلد . وبـما قلنا فـي ذلك جاء تأويـل أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { مَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَن يَغُلَّ } يقول : ما كان ينبغي له أن يخون ، فكما لا ينبغي له أن يخون فلا تـخونوا . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { مَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَن يَغُلَّ } قال : أن يخون . وقرأ ذلك آخرون : « ما كانَ لِنَبِـيّ أنْ يُغَلَّ » بضم الـياء وفتـح الغين ، وهي قراءة عُظْم قراء أهل الـمدينة والكوفة . واختلف قارئو ذلك كذلك فـي تأويـله ، فقال بعضهم : معناه : ما كان لنبـيّ أن يغله أصحابه . ثم أسقط الأصحاب ، فبقـي الفعل غير مسمى فـاعله وتأويـله : وما كان لنبـيّ أن يخان . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا عوف ، عن الـحسن أنه كان يقرأ : « وَما كانَ لِنَبِـيّ أنْ يُغَلَّ » قال عوف : قال الـحسن : أن يُخان . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : « وَما كانَ لِنَبِـيّ أنْ يُغْلَّ » يقول : وما كان لنبـيّ أن يغله أصحابه الذين معه من الـمؤمنـين ، ذكر لنا أن هذه الآية نزلت علـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم يوم بدر ، وقد غلّ طوائف من أصحابه . حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، فـي قوله : « وَما كانَ لِنَبِـيّ أنْ يُغَلَّ » قال : أن يغله أصحابه . حدثت عن عمار ، قال : ثنا ابن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن الربـيع ، قوله : « وَما كانَ لِنَبِـيّ أنْ يُغَلَّ » قال الربـيع بن أنس ، يقول : ما كان لنبـيّ أن يغله أصحابه الذين معه ، قال : ذكر لنا والله أعلـم أن هذه الآية أنزلت علـى نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ، وقد غلّ طوائف من أصحابه . وقال آخرون منهم : معنى ذلك : وما كان لنبـيّ أن يتهم بـالغلول فـيخون ويسرق . وكأن متأوّلـي ذلك كذلك وجهوا قوله : « وَما كانَ لِنَبِـيّ أنْ يُغَلَّ » إلـى أنه مراد به يغلَّل ، ثم خففت العين من يُفَعَّل فصارت يفعل ، كما قرأ من قرأ قوله : « فإنَّهُمْ لا يُكْذِبُونك » بتأوّل يُكَذِّبُونك . وأولـى القراءتـين بـالصواب فـي ذلك عندي قراءة من قرأ : { وَمَا كَانَ لِنَبِىّ أَنْ يَغُلَّ } بـمعنى : ما الغلول من صفـات الأنبـياء ، ولا يكون نبـياً من غلّ . وإنـما اخترنا ذلك ، لأن الله عزّ وجلّ أوعد عقـيب قوله : { وَمَا كَانَ لِنَبِىّ أَنْ يَغُلَّ } أهل الغلول ، فقال : { وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } … الآية ، والتـي بعدها ، فكان فـي وعيده عقـيب ذلك أهل الغلول ، الدلـيـل الواضح علـى أنه إنـما نهى بذلك عن الغلول ، وأخبر عبـاده أن الغلول لـيس من صفـات أنبـيائه بقوله : { وَمَا كَانَ لِنَبِىّ أَنْ يَغُلَّ } لأنه لو كان إنـما نهى بذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتهموا رسول الله صلى الله عليه وسلم بـالغلول ، لعقب ذلك بـالوعيد علـى التهمة ، وسوء الظنّ برسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا بـالوعيد علـى الغلول ، وفـي تعقـيبه ذلك بـالوعيد علـى الغلول بـيان بـين ، أنه إنـما عرف