Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 52-52)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعنـي بقوله جلّ ثناؤه : { فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ ٱلْكُفْرَ } فلـما وجد عيسى منهم الكفر . والإحساس : هو الوجود ، ومنه قول الله عزّ وجلّ : { هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مّنْ أَحَدٍ } . فأما الـحسّ بغير ألف ، فهو الإفناء والقتل ، ومنه قوله : { إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ } والـحسّ أيضاً : العطف والرقة . ومنه قول الكميت : @ هَلْ مَنْ بَكَى الدَّارَ رَاجٍ أنْ تَحِسَّ لَهُ أوْ يُبْكِيَ الدّارَ ماءُ العَبْرَة الـخَضِلُ @@ يعنـي بقوله : أن تـحسّ له : أن ترق له . فتأويـل الكلام : فلـما وجد عيسى من بنـي إسرائيـل الذين أرسله الله إلـيهم جحوداً لنبوّته ، وتكذيبـاً لقوله ، وصدّاً عما دعاهم إلـيه من أمر الله ، قال : { مَنْ أَنصَارِى إِلَى ٱللَّهِ } يعنـي بذلك : قال عيسى : من أعوانـي علـى الـمكذّبـين بحجة الله ، والـمُوَلِّـين عن دينه ، والـجاحدين نبوّة نبـيه إلـى الله عزّ وجلّ ، ويعنـي بقوله { إِلَى ٱللَّهِ } : مع الله ، وإنـما حسن أن يقال إلـى الله ، بـمعنى : مع الله ، لأن من شأن العرب إذا ضموا الشيء إلـى غيره ، ثم أرادوا الـخبر عنهما بضمّ أحدهما مع الآخر إذا ضمّ إلـيه جعلوا مكان مع إلـى أحياناً ، وأحياناً تـخبر عنهما بـمع ، فتقول الذود إلـى الذود إبل ، بـمعنى : إذا ضمـمت الذود إلـى الذود صارت إبلاً ، فأما إذا كان الشيء مع الشيء لـم يقولوه بإلـى ولـم يجعلوا مكان مع إلـى غير جائز أن يقال : قدم فلان وإلـيه مال ، بـمعنى : ومعه مال . وبـمثل ما قلنا فـي تأويـل قوله : { مَنْ أَنصَارِى إِلَى ٱللَّهِ } قال جماعة من أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السدي قوله : { مَنْ أَنصَارِى إِلَى ٱللَّهِ } يقول : مع الله . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج : { مَنْ أَنصَارِى إِلَى ٱللَّهِ } يقول : مع الله . وأما سبب استنصار عيسى علـيه السلام من استنصر من الـحواريـين ، فإن بـين أهل العلـم فـيه اختلافـا ، فقال بعضهم : كان سبب ذلك ما : حدثنـي به موسى بن هارون ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : لـما بعث الله عيسى ، فأمره بـالدعوة ، نفته بنو إسرائيـل وأخرجوه ، فخرج هو وأمه يسيحون فـي الأرض ، فنزل فـي قرية علـى رجل ، فضافهم وأحسن إلـيهم ، وكان لتلك الـمدينة ملك جبـار معتد ، فجاء ذلك الرجل يوما وقد وقع علـيه همّ وحزن ، فدخـل منزله ومريـم عند امرأته ، فقالت مريـم لها : ما شأن زوجك أراه حزيناً ؟ قالت : لا تسألـي ، قالت : أخبرينـي لعلّ الله يفرّج كربته ، قالت : فإن لنا ملكاً يجعل علـى كل رجل منا يوماً يطعمه هو وجنوده ، ويسقـيهم من الـخمر ، فإن لـم يفعل عاقبه ، وإنه قد بلغت نوبته الـيوم الذي يريد أن نصنع له فـيه ، ولـيس لذلك عندنا سعة ، قالت : فقولـي له : لا يهتـمّ ، فإنـي آمر ابنـي فـيدعو له ، فـيكفـى ذلك ، قالت مريـم لعيسى فـي ذلك ، قال عيسى : يا أمه إنـي إن فعلت كان فـي ذلك شرّ ، قالت : فلا تبـال ، فإنه قد أحسن إلـينا وأكرمنا ، قال عيسى : فقولي له : إذا اقترب ذلك فـاملأ قدورك وخوابـيك ماء ثم أعلـمنـي ، قال : فلـما ملأهنّ أعلـمه ، فدعا الله ، فتـحوّل ما فـي القدور لـحماً ومرقاً وخبزاً ، وما فـي الـخوابـي خمراً لـم ير الناس مثله قط وإياه طعاماً فلـما جاء الـملك أكل ، فلـما شرب الـخمر سأل من أين هذه الـخمر ؟ قال له : هي من أرض كذا وكذا ، قال الـملك : فإن خمري أوتـي بها من تلك الأرض فلـيس هي مثل هذه ، قال : هي من أرض أخرى فلـما خـلط علـى الـملك اشتدّ علـيه ، قال : فأنا أخبرك عندي غلام لا يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه ، وإنه دعا الله ، فجعل الـماء خمراً ، قال الـملك ، وكان له ابن يريد أن يستـخـلفه ، فمات قبل ذلك بأيام ، وكان أحبّ الـخـلق إلـيه ، فقال : إن رجلاً دعا الله حتـى جعل الـماء خمراً ، لـيستـجابنّ له حتـى يحيـي ابنـي ، فدعا عيسى فكلـمه ، فسأله أن يدعو الله فـيحيـي ابنه ، فقال عيسى : لا تفعل ، فإنه إن عاش كان شرًّا ، فقال الـملك : لا أبـالـي ، ألـيس أراه ، فلا أبـالـي ما كان ، فقال عيسى علـيه السلام : فإن أحيـيته تتركونـي أنا وأمي نذهب أينـما شئنا ، قال الـملك : نعم ، فدعا الله ، فعاش الغلام فلـما رآه أهل مـملكته قد عاش ، تنادوا بـالسلاح ، وقالوا : أكلنا هذا حتـى إذا دنا موته يريد أن يستـخـلف ابنه فـيأكلنا كما أكلنا أبوه ، فـاقتتلوا ، وذهب عيسى وأمه ، وصحبهما يهودي ، وكان مع الـيهودي رغيفـان ، ومع عيسى رغيف ، فقال له عيسى : شاركنـي ، فقال الـيهودي : نعم ، فلـما رأى أنه لـيس مع عيسى إلا رغيب ندم فلـما نام جعل الـيهودي يريد أن يأكل الرغيف ، فلـما أكل لقمة قال له عيسى : ما تصنع ؟ فـيقول : لا شيء ، فـيطرحها ، حتـى فرغ من الرغيف كله فلـما أصبحا قال له عيسى : هلـم طعامك ، فجاء برغيف ، فقال له عيسى : أين الرغيف الآخر ؟ قال : ما كان معي إلا واحد ، فسكت عنه عيسى ، فـانطلقوا ، فمرّوا براعي غنـم ، فنادى عيسى ، يا صاحب الغنـم أجزرنا شاة من غنـمك ، قال : نعم ، أرسل صاحبك يأخذها ، فأرسل عيسى الـيهودي ، فجاء بـالشاة ، فذبحوها وشووها ، ثم قال للـيهودي : كل ولا تكسرنّ عظماً ! فأكلا ، فلـما شبعوا قذف عيسى العظام فـي الـجلد ، ثم ضربها بعصاه وقال : قومي بإذن الله ، فقامت الشاة تثغو ، فقال : يا صاحب الغنـم خذ شاتك ، فقال له الراعي : من أنت ؟ قال : أنا عيسى ابن مريـم ، قال : أنت الساحر ، وفرّ منه . قال عيسى للـيهودي : بـالذي أحيا هذه الشاة بعد ما أكلناها كم كان معك رغيفـاً ؟ فحلف ما كان معه إلا رغيف واحد ، فمرّوا بصاحب بقر ، فنادى عيسى ، فقال : يا صاحب البقر أجزرنا من بقرك هذه عجلاً ! قال : ابعث صاحبك يأخذه ، قال : انطلق يا يهودي فجىء به ، فـانطلق فجاء به ، فذبحه وشواه ، وصاحب البقر ينظر ، فقال له عيسى : كل ولا تكسرنّ عظماً . فلـما فرغوا قذف العظام فـي الـجلد ، ثم ضربه بعصاه ، وقال : قم بإذن الله ! فقام وله خوار ، قال : خذ عجلك ، قال : ومن أنت ؟ قال : أنا عيسى ، قال : أنت السحّار . ثم فرّ منه ، قال الـيهودي : يا عيسى أحيـيته بعد ما أكلناه ، قال عيسى : فبـالذي أحيا الشاة بعد ما أكلناها ، والعجل بعد ما أكلناه ، كم كان معك رغيفـاً ؟ فحلف بـالله ما كان معه إلا رغيف واحد فـانطلقا حتـى نزلا قرية ، فنزل الـيهودي أعلاها ، وعيسى فـي أسفلها ، وأخذ الـيهودي عصا مثل عصا عيسى ، وقال : أنا الآن أحيـي الـموتـى ، وكان ملك تلك الـمدينة مريضاً شديد الـمرض ، فـانطلق الـيهودي ينادي : من يبتغي طبـيبـاً ؟ حتـى أتـى ملك تلك القرية ، فأخبر بوجعه ، فقال : أدخـلونـي علـيه فأنا أبرئه ، وإن رأيتـموه قد مات فأنا أحيـيه ، فقـيـل له : إن وجع الـملك قد أعيا الأطبـاء قبلك ، لـيس من طبـيب يداويه ، ولا يُفـيءُ دواؤه شيئاً إلا أمر به فصلب ، قال : أدخـلونـي علـيه فإنـي سأبرئه ، فأدخـل علـيه ، فأخذ برجل الـملك فضربه بعصاه حتـى مات ، فجعل يضربه بعصاه وهو ميت ، ويقول : قم بإذن الله ، فأخذ لـيصلب ، فبلغ عيسى ، فأقبل إلـيه وقد رفع علـى الـخشبة ، فقال : أرأيتـم إن أحيـيت لكم صاحبكم أتتركون لـي صاحبـي ؟ قالوا : نعم ، فأحيا الله الـملك لعيسى ، فقام وأنزل الـيهودي ، فقال : يا عيسى أنت أعظم الناس علـيّ منة ، والله لا أفـارقك أبداً ، قال عيسى فـيـما حدثنا به مـحمد بن الـحسين بن موسى ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل قال أسبـاط ، عن السدي للـيهودي : أنشدك بـالذي أحيا الشاة والعجل بعد ما أكلناهما ، وأحيا هذا بعد ما مات ، وأنزلك من الـجذع بعد ما رفعت علـيه لتصلب كم كان معك رغيفـاً ، قال : فحلف بهذا كله ما كان معه إلا رغيف واحد ، قال : لا بأس ، فـانطلقا حتـى مرّا علـى كنز قد حفرته السبـاع والدوابّ ، فقال الـيهودي يا عيسى : لـمن هذا الـمال ، قال عيسى : دعه ، فإن له أهلاً يهلكون علـيه ، فجعلت نفس الـيهودي تطلع إلـى الـمال ، ويكره أن يعصي عيسى ، فـانطلق مع عيسى ومرّ بـالـمال أربعة نفر فلـما رأوه ، اجتـمعوا علـيه ، فقال اثنان لصاحبـيهما : انطلقا فـابتاعا لنا طعاماً وشرابـاً ودوابّ نـحمل علـيها هذا الـمال ، فـانطلق الرجلان فـابتاعا دوابّ وطعاماً وشرابـاً ، وقال أحدهما لصاحبه : هل لك أن نـجعل لصاحبـينا فـي طعامهما سماً ، فإذا أكلا ماتا ، فكان الـمال بـينـي وبـينك ، فقال الآخر نعم ، ففعلا ، وقال الآخران : إذا ما أتـيانا بـالطعام ، فلـيقم كل واحد إلـى صاحبه فـيقتله ، فـيكون الطعام والدوابّ بـينـي وبـينك ، فلـما جاءا بطعامهما قاما فقتلاهما ، ثم قعدا علـى الطعام ، فأكلا منه فماتا ، وأُعلـم ذلك لعيسى ، فقال للـيهودي : أخرجه حتـى نقتسمه ، فأخرجه فقسمه عيسى بـين ثلاثة ، فقال الـيهودي : يا عيسى اتق الله ولا تظلـمنـي ، فإنـما هو أنا وأنت ، ما هذه الثلاثة ؟ قال له عيسى هذا لـي ، وهذا لك ، وهذا الثلث لصاحب الرغيف ، قال الـيهودي : فإن أخبرتك بصاحب الرغيف تعطينـي هذا الـمال ؟ فقال عيسى : نعم ، قال أنا هو ، قال : عيسى : خذ حظي وحظك وحظّ صاحب الرغيف ، فهو حظك من الدنـيا والآخرة فلـما حمله مشى به شيئاً ، فخسف به ، وانطلق عيسى ابن مريـم ، فمرّ بـالـحواريـين وهم يصطادون السمك ، فقال : ما تصنعون ؟ فقالوا : نصطاد السمك ، فقال : أفلا تـمشون حتـى نصطاد الناس ؟ قالوا : ومن أنت ؟ قال : أنا عيسى ابن مريـم ، فآمنوا به ، وانطلقوا معه ، فذلك قول الله عزّ وجلّ : { مَنْ أَنصَارِى إِلَى ٱللَّهِ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ ٱللَّهِ ءامَنَّا بِٱللَّهِ وَٱشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } . حدثنا مـحمد بن سنان ، قال : ثنا أبو بكر الـحنفـي من عبـاد بن منصور ، عن الـحسن فـي قوله : { فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ ٱلْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِى إِلَى ٱللَّهِ } … الآية ، قال : استنصر فنصره الـحواريون وظهر علـيهم . وقال آخرون : كان سبب استنصار عيسى من استنصر ، لأن من استنصر الـحواريـين علـيه كانوا أرادوا قتله . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد : { فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ ٱلْكُفْرَ } قال : كفروا وأرادوا قتله ، فذلك حين استنصر قومه ، قال : { مَنْ أَنصَارِى إِلَى ٱللَّهِ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ ٱللَّهِ } . والأنصار : جمع نصير ، كما الأشراف جمع شريف ، والأشهاد جمع شهيد . وأما الـحواريون ، فإن أهل التأويـل اختلفوا فـي السبب الذي من أجله سموا حواريـين ، فقال بعضهم : سموا بذلك لبـياض ثـيابهم . