Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 55-55)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعنـي بذلك جل ثناؤه : ومكر الله بـالقوم الذين حاولوا قتل عيسى مع كفرهم بـالله ، وتكذيبهم عيسى فـيـما أتاهم به من عند ربهم ، إذ قال الله جل ثناؤه : { إِنّي مُتَوَفّيكَ } فـ « إذْ » صلة من قوله : { وَمَكَرَ ٱللَّهُ } يعنـي : ومكر الله بهم حين قال الله لعيسى : { إِنّي مُتَوَفّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَىَّ } فتوفـاه ورفعه إلـيه . ثم اختلف أهل التأويـل فـي معنى الوفـاة التـي ذكرها الله عزّ وجلّ فـي هذه الآية ، فقال بعضهم : هي وفـاة نوم ، وكان معنى الكلام علـى مذهبهم : إنـي مُنِـيـمُك ، ورافعك فـي نومك . ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبـيه ، عن الربـيع فـي قوله : { إِنّي مُتَوَفِّيكَ } قال : يعني وفـاة الـمنام : رفعه الله فـي منامه . قال الـحسن : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للـيهود : " إِنَّ عِيسَى لَـمْ يَـمُتْ ، وَإِنَّهُ رَاجِعٌ إِلَـيْكُمْ قَبْلَ يَوْمِ القِـيامَةِ " وقال آخرون : معنى ذلك : إنـي قابضك من الأرض ، فرافعك إلـيّ ، قالوا : ومعنى الوفـاة : القبض ، لما يقال : توفـيت من فلان ما لـي علـيه ، بـمعنى : قبضته واستوفـيته . قالوا : فمعنى قوله : { إِنّي مُتَوَفّيكَ وَرَافِعُكَ } : أي قابضك من الأرض حياً إلـى جواري ، وآخذك إلـى ما عندي بغير موت ، ورافعك من بـين الـمشركين وأهل الكفر بك . ذكر من قال ذلك : حدثنا علـيّ بن سهل ، قال : ثنا ضمرة بن ربـيعة ، عن ابن شوذب ، عن مطر الورّاق فـي قول الله : { إِنّي مُتَوَفّيكَ } قال : متوفـيك من الدنـيا ، ولـيس بوفـاة موت . حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الـحسن فـي قوله : { إِنّي مُتَوَفّيكَ } قال : متوفـيك من الأرض . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : { إِنّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَىَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } قال : فرفعه إياه إلـيه ، توفـيه إياه ، وتطهيره من الذين كفروا . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية بن صالـح أن كعب الأحبـار ، قال : ما كان الله عزّ وجلّ لـيـميت عيسى ابن مريـم ، إنـما بعثه الله داعياً ومبشراً يدعو إلـيه وحده ، فلـما رأى عيسى قلة من اتبعه وكثرة من كذّبه ، شكا ذلك إلـى الله عزّ وجلّ ، فأوحى الله إلـيه : { إِنّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَىَّ } ولـيس من رفعته عندي ميتاً ، وإنـي سأبعثك علـى الأعور الدجال ، فتقتله ، ثم تعيش بعد ذلك أربعاً وعشرين سنة ، ثم أميتك ميتة الـحيّ . قال كعب الأحبـار : وذلك يصدّق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : " كيفَ تَهلِكُ أمةٌ أنَا فِـي أوَّلهَا ، وَعِيسَى فِـي آخِرِهَا ؟ " حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن مـحمد بن جعفر بن الزبـير : يا عيسى إنـي متوفـيك : أي قابضك . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد فـي قوله : { إِنّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَىَّ } قال : متوفـيك : قابضك ، قال : ومتوفـيك ورافعك واحد . قال : ولـم يـمت بعد حتـى يقتلَ الدجال ، وسيـموت ، وقرأ قول الله عزّ وجلّ : { وَيُكَلّمُ ٱلنَّاسَ فِى ٱلْمَهْدِ وَكَهْلاً } قال : رفعه الله إلـيه قبل أن يكون كهلاً ، قال : وينزل كهلاً . حدثنا مـحمد بن سنان ، قال : ثنا أبو بكر الـحنفـي ، عن عبـاد ، عن الـحسن فـي قول الله عزّ وجلّ : { ٱللَّهُ يٰعِيسَىٰ إِنّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَىَّ } … الآية كلها ، قال : رفعه الله إلـيه ، فهو عنده فـي السماء . وقال آخرون : معنى ذلك : إنـي متوفـيك وفـاة موت . ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { إِنّي مُتَوَفِّيكَ } يقول : إنـي مـميتك . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عمن لا يتهم ، عن وهب بن منبه الـيـمانـي أنه قال : توفـى الله عيسى ابن مريـم ثلاث ساعات من النهار حتـى رفعه إلـيه . