Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 191-191)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله : { ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَـٰماً وَقُعُوداً } من نعت « أولي الألباب » ، و « الذين » في موضع خفض ردّاً على قوله : « لأولي الألباب » . ومعنى الآية : إن فـي خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ، الذاكرين الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ، يعني بذلك : قـياماً فـي صلاتهم وقعوداً فـي تشهدهم وفـي غير صلاتهم وعلـى جنوبهم نـياماً . كما : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : { ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَـٰماً وَقُعُوداً } … الآية ، قال : هو ذكر الله فـي الصلاة وفـي غير الصلاة ، وقراءة القرآن . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَـٰماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ } وهذه حالاتك كلها يا ابن آدم ، فـاذكره وأنت علـى جنبك يسراً من الله وتـخفـيفـاً . فإن قال قائل : وكيف قـيـل : { وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ } فعطف بـ « علـى » ، وهي صفة علـى القـيام والقعود وهما اسمان ؟ قـيـل : لأن قوله : { وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ } فـي معنى الاسم ، ومعناه : ونـياماً أو مضطجعين علـى جنوبهم فحسن عطف ذلك علـى القـيام والقعود لذلك الـمعنى ، كما قـيـل : { وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً } [ يونس : 12 ] فعطف بقوله : { أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا } علـى قوله : { لِجَنبِهِ } ، لأن معنى قوله : لـجنبه مضطجعاً ، فعطف بـالقاعد والقائم علـى معناه ، فكذلك ذلك فـي قوله : { وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ } . وأما قوله : { وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } فإنه يعنـي بذلك أنهم يعتبرون بصنعة صانع ذلك ، فـيعلـمون أنه لا يصنع ذلك إلا من لـيس كمثله شيء ، ومن هو مالك كل شيء ورازقه ، وخالق كل شيء ومدبره ، من هو علـى كل شيء قدير ، وبـيده الإغناء والإفقار ، والإعزاز والإذلال ، والإحياء والإماتة ، والشقاء والسعادة . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَـٰطِلاً سُبْحَـٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } . يعنـي بذلك تعالـى ذكره : ويتفكرون فـي خـلق السموات والأرض ، قائلـين : { رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَـٰطِلاً } فترك ذكر قائلـين ، إذ كان فـيـما ظهر من الكلام دلالة علـيه وقوله : { مَا خَلَقْتَ هَذا بَـٰطِلاً } يقول : لـم تـخـلق هذا الـخـلق عبثاً ولا لعبـاً ، لـم تـخـلقه إلا لأمر عظيـم من ثواب وعقاب ومـحاسبة ومـجازاة ، وإنـما قال : ما خـلقت هذا بـاطلاً ، ولـم يقل : ما خـلقت هذه ، ولا هؤلاء ، لأنه أراد بهذا الـخـلق الذي فـي السموات والأرض ، يدل علـى ذلك قوله : { سُبْحَـٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } ورغبتهم إلـى ربهم فـي أن يقـيهم عذاب الـجحيـم ، ولو كان الـمعنـيّ بقوله : { مَا خَلَقْتَ هَذا بَـٰطِلاً } السموات والأرض ، لـما كان لقول عقـيب ذلك : { فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } معنى مفهوم ، لأن السموات والأرض أدلة علـى بـارئها ، لا علـى الثواب والعقاب ، وإنـما الدلـيـل علـى الثواب والعقاب : الأمر والنهي وإنـما وصف جل ثناؤه أولـي الألبـاب الذين ذكرهم فـي هذه الآية ، أنهم إذا رأوا الـمأمورين الـمنهيـين ، قالوا : يا ربنا لـم تـخـلق هؤلاء بـاطلاً عبثاً سبحانك ، يعنـي : تنزيهاً لك من أن تفعل شيئاً عبثاً ، ولكنك خـلقتهم لعظيـم من الأمر ، لـجنة أو نار . ثم فزعوا إلـى ربهم بـالـمسألة أن يجيرهم من عذاب النار ، وأن لا يجعلهم مـمن عصاه وخالف أمره ، فـيكونوا من أهل جهنـم .