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عبـيد الـمـحاربـي ، قال : مـما روى أبـي ، قال : ثنا قـيس بن الربـيع ، عن ميسرة ، عن الـمنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبـير ، قال : إنـما سموا الـحواريـين ببـياض ثـيابهم . وقال آخرون : سموا بذلك لأنهم كانوا قصارين يبـيضون الثـياب . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن أبـي أرطاة ، قال : الـحواريون : الغسالون ، الذين يحوّرون الثـياب يغسلونها . وقال آخرون : هم خاصة الأنبـياء وصفوتهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا ابن علـية ، عن روح بن القاسم ، أن قتادة ذكر رجلاً من أصحاب النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال : كان من الـحواريـين ، فقـيـل له : من الـحواريون ؟ قال : الذين تصلـح لهم الـخلافة . حدثت عن الـمنـجاب ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا بشر ، عن عمارة ، عن أبـي روق ، عن الضحاك فـي قوله : { إِذْ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ } قال : أصفـياء الأنبـياء . وأشبه الأقوال التـي ذكرنا فـي معنى الـحواريـين قول من قال : سموا بذلك لبـياض ثـيابهم ، ولأنهم كانوا غسالـين ، وذلك أن الـحور عند العرب : شدة البـياض ، ولذلك سمي الـحُوَّارَى من الطعام حُوَّارَى لشدة بـياضه ، ومنه قـيـل للرجل الشديد البـياض مقلة العينـين أحور ، وللـمرأة حوراء ، وقد يجوز أن يكون حواريو عيسى كانوا سموا بـالذي ذكرنا من تبـيـيضهم الثـياب ، وأنهم كانوا قصارين ، فعرفوا بصحبة عيسى واختـياره إياهم لنفسه أصحابـا وأنصارا ، فجرى ذلك الاسم لهم واستعمل ، حتـى صار كل خاصة للرجل من أصحابه وأنصاره حواريه ولذلك قال النبـيّ صلى الله عليه وسلم : " لِكُلّ نَبِـيّ حَوَارِيّ ، وَحَوَارِيَّ الزُّبَـيْرُ " يعنـي خاصته . وقد تسمي العرب النساء اللواتـي مساكنهن القرى والأمصار حواريات ، وإنـما سمين بذلك لغلبة البـياض علـيهن ، ومن ذلك قول أبـي جَلْدَةَ الـيشكُرِي : @ فَقُلْ للْـحَوَارِيَّاتِ يَبْكِينَ غَيْرَنا وَلاَ تَبْكِنَا إِلاَّ الكِلابُ النَوَابِحُ @@ ويعنـي بقوله : { قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ } قال : هؤلاء الذين صفتهم ما ذكرنا من تبـيـيضهم الثـياب : آمنا بـالله ، صدّقنا بـالله ، واشهد أنت يا عيسى بأننا مسلـمون . وهذا خبر من الله عزّ وجلّ أن الإسلام دينه الذي ابتعث به عيسى والأنبـياء قبله ، لا النصرانـية ولا الـيهودية ، وتبرئة من الله لعيسى مـمن انتـحل النصرانـية ودان بها ، كما برأ إبراهيـم من سائر الأديان غير الإسلام ، وذلك احتـجاج من الله تعالـى ذكره لنبـيه صلى الله عليه وسلم علـى وفد نـجران . كما : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن مـحمد بن إسحاق ، عن مـحمد بن جعفر بن الزبـير { فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ ٱلْكُفْرَ } والعدوان ، { قَالَ مَنْ أَنصَارِى إِلَى ٱللَّهِ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ ٱللَّهِ ءامَنَّا بِٱللَّهِ } وهذا قولهم الذي أصابوا به الفضل من ربهم ، واشهد بأنا مسلـمون ، لا كما يقول هؤلاء الذين يحاجونك فـيه ، يعنـي وفد نصارى نـجران .