Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 72-72)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اختلف أهل التأويـل فـي صفة الـمعنى الذي أمرت به هذه الطائفة من أمرت به من الإيـمان وجه النهار ، والكفر آخره ، فقال بعضهم : كان ذلك أمراً منهم إياهم بتصديق النبـيّ صلى الله عليه وسلم فـي نبوّته ، وما جاء به من عند الله وأنه حقّ ، فـي الظاهر من غير تصديقه فـي ذلك بـالعزم واعتقاد القلوب علـى ذلك ، وبـالكفر به وجحود ذلك كله فـي آخره . ذكر من قال ذلك : حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة فـي قوله : { ءامِنُواْ بِٱلَّذِى أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنواْ وَجْهَ ٱلنَّهَارِ وٱَكْفُرُواْ ءَاخِرَهُ } فقال بعضهم لبعض : أعطوهم الرضا بدينهم أوّل النهار ، واكفروا آخره ، فإنه أجدر أن يصدّقوكم ، ويعلـموا أنكم قد رأيتـم فـيهم ما تكرهون ، وهو أجدر أن يرجعوا عن دينهم . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا معلـى بن أسد ، قال : ثنا خالد ، عن حصين ، عن أبـي مالك فـي قوله : { ءامِنُواْ بِٱلَّذِى أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنواْ وَجْهَ ٱلنَّهَارِ وٱَكْفُرُواْ ءَاخِرَه } قال : قالت الـيهود : آمنوا معهم أوّل النهار ، واكفروا آخره ، لعلهم يرجعون معكم . حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { وَقَالَت طَّائِفَةٌ مّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ ءامِنُواْ بِٱلَّذِي أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَجْهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكْفُرُواْ ءاخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } كان أحبـار قرى عَرَبِيَّة اثنـي عشر حبراً ، فقالوا لبعضهم : ادخـلوا فـي دين مـحمد أول النهار ، وقولوا نشهد أن مـحمداً حقّ صادق ، فإذا كان آخر النهار فـاكفروا وقولوا : إنا رجعنا إلـى علـمائنا وأحبارنا فسألناهم ، فحدثونا أن مـحمداً كاذب ، وأنكم لستـم علـى شيء ، وقد رجعنا إلـى ديننا فهو أعجب إلـينا من دينكم ، لعلهم يشكون ، يقولون : هؤلاء كانوا معنا أوّل النهار ، فما بـالهم ؟ فأخبر الله عزّ وجلّ رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك . حدثت عن عمار ، قال : ثنا ابن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن حصين ، عن أبـي مالك الغفـاري ، قال : قالت الـيهود بعضهم لبعض : أسلـموا أوّل النهار ، وارتدّوا آخره ، لعلهم يرجعون . فأطلع الله علـى سرّهم ، فأنزل الله عزّ وجلّ : { وَقَالَت طَّائِفَةٌ مّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ ءامِنُواْ بِٱلَّذِى أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَجْهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكْفُرُواْ ءاخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } . وقال آخرون : بل الذي أمرت به من الإيـمان : الصلاة ، وحضورها معهم أوّل النهار ، وترك ذلك آخره . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد فـي قول الله عزّ وجلّ { ءامِنُواْ بِٱلَّذِى أُنزِلَ على لَّذِينَ ءَامَنُواْ وَجْهَ ٱلنَّهَارِ } يهود تقوله صلت مع مـحمد صلاة الصبح ، وكفروا آخر النهار مكراً منهم ، لـيرُوا الناس أن قد بدت لهم منه الضلالة بعد أن كانوا اتبعوه . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، بـمثله . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَقَالَت طَّائِفَةٌ مّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ ءامِنُواْ بِٱلَّذِى أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَجْهَ ٱلنَّهَارِ } … الآية . وذلك أن طائفة من الـيهود قالوا : إذا لقـيتـم أصحاب مـحمد صلى الله عليه وسلم أول النهار فآمنوا ، وإذا كان آخره فصلوا صلاتكم لعلهم يقولون : هؤلاء أهل الكتاب ، وهم أعلـم منا ، لعلهم ينقلبون عن دينهم ، ولا تؤمنوا إلا لـمن تبع دينكم . فتأويـل الكلام إذاً : وقالت طائفة من أهل الكتاب ، يعنـي من الـيهود الذين يقرءون التوراة : { ءامِنُواْ } صدّقوا بـالذي أنزل علـى الذين آمنوا ، وذلك ما جاءهم به مـحمد صلى الله عليه وسلم من الدين الـحقّ وشرائعه وسننه . { وَجْهَ ٱلنَّهَارِ } يعنـي أوّل النهار ، وسمي أوله وجهاً له لأنه أحسنه ، وأوّل ما يواجه الناظر فـيراه منه ، كما يقال لأوّل الثوب وجهه ، وكما قال ربـيع بن زياد : @ مَنْ كانَ مَسْرُوراً بِـمَقْتَلِ مالِكٍ فَلْـيَأْتِ نