Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 27-27)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعنـي بقوله جلّ ثناؤه : { تُولِجُ } تدخـل ، يقال منه : قد ولـج فلان منزله : إذا دخـله ، فهو يَـلِـجُهُ وَلْـجا وَوُلُوجا ولِـجَةً ، وأولـجته أنا : إذا أدخـلته . ويعنـي بقوله : { تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ } تدخـل ما نقصت من ساعات اللـيـل فـي ساعات النهار ، فتزيد من نقصان هذا فـي زيادة هذا . { وَتُولِجُ النَّهَارَ في اللَّيْلِ } وتدخـل ما نقصت من ساعات النهار فـي ساعات اللـيـل ، فتزيد فـي ساعات اللـيـل ما نقصت من ساعات النهار . كما : حدثنـي موسى ، قال ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السدي : { تُولِجُ اللَّيْلَ في النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ } حتـى يكون اللـيـل خمس عشرة ساعة والنهار تسع ساعات ، وتدخـل النهار فـي اللـيـل ، حتـى يكون النهار خمس عشرة ساعة واللـيـل تسع ساعات . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا حفص بن عمر ، عن الـحكم بن أبـان ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس قال : ما نقص من النهار يجعله فـي اللـيـل ، وما نقص من اللـيـل يجعله فـي النهار . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد فـي قول الله : { تُولِجُ اللَّيْلَ في الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ } قال : ما ينقص من أحدهما يدخـل فـي الآخر متعاقبـان أو يتعاقبـان ، شكّ أبو عاصم ذلك من الساعات . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { تُولِجُ اللَّيْلَ في النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ } ما ينقص من أحدهما فـي الآخر يتعاقبـان فـي ذلك من الساعات . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الـحسن قوله : { تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ } نقصان اللـيـل فـي زيادة النهار ، ونقصان النهار فـي زيادة اللـيـل . حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة فـي قوله : { تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ } قال : هو نقصان أحدهما فـي الآخر . حدثت عن عمار ، قال : ثنا ابن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن قتادة فـي قوله : { تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ } قال : يأخذ اللـيـل من النهار ، ويأخذ النهار من اللـيـل . يقول : نقصان اللـيـل فـي زيادة النهار ، ونقصان النهار فـي زيادة اللـيـل . حدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ ، قال : ثنا عبـيد بن سلـيـمان ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله : { تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ } يعنـي أنه يأخذ أحدهما من الآخر ، فـيكون اللـيـل أحياناً أطول من النهار ، والنهار أحياناً أطول من اللـيـل . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد فـي قوله : { تُولِجُ اللَّيْلَ فِى الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِى اللَّيْلِ } قال : هذا طويـل ، وهذا قصير ، أخذ من هذا فأولـجه فـي هذا حتـى صار هذا طويلاً وهذا قصيراً . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ } . اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك ، فقال بعضهم : تأويـل ذلك : أنه يخرج الشيء الـحيّ من النطفة الـميتة ، ويخرج النطفة الـميتة من الشيء الـحيّ . ذكر من قال ذلك : حدثنـي أبو السائب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيـم ، عن عبد الله فـي قوله : { تُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الْحيّ } قال : هي النطفة تـخرج من الرجل وهي ميتة ، وهو حيّ ، ويخرج الرجل منها حياً وهي ميتة . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد فـي قول الله عزّ وجلّ : { تُخْرِجُ الْحيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الْحيِّ } قال : الناس الأحياء من النطف والنطف ميتة ، ويخرجها من الناس الأحياء والأنعام . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن سلـمة بن نبـيط ، عن الضحاك فـي قوله : { تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ } فذكر نـحوه . حدثنـي موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السدي : { تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ } فـالنطفة ميتة تكون تـخرج من إنسان حيّ ، ويخرج إنسان حيّ من نطفة ميتة . حدثنـي مـحمد بن عمرو وابن علـي عن عطاء الـمقدمي ، قال : ثنا أشعث السجستانـي ، قال : ثنا شعبة ، عن إسماعيـل بن أبـي خالد فـي قوله : { تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ } قال تـخرج النطفة من الرجل ، والرجل من النطفة . حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة فـي قوله : { تُخْرِجُ الْحيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ } قال : تـخرج الـحيّ من هذه النطفة الـميتة ، وتـخرج هذه النطفة الـميتة من الـحيّ . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد فـي قوله : { تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الْحيِّ } … الآية ، قال : الناس الأحياء من النطف ، والنطف ميتة من الناس الأحياء ، ومن الأنعام والنبت كذلك . قال ابن جريج ، وسمعت يزيد بن عويـمر يخبّر عن سعيد بن جبـير ، قال : إخراجه النطفة من الإنسان ، وإخراجه الإنسان من النطفة . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد فـي قوله : { تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الْحيِّ } قال : النطفة ميتة ، فتـخرج منها أحياء . { وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ } تـخرج النطفة من هؤلاء الأحياء ، والـحبّ ميتة تـخرج منه حياً . { وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الْحَيّ } تـخرج من هذا الـحيّ حبـاً ميتاً . وقال آخرون : معنى ذلك : أنه يخرج النـخـلة من النواة ، والنواة من النـخـلة ، والسنبل من الـحبّ والـحبّ من السنبل ، والبـيض من الدجاج ، والدجاج من البـيض . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا أبو تـميـلة ، قال : ثنا عبد الله ، عن عكرمة قوله : { تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ } قال : هي البـيضة تـخرج من الـحيّ وهي ميتة ، ثم يخرج منها الـحيّ . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا حفص بن عمر ، عن الـحكم بن أبـان ، عن عكرمة فـي قوله : { تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الْحيِّ } قال : النـخـلة من النواة ، والنواة من النـخـلة ، والـحبة من السنبلة ، والسنبلة من الـحبة . وقال آخرون : معنى ذلك : أنه يخرج الـمؤمن من الكافر ، والكافر من الـمؤمن . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الـحسن فـي قوله : { تُخْرِجُ الْحيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الْحيِّ } يعنـي الـمؤمن من الكافر ، والكافر من الـمؤمن ، والـمؤمن عبد حيّ الفؤاد ، والكافر عبد ميت الفؤاد . حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، قال : قال الـحسن فـي قوله : { تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيِّتَ مِنَ الْحَيّ } قال : يخرج الـمؤمن من الكافر ، ويخرج الكافر من الـمؤمن . حدثنا عمران بن موسى ، قال : ثنا عبد الوارث ، عن سعيد بن عمرو ، عن الـحسن قرأ : { تُخْرِجُ الْحيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الْحَيّ } قال : تـخرج الـمؤمن من الكافر ، وتـخرج الكافر من الـمؤمن . حدثنـي حميد بن مسعدة ، قال : ثنا بشر بن الـمفضل ، قال : ثنا سلـيـمان التـيـمي ، عن أبـي عثمان ، عن سلـمان ، أو عن ابن مسعود وأكبر ظنـي أنه عن سلـمان قال : إن الله عزّ وجلّ خمَّر طينة آدم أربعين لـيـلة أو قال : أربعين يوماً ثم قال بـيده فـيه ، فخرج كل طيب فـي يـمينه ، وخرج كل خبـيث فـي يده الأخرى ، ثم خـلط بـينهما ، ثم خـلق منها آدم ، فمن ثم يخرج الـحيّ من الـميت ويخرج الـميت من الـحيّ ، يخرج الـمؤمن من الكافر ويخرج الكافر من الـمؤمن . حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري : أن النبـيّ صلى الله عليه وسلم دخـل علـى بعض نسائه ، فإذا بـامرأة حسنة النَّعْمة ، فقال : " مَنْ هَذِهِ ؟ " قالت : إحدى خالاتك ، قال : " إنَّ خالاتِـي بِهَذِهِ البَلَدَةِ لغَرَائِب وأيّ خالاتِـي هَذِهِ ؟ " قالت : خـلْدة ابنة الأسود بن عبد يغوث ، قال : " سُبْحانَ الَّذِي يُخْرِجُ الـحَيَّ مِنَ الـمَيِّتِ " وكانت امرأة صالـحة ، وكان أبوها كافراً . حدثنـي مـحمد بن سنان ، قال : ثنا أبو بكر الـحنفـي ، قال : ثنا عبـاد بن منصور ، عن الـحسن فـي قوله : { تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الْحَيّ } قال : هل علـمتـم أن الكافر يـلد مؤمناً ، وأن الـمؤمن يـلد كافراً ؟ فقال : هو كذلك . وأولـى التأويلات التـي ذكرناها فـي هذه الآية بـالصواب تأويـل من قال : يخرج الإنسان الـحيّ والأنعام والبهائم الأحياء من النطف الـميتة ، وذلك إخراج الـحيّ من الـميت ، ويخرج النطفة الـميتة من الإنسان الـحيّ والأنعام والبهائم الأحياء ، وذلك إخراج الـميت من الـحيّ ، وذلك أن كل حيّ فـارقه شيء من جسده ، فذلك الذي فـارقه منه ميت ، فـالنطفة ميتة لـمفـارقتها جسد من خرجت منه ، ثم ينشىء الله منها إنساناً حياً وبهائم وأنعاماً أحياء ، وكذلك حكم كل شيء حيّ زايـله شيء منه ، فـالذي زايـله منه ميت ، وذلك هو نظير قوله : { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَٰتاً فَأَحْيَٰكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [ البقرة : 28 ] . وأما تأويـل من تأوّله بـمعنى الـحبة من السنبلة ، والسنبلة من الـحبة ، والبـيضة من الدجاجة ، والدجاجة من البـيضة ، والـمؤمن من الكافر ، والكافر من الـمؤمن ، فإن ذلك وإن كان له وجه مفهوم ، فلـيس ذلك الأغلب الظاهر فـي استعمال الناس فـي الكلام ، وتوجيه معانـي كتاب الله عزّ وجلّ إلـى الظاهر الـمستعمل فـي الناس ، أولـى من توجيهها إلـى الـخفـيّ القلـيـل فـي الاستعمال . واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته جماعة منهم : { تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الْحَيّ } بـالتشديد وتثقـيـل الـياء من الـميت ، بـمعنى أنه يخرج الشيء الـحيّ من الشيء الذي قد مات ، ومـما لـم يـمت . وقرأت جماعة أخرى منهم : « تُـخْرِجُ الـحَيَّ مِنَ الـمَيْتِ وَتُـخْرِجُ الْـمَيْتَ مِنَ الـحَيّ » بتـخفـيف الـياء من الـميت . بـمعنى أنه يخرج الشيء الـحيّ من الشيء الذي قد مات دون الشيء الذي لـم يـمت ، وتـخرج الشيء الـميت دون الشيء الذي لـم يـمت من الشيء الـحيّ ، وذلك أن الـميت مثقل الـياء عند العرب ما لـم يـمت وسيـموت وما قد مات . وأما الـميْت مخففـاً : فهو الذي قد مات ، فإذا أرادوا النعت قالوا : إنك مائت غداً وإنهم مائتون ، وكذلك كل ما لـم يكن بعد ، فإنه يخرج علـى هذا الـمثال الاسم منه ، يقال : هو الـجائد بنفسه والطائبة نفسه بذلك ، وإذا أريد معنى الاسم قـيـل : هو الـجواد بنفسه والطيبة نفسه . فإذا كان ذلك كذلك ، فأولـى القراءتـين فـي هذه الآية بـالصواب قراءة من شّدد الـياء من الـميِّت ، لأن الله جلّ ثناؤه يخرج الـحيّ من النطفة التـي قد فـارقت الرجل ، فصارت ميتة ، وسيخرجه منها بعد أن تفـارقه وهي فـي صلب الرجل ، ويخرج الـميت من الـحيّ ، النطفة التـي تصير بخروجها من الرجل الـحيّ ميتاً ، وهي قبل خروجها منه حية ، فـالتشديد أبلغ فـي الـمدح أكمل فـي الثناء . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ } . يعنـي بذلك جلّ ثناؤه : أنه يعطي من يشاء من خـلقه ، فـيجود علـيه بغير مـحاسبة منه لـمن أعطاه ، لأنه لا يخاف دخول انتقاص فـي خزائنه ، ولا الفناء علـى ما بـيده . كما : حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا ابن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن الربـيع فـي قوله : { وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ } قال : يخرج الرزق من عنده بغير حساب ، لا يخاف أن ينقص ما عنده تبـارك وتعالـى . فتأويـل الآية إذا : اللهمّ يا مالك الـملك ، تؤتـي الـملك من تشاء ، وتنزع الـملك مـمن تشاء ، وتعزّ من تشاء ، وتذلّ من تشاء ، بـيدك الـخير إنك علـى كل شيء قدير ، دون من ادّعى الـملـحدون أنه لهم إلٰه ورب وعبدوه دونك ، واتـخذوه شريكاً معك ، أو أنه لك ولد وبـيدك القدرة التـي تفعل هذه الأشياء ، وتقدر بها علـى كل شيء ، تولـج اللـيـل فـي النهار ، وتولـج النهار فـي اللـيـل ، فتنقص من هذا وتزيد فـي هذا ، وتنقص من هذا وتزيد فـي هذا ، وتـخرج من ميت حياً ، ومن حيّ ميتاً ، وترزق من تشاء بغير حساب من خـلقك ، لا يقدر علـى ذلك أحد سواك ، ولا يستطيعه غيرك . كما : حدثنـي ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن مـحمد بن جعفر بن الزبـير : { تُولِجُ اللَّيْلَ فِى الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِى اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ المَيِّتُ مِنَ الْحَيّ } أي بتلك القدرة ، يعنـي بـالقدرة التـي تؤتـي الـملك بها من تشاء وتنزعه مـمن تشاء ، وترزق من تشاء بغير حساب ، لا يقدر علـى ذلك غيرك ولا يصنعه إلا أنت . أي فإن كنت سلطت عيسى علـى الأشياء التـي بها يزعمون أنه إلٰه ، من إحياء الـموتـى ، وإبراء الأسقام ، والـخـلق للطير من الطين ، والـخبر عن الغيوب لتـجعله آية للناس ، وتصديقاً له فـي نبوّته التـي بعثته بها إلـى قومه ، فإنّ من سلطانـي وقدرتـي ما لـم أعطه ، كتـملـيك الـملوك ، وأمر النبوّة ووضعها حيث شئت ، وإيلاج اللـيـل فـي النهار ، والنهار فـي اللـيـل ، وإخراج الـحيّ من الـميت ، والـميت من الـحيّ ، ورزق من شئت من برّ أو فـاجر بغير حساب ، فكل ذلك لـم أسلط عيسى علـيه ، ولـم أملكه إياه ، فلـم يكن لهم فـي ذلك عبرة وبـينة ، إذ لو كان إلٰهاً لكان ذلك كله إلـيه وهو فـي علـمهم يهرب من الـملوك ، وينتقل منهم فـي البلاد من بلد إلـى بلد .