الـمؤمنـين وغيرهم من عبـاده أن الغلول منتف من صفة الأنبـياء وأخلاقهم ، لأن ذلك جرم عظيـم ، والأنبـياء لا تأتـي مثله . فإن قال قائل مـمن قرأ ذلك كذلك : فأولـى منه : وَما كان لنبـيّ أن يخونه أصحابه إن ذلك كما ذكرت ، ولـم يعقب الله قوله : { وَمَا كَانَ لِنَبِىّ أَنْ يَغُلَّ } إلا بـالوعيد علـى الغلول ، ولكنه إنـما وجب الـحكم بـالصحة لقراءة من قرأ : « يُغَلَّ » بضم الـياء وفتـح الغين ، لأن معنى ذلك : وما كان للنبـيّ أن يغله أصحابه ، فـيخونوه فـي الغنائم قـيـل له : أفكان لهم أن يغلوا غير النبـيّ صلى الله عليه وسلم فـيخونوه ، حتـى خصوا بـالنهي عن خيانة النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، فإن قالوا : نعم ، خرجوا من قول أهل الإسلام ، لأن الله لـم يبح خيانة أحد فـي قول أحد من أهل الإسلام قط . وإن قال قائل : لـم يكن ذلك لهم فـي نبـيّ ولا غيره ؟ قـيـل : فما وجه خصوصهم إذاً بـالنهي عن خيانة النبـيّ صلى الله عليه وسلم وغلوله وغلول بعض الـيهود ، بـمنزلة فـيـما حرّم الله علـى الغالّ من أموالهما ، وما يـلزم الـمؤتـمن من أداء الأمانة إلـيهما . وإذا كان ذلك كذلك ، فمعلوم أن معنى ذلك هو ما قلنا من أن الله عزّ وجلّ نفـى بذلك أن يكون الغلول والـخيانة من صفـات أنبـيائه ، ناهياً بذلك عبـاده عن الغلول ، وآمراً لهم بـالاستنان بـمنهاج نبـيهم ، كما قال ابن عبـاس فـي الرواية التـي ذكرناها من رواية عطية ثم عقب تعالـى ذكره نهيهم عن الغلول بـالوعيد علـيه ، فقال : { وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } . … الآيتـين معاً . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } . يعنـي بذلك تعالـى ذكره : ومن يخن من غنائم الـمسلـمين شيئاً ، وفـيئهم ، وغير ذلك ، يأت به يوم القـيامة فـي الـمـحشر . كما : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن فضيـل ، عن يحيـى بن سعيد أبـي حيان ، عن أبـي زرعة ، عن أبـي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه قام خطيبـاً ، فوعظ وذكر ، ثم قال : " ألا عَسَى رَجُلٌ مِنْكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ القِـيامَةِ علـى رَقَبَتِهِ شاةٌ لَهَا ثُغاءٌ ، يَقُولُ : يا رَسُولَ اللَّهِ أغِثْنِـي ، فَأقُولُ : لا أمْلِكُ لَكَ شَيْئاً ، قَدْ أبْلَغْتُكَ ألا هَلْ عَسَى رَجُلٌ مِنْكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ القِـيامَةِ علـى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهَا حَمْـحَمَةٌ ، يَقُولُ : يا رَسُولَ اللَّهِ أغِثْنِـي ، فَأقُولُ : لا أمْلِكُ لَكَ شَيْئا قَدْ أبْلَغْتُكَ . ألا هَلْ عَسَى رَجُلٌ مِنْكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ القِـيامَةِ علـى رَقَبَتِهِ صَامِت ، فَـيَقُولُ : يا رَسُولَ اللَّهِ أغِثْنِـي ، فَأقُولُ : لا أمْلِكُ لَكَ شَيْئاً قَدْ أبْلَغْتُكَ . ألا هَلْ عَسَى رَجُلٌ مِنْكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ القِـيامَةِ علـى رَقَبَتِهِ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ ، يَقُولُ : يا رَسُولَ اللَّهِ أغِثْنِـي فَأقُولُ : لا أمْلِكُ لَكَ شَيْئاً قَدْ أبْلَغْتُكَ ألا هَلْ عَسَى رَجُلٌ مِنْكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ القِـيامَةِ علـى رَقَبَتِهِ رِقاعٌ تَـخْفِقُ ، يَقُولُ : يا رَسُولَ اللَّهِ أغِثْنِـي ، فَأقُولُ : لا أمْلِكُ لَكَ شَيْئا قَدْ أبْلَغْتُكَ " حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عبد الرحمن ، عن أبـي حيان ، عن أبـي زرعة ، عن أبـي هريرة ، عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، مثل هذا ، زاد فـيه : " علـى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغاءٌ ، لا أُلْفِـيَنَّ أحَدَكُمْ علـى رَقَبَتِهِ نَفْسٌ لَهَا صِياحٌ " حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا ابن علـية ، قال : ثنا أبو حيان ، عن أبـي زرعة ، عن عمرو بن جرير ، عن أبـي هريرة ، قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فـينا يوماً ، فذكر الغلول ، فعظمه وعظم أمره ، فقال : " لا أُلْفَـينَّ أحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ القِـيامَةِ علـى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ له رُغاءٌ ، يَقُولُ : يا رَسُولَ اللَّهِ أغِثْنِي " ثم ذكر نحو حديث أبي كريب ، عن عبد الرحمن . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا حفص بن بشر ، عن يعقوب القمي ، قال : ثنا حفص بن حميد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا أعْرِفَنَّ أحَدَكُمْ يَأتـي يَوْمَ القِـيامَةِ يَحْمِلَ شاةً لَهَا ثُغاءٌ ، يُنادِي : يا مُـحَمَّدُ يا مُـحَمَّد ! فَأقُولُ : لا أمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً قَدْ بَلَّغْتُكَ وَلا أعْرِفَنَّ أحَدَكُمْ يَأتـي يَوْمَ القِـيامَةِ يَحْمِلُ جَمَلاً لَهُ رُغاءٌ ، يَقُولُ : يا مُـحَمَّدُ يا مُـحَمَّد ! فَأقُولُ : لا أمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً قَدْ بَلَّغْتُكَ وَلا أعْرِفَنَّ أحَدَكُمْ يَأتـي يَوْمَ القِـيامَةِ يَحْمِلُ فَرَساً لَهُ حَمْـحَمَةٌ ، يُنادِي : يا مُـحَمَّدُ يا مُـحَمَّد ! فَأقُولُ : لا أمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً قَدْ بَلَّغْتُكَ وَلا أعْرِفَنَّ أحَدَكُمْ يَأتـي يَوْمَ القِـيامَةِ يَحْمِلُ قِشْعاً مِنْ أدَمٍ يُناديٍ : يا مُـحَمَّدُ يا مُـحَمَّد ! فَأقُولُ : لا أمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئا قَدْ بَلَّغْتُكَ " حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أسباط بن محمد ، قال : ثنا أبو إسحاق الشيباني ، عن عبد الله بن ذكوان ، عن عروة بن الزبير ، عن أبـي حميد ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدّقاً ، فجاء بسواد كثير ، قال : فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم من يقبضه منه فلما أتوه ، جعل يقول : هذا لي ، وهذا لكم قال : فقالوا : من أين لك هذا ؟ قال : أهدي إلـيّ ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبروه بذلك ، فخرج فخطب ، فقال : " أيُّها النَّاسُ ، ما بـالـي أبْعَثُ قَوْماً إلـى الصَّدَقَةِ ، فَـيَجِيءُ أحَدُهُمْ بـالسَّوَادِ الكَثِـيرِ ، فإذَا بَعَثْتُ مَنْ يَقْبِضُهُ قالَ : هَذَا لـي ، وَهَذَا لَكُم ! فإنْ كانَ صَادِقاً أفَلا أُهْدِيَ لَهُ وَهُوَ فِـي بَـيْتِ أبِـيهِ ، أوْ فِـي بَـيْتِ أُمِّهِ ؟ " ثُمَّ قالَ : " أيُّها النَّاسُ ، مَنْ بَعَثْناهُ علـى عَمَلٍ فَغَلَّ شَيْئاً ، جاءَ بِهِ يَوْمَ القِـيامَةِ علـى عُنُقِهِ يَحِملُهُ ، فاتَّقُوا اللَّهَ أنْ يَأتـي أحَدُكُمْ يَوْمَ القِيامَةِ على عُنُقِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغاءٌ ، أوْ بَقَرَةٌ تَخُورُ ، أوْ شاةٌ تَثْغُو " حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أبو معاوية وابن نـمير وعبدة بن سلـيـمان ، عن هشام بن عروة ، عن أبـيه ، عن أبـي حميد الساعدي ، قال : استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأزد ، يقال له ابن الأتبـيّة علـى صدقات بنـي سلـيـم فلـما جاء قال : هذا لكم ، وهذا هدية أهديت لـي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أفَلاَ يَجْلِسُ أحَدُكُمْ فِـي بَـيْتِهِ فَتأْتِـيهِ هَدِيَّتُه ! " ثُم حَمِدَ اللَّهَ وأثْنَى عَلَـيْهِ ، ثُمَّ قالَ : " أمَّا بَعْدُ فإنّـي أسْتَعْمِلُ رِجالاً مِنْكُمْ علـى أُمُورٍ مِـمَّا وَلانَّـيِ اللَّهُ ، فَـيَقُولُ أحَدُهُمْ : هَذَا الَّذِي لَكُمْ ، وَهَذَا هَدِيَّةٌ أهْدِيَتْ إلـيّ أفَلاَ يَجْلِسُ فِـي بَـيْتِ أبِـيهِ أوْ بَـيْتِ أمَّهِ فتأْتِـيهَ هَدِيَّتُه ! وَالَّذِي نَفْسِي بِـيَدِهِ ، لا يَأْخُذُ أحَدُكُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً إلاَّ جاءَ بِهِ يَوْمَ القِـيامَةِ يَحْمِلُهُ علـى عُنُقِهِ ، فَلا أعْرِفَنَّ ما جاء رَجُلٌ يَحْمِلُ بَعِيراً لَهُ رُغاءٌ ، أوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ ، أوْ شاةً تَثْغُو " ثم رفع يده فقال : " ألا هَلْ بَلَّغْتُ " حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عبد الرحيم ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن أبي حميد ، حدثه بمثل هذا الحديث ، قال : " أفَلا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أبِيكَ وأُمِّكَ حتى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ ؟ " ثم رفع يده حتى إني لأنظر إلى بياض إبطيه ، ثم قال " اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ " قال أبو حميد : بصر عينـي ، وسمع أذنـي . حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، قال : ثنـي عمي عبد اللهبن وهب ، قال : أخبرنـي عمرو بن الـحرث أن موسى بن جبـير ، حدّثه أن عبد الله بن عبد الرحمن بن الـحبـاب الأنصاري ، حدّثه أن عبد الله بن أنـيس حدّثه : أنه تذاكر هو وعمر يوماً الصدقة ، فقال : ألـم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكر غلول الصدقة : " مَنْ غَلَّ منها بَعِيراً أو شَاةً فإنَّه يَحْمِلُهُ يَوْمَ القِـيَامَةِ " ؟ قال عبد الله بن أنـيس : بلـى . حدثنا سعيد بن يحيـى الأموي ، قال : ثنا أبـي ، قال : ثنا يحيـى بن سعيد الأنصاري ، عن نافع ، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سعد بن عبـادة مصدّقا ، فقال : " إياكَ يا سَعْدُ أنْ تَـجِيء يَوْمَ القِـيامَةِ بِبَعِيرٍ تَـحْمِلُهُ لَهُ رُغاء ! " قال : لا آخذه ولا أجيء به فأعفاه . حدثنا أحمد بن الـمغيرة الـحمصي أبو حميد ، قال : ثنا الربـيع بن روح ، قال : ثنا ابن عياش ، قال : ثنا عبيد الله بن عمر بن حفص ، عن نافع مولى ابن عمر ، عن عبد الله بن عمر ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم : أنه استعمل سعد بن عبـادة ، فأتى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فسلم عليه ، فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم : " إيَّاكَ يا سَعْدُ أنْ تَـجِيءَ يَوْمَ القِـيامَةِ تَـحْمِلُ علـى عُنُقِكَ بَعِيرا لَهُ رُغاءٌ ! " فقال سعد : فإن فعلتُ يا رسول الله إن ذلك لكائن ؟ قال : « نَعَمْ » ، قال سعد : قد علـمت يا رسول الله أنـي أُسْأَلُ فـأُعْطِي ، فأعفنـي ! فأعفـاه . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا زيد بن حبـان ، قال : ثنا عبد الرحمن بن الـحرث ، قال : ثنـي جدي عبـيد بن أبـي عبـيد ، وكان أوّل مولود بـالـمدينة ، قال : استعملت علـى صدقة دَوْس ، فجاءنـي أبو هريرة فـي الـيوم الذي خرجت فـيه ، فسلـم ، فخرجت إلـيه ، فسلـمت علـيه ، فقال : كيف أنت والبعير ؟ كيف أنت والبقر ؟ كيف أنت والغنـم ؟ ثم قال : سمعت حِبّـي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " مَنْ أخَذَ بَعِيراً بغَيْرِ حَقِّهِ جاءَ بِهِ يَوْمَ القِـيامَةِ لَهْ رُغاءٌ ، وَمَنْ أخَذَ بَقَرَةً بغَيْرِ حَقِّها جاءَ بِها يَوْمَ القِـيامَةِ لَهَا خُوَارٌ ، وَمَنْ أخَذَ شاةً بغَيْرِ حَقِّها جاءَ بهَا يَوْمَ القِـيامةِ علـى عُنُقِهِ لَهَا ثُغاءٌ فإيَّاكَ والبَقَرَ فإنَّها أحَدُّ قُرُوناً وأشَدُّ أظْلافـاً ! " حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا خالد بن مخـلد ، قال : ثنـي مـحمد ، عن عبد الرحمن بن الـحرث ، عن جده عبـيد بن أبـي عبـيد ، قال : استُعملت علـى صدقة دوس فلـما قضيت العمل قدمت ، فجاءنـي أبو هريرة فسلـم علـيّ ، فقال : أخبرنـي كيف أنت والإبل ؟ ثم ذكر نـحو حديثه عن زيد ، إلا أنه قال : " جاء بِهِ يَوْمَ القِـيامَةِ علـى عُنُقِهِ لَهُ رُغاءٌ " حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة فـي قوله : { وَمَا كَانَ لِنَبِىّ أَنْ يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } قال قتادة : كان النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، إذا غنـم مغنـماً ، بعث منادياً : " ألا لا يغلَّنّ رجل مخيطاً فما دونه ! ألا لا يغلنّ رجل بعيراً فـيأتـي به علـى ظَهْرِهِ يَوْمَ القِـيَامَةِ له رُغَاء ! ألا لا يغلنّ رَجُلٌ فَرَساً ، فـيأتـي به علـى ظهره يوم القـيامة له حمـحمة ! " القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } . يعنـي بذلك جلّ ثناؤه : { ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ } : ثم تعطى كل نفس جزاء ما كسبت بكسبها وافـياً غير منقوص ما استـحقه واستوجبه من ذلك : { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } يقول : لا يفعل بهم إلا الذي ينبغي أن يفعل بهم من غير أن يعتدي علـيهم ، فـينقصوا عما استـحقوه . كما : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق : { ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } ثم يجزى بكسبه غير مظلوم ولا معتدى علـيه .