Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 30-30)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعني بذلك جلّ ثناؤه : ويحذّركم الله نفسه ، فـي يوم تـجد كل نفس ما عملت من خير مـحضراً موفراً ، وما عملت من سوء { تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَا بَعِيدًا } : يعنـي : غاية بعيدة ، فإن مصيركم أيها القوم يومئذٍ إلـيه ، فـاحذوره علـى أنفسكم من ذنوبكم . وكان قتادة يقول فـي معنى قوله : { مُّحْضَرًا } ما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا } يقول موفّراً . وقد زعم أهل العربـية أن معنى ذلك : واذكر يوم تـجد ، وقال : إن ذلك إنـما جاء كذلك ، لأن القرآن إنـما نزل للأمر والذكر ، كأنه قـيـل لهم : اذكروا كذا وكذا ، لأنه فـي القرآن فـي غير موضع ، واتقوا يوم كذا وحين كذا . وأما « ما » التـي مع عملت فبـمعنى الذي ، ولا يجوز أن تكون جزاء لوقوع « تـجد » علـيه . وأما قوله : { وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ } فإنه معطوف علـى قوله : « ما » الأولـى ، و « عملت » صلة بـمعنى الرفع ، لـمّا قـيـل « تود » . فتأويـل الكلام : يوم تـجد كل نفس الذي عملت من خير مـحضراً ، والذي عملت من سوء ، تودّ لو أن بـينها وبـينه أمداً . والأمد : الغاية التـي ينتهي إلـيها ، ومنه قول الطرماح : @ كلّ حَيّ مُسْتَكْمِلٌ عِدَّةَ العُمْـ ـرِ ومُودٍ إذَا انْقَضَى أمَدُهْ @@ يعنـي : غاية أجله . وقد : حدثنـي موسى بن هارون ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السدي قوله : { وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوء تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَا بَعِيدًا } مكاناً بعيداً . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج : { أَمَداً بَعِيدًا } قال : أجلاً . حدثنـي مـحمد بن سنان ، قال : ثنا أبو بكر الـحنفـي ، قال : ثنا عبـاد بن منصور ، عن الـحسن فـي قوله : { وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوء تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيدًا } قال : يسرّ أحدهم أن لا يـلقـى عمله ذاك أبداً يكون ذلك مناه ، وأما فـي الدنـيا فقد كانت خطيئته يستلذّها . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { وَيُحَذّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ وَٱللَّهُ رَءوفٌ بِٱلْعِبَادِ } . يقول جلّ ثناؤه : ويحذّركم الله نفسه أن تسخطوها علـيكم بركوبكم ما يسخطه علـيكم ، فتوافونه ، يوم تـجد كل نفس ما عملت من خير مـحضراً ، وما عملت من سوء تودّ لو أنَّ بـينها وبـينه أمداً بعيداً ، وهو علـيكم ساخط ، فـينالكم من ألـيـم عقابه ما لا قبل لكم به . ثم أخبر عزّ وجلّ أنه رؤوف بعبـاده رحيـم بهم ، ومن رأفته بهم تـحذيره إياهم نفسه ، وتـخويفهم عقوبته ، ونهيه إياهم عما نهاهم عنه من معاصيه . كما : حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن ابن عيـينة ، عن عمرو بن الـحسن فـي قوله : { وَيُحَذّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ وَٱللَّهُ رَءوفٌ بِٱلْعِبَادِ } قال : من رأفته بهم أن حذّرهم نفسه .