Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 56-57)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعنـي بقوله جلّ ثناؤه : { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } : فأما الذين جحدوا نبوّتك يا عيسى ، وخالفوا ملتك ، وكذّبوا بـما جئتهم به من الـحقّ ، وقالوا فـيك البـاطل ، وأضافوك إلـى غير الذي ينبغي أن يضيفوك إلـيه من الـيهود والنصارى ، وسائر أصناف الأديان فإنـي أعذّبهم عذابـاً شديداً أما فـي الدنـيا فبـالقتل والسبـاء والذلة والـمسكنة وأما فـي الآخرة ، فبنار جهنـم خالدين فـيها أبداً . { وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِينَ } يقول : وما لهم من عذاب الله مانع ، ولا عن ألـيـم عقابه لهم دافع بقوّة ولا شفـاعة ، لأنه العزيز ذو الانتقام . وأما قوله : { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءامَنُوا وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ } فإنه يعنـي تعالـى ذكره : وأما الذين آمنوا بك يا عيسى ، يقول : صدّقوك فأقرّوا بنبوّتك ، وبـما جئتهم به من الـحقّ من عندي ، ودانوا بـالإسلام الذي بعثتك به ، وعملوا بـما فرضت من فرائضي علـى لسانك ، وشرعت من شرائعي ، وسننت من سننـي . كما : حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ } يقول : أدوا فرائضي ، فـيوفـيهم أجورهم ، يقول : فـيعطيهم جزاء أعمالهم الصالـحة كاملاً لا يبخسون منه شيئاً ولا ينقصونه . وأما قوله : { وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ } فإنه يعني : والله لا يحبّ من ظلـم غيره حقاً له ، أو وضع شيئاً فـي غير موضعه . فنفـى جلّ ثناؤه عن نفسه بذلك أن يظلـم عبـاده ، فـيجازي الـمسيء مـمن كفر جزاء الـمـحسنـين مـمن آمن به ، أو يجازي الـمـحسن مـمن آمن به واتبع أمره وانتهى عما نهاه عنه فأطاعه ، جزاء الـمسيئين مـمن كفر به وكذّب رسله وخالف أمره ونهيه ، فقال : إنـي لا أحبّ الظالـمين ، فكيف أظلـم خـلقـي . وهذا القول من الله تعالـى ذكره ، وإن كان خرج مخرج الـخبر ، كأنه وعيد منه للكافرين به وبرسله ، ووعد منه للـمؤمنـين به وبرسله ، لأنه أعلـم الفريقـين جميعاً أنه لا يبخس هذا الـمؤمن حقه ، ولا يظلـم كرامته ، فـيضعها فـيـمن كفر به ، وخالف أمره ونهيه ، فـيكون لها بوضعها فـي غير أهلها ظالـماً .