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، قال : والنصارى يزعمون أنه توفـاه سبع ساعات من النهار ، ثم أحياه الله . وقال آخرون : معنى ذلك : إذ قال الله يا عيسى ، إنـي رافعك إلـيّ ، ومطهرك من الذين كفروا ، ومتوفـيك بعد إنزالـي إياك إلـى الدنـيا . وقال : هذا من الـمقدّم الذي معناه التأخير ، والـمؤخر الذي معناه التقديـم . قال أبو جعفر : وأولـى هذه الأقوال بـالصحة عندنا قول من قال : معنى ذلك : إنـي قابضك من الأرض ورافعك إلـيّ ، لتواتر الأخبـار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَـمَ فَـيَقْتُلُ الدَّجَّالَ " ثُمَّ يَـمْكُثُ فِـي الأرْض مُدَّةً ذَكَرَها اختلفت الرواية فـي مبلغها ، ثم يـموت ، فـيصلـي علـيه الـمسلـمون ويدفنونه . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن مـحمد بن مسلـم الزهري ، عن حنظلة بن علـيّ الأسلـميّ ، عن أبـي هريرة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لَـيُهْبِطنَّ اللَّهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَـمَ حَكَما عَدْلاً وَإِمَاما مُقْسِطا ، يَكْسِرُ الصَّلِـيبَ ، وَيَقْتُلُ الـخِنْزِيرَ ، وَيَضَعُ الـجِزْيَةَ ، وَيُفِـيضُ الـمالُ حتـى لا يَجِدَ مَنْ يَأْخُذُهُ ، وَلَـيُسْلَكَنَّ الرَّوْحَاءَ حاجّاً أَوْ مُعْتَـمِرا ، أَوْ يَدِينُ بِهِمَا جَمِيعا " حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن الـحسن بن دينار ، عن قتادة ، عن عبد الرحمن بن آدم ، عن أبـي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الأنْبِـيَاءُ إخْوَةٌ لعَلاَّتٍ ، أمَّهاتُهُمْ شَتَّـى ، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ ، وَأنا أَوْلَـى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَـمَ ، لأنَّهُ لَـمْ يَكُنْ بَـيْنِـي وَبَـيْنَهُ نَبِـيٌّ ، وَإِنَّهُ خَـلِـيفَتِـي علـى أُمَّتِـي ، وإِنَّهُ نَازِلٌ فَـإِذَا رَأيْتُـمُوهُ فَـاعْرِفُوهُ ، فَـإِنَّهُ رَجُلٌ مَرْبُوعُ الـخـلْقِ إلـى الـحُمْرَةِ وَالبَـيَاضِ سَبْطُ الشَّعْرِ كأنَّ شَعْرَهُ يَقْطُرُ ، وَإِنْ لَـمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ بَـيْنَ مُـمَصَّرَتَـيْنِ ، يَدُقُّ الصَّلِـيبَ ، وَيَقْتُلُ الـخِنْزِيرَ ، وَيُفِـيضُ الـمَالُ ، وَيُقَاتِلُ النَّاسَ علـى الإسْلاَمِ حتـى يُهْلِكَ اللَّهُ فِـي زَمَانِهِ الـمِلَلَ كُلَّها ، وَيُهْلِكَ اللَّهُ فِـي زَمَانِهِ مَسِيح الضَّلاَلَةِ الكَذَّابَ الدَّجَّالَ وَتَقَعُ فِـي الأرْضِ الأمَنَةُ حتـى تَرْتَعَ الأسُودُ مَعَ الإبِلِ ، وَالنَّـمْرُ مَعَ البَقَرِ ، وَالذّئابُ مَعَ الغَنَـمِ ، وَتَلْعَبُ الغِلْـمَانُ بـالـحَيَّاتِ ، لاَ يَضُرُّ بَعْضُهُمْ بَعْضاً ، فَـيَثْبُتُ فِـي الأَرْضِ أرْبَعِينَ سَنَةً ، ثُمَّ يُتَوَفَّـى وَيُصَلِّـي الـمُسْلِـمُونَ عَلَـيْهِ وَيَدْفِنُونَهُ " قال أبو جعفر : ومعلوم أنه لو كان قد أماته الله عزّ وجلّ لـم يكن بـالذي يـميته ميتة أخرى ، فـيجمع علـيه ميتتـين ، لأن الله عزّ وجلّ إنـما أخبر عبـاده أنه يخـلقهم ثم يـميتهم ، ثم يحيـيهم ، كما قال جل ثناؤه { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَٰلِكُمْ مِّن شَيْءٍ } [ الروم : 40 ] . فتأويـل الآية إذاً : قال الله لعيسى : يا عيسى إنـي قابضك من الأرض ورافعك إلـيّ ، ومطهرك من الذين كفروا ، فجحدوا نبوتك . وهذا الـخبر وإن كان مخرجه مخرج خبر ، فإن فـيه من الله عز وجل احتـجاجاً علـى الذين حاجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فـي عيسى من وفد نـجران ، بأن عيسى لـم يقتل ولـم يصلب كما زعموا ، وأنهم والـيهود الذين أقروا بذلك وادعوا علـى عيسى كَذَبةٌ فـي دعواهم وزعمهم . كما : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن مـحمد بن جعفر بن الزبـير ثم أخبرهم يعنـي الوفد من نـجران وردّ علـيهم فـيـما أخبروا هم والـيهود بصلبه ، كيف رفعه وطهره منهم ، فقال : { إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَىَّ } . وأما مطهرك من الذين كفروا ، فإنه يعنـي منظّفك ، فمخـلِّصك مـمن كفر بك وجحد ما جئتهم به من الـحق من الـيهود وسائر الـملل غيرها . كما : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن مـحمد بن جعفر بن الزبـير : { وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } قال : إذ همّوا منك بـما همّوا . حدثنـي مـحمد بن سنان ، قال : ثنا أبو بكر الـحنفـي ، عن عبـاد ، عن الـحسن ، فـي قوله : { وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } قال : طهره من الـيهود والنصارى والـمـجوس ، ومن كفـار قومه . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوْقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } . يعنـي بذلك جل ثناؤه : وجاعل الذين اتبعوك علـى منهاجك وملتك من الإسلام وفطرته فوق الذين جحدوا نبوتك ، وخالفوا بسبـيـلهم جميع أهل الـملل ، فكذبوا بـما جئت به ، وصدوا عن الإقرار به ، فمصيرهم فوقهم ظاهرين علـيهم . كما : حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة فـي قوله : { وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوْقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } هم أهل الإسلام الذين اتبعوه علـى فطرته وملته وسنته فلا يزالون ظاهرين علـى من ناوأهم إلـى يوم القـيامة . حدثنا الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا ابن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن الربـيع فـي قوله : { وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوْقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } ثم ذكر نـحوه . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج : { وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوْقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } ثم ذكر نـحوه . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج : { وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوْقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } قال : ناصر من اتبعك علـى الإسلام علـى الذين كفروا إلـى يوم القـيامة . حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السدي : { وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوْقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } أما الذين اتبعوك ، فـيقال : هم الـمؤمنون ولـيس هم الروم . حدثنـي مـحمد بن سنان ، قال : ثنا أبو بكر الـحنفـيّ ، عن عبـاد ، عن الـحسن : { وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوْقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } قال : جعل الذين اتبعوه فوق الذين كفروا إلـى يوم القـيامة ، قال : الـمسلـمون من فوقهم ، وجعلهم أعلـى مـمن ترك الإسلام إلـى يوم القـيامة . وقال آخرون : ومعنى ذلك : وجاعل الذين اتبعوك من النصارى فوق الـيهود . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد فـي قول الله : { وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } قال : الذين كفروا من بنـي إسرائيـل . { وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ } قال : الذين آمنوا به من بنـي إسرائيـل وغيرهم ، { فَوْقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } النصارى فوق الـيهود إلـى يوم القـيامة ، قال : فلـيس بلد فـيه أحد من النصارى إلا وهم فوق يهود فـي شرق ولا غرب ، هم فـي البلدان كلها مستذلّون . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { ثُمَّ إِلَىَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } . يعنـي بذلك جل ثناؤه : { ثُمَّ إِلىَّ } ثم إلـى الله أيها الـمختلفون فـي عيسى ، { مَرْجِعُكُمْ } يعنـي مصيركم يوم القـيامة ، { فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ } يقول : فأقضي حينئذٍ بـين جميعكم فـي أمر عيسى بـالـحق فـيـما كنتـم فـيه تـختلفون من أمره . وهذا من الكلام الذي صرف من الـخبر عن الغائب إلـى الـمخاطبة ، وذلك أن قوله : { ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ } إنـما قصد به الـخبر عن متبعي عيسى والكافرين به . وتأويـل الكلام : وجاعلُ الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلـى يوم القـيامة ، ثم إلـيّ مرجع الفريقـين : الذين اتبعوك ، والذين كفروا بك ، فأحكم بـينهم فـيـما كانوا فـيه يختلفون . ولكن ردّ الكلام إلـى الـخطاب لسَبُوقِ القول علـى سبـيـل ما ذكرنا من الكلام الذي يخرج عل وجه الـحكاية ، كما قال : { حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِى ٱلْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ } [ يونس : 22 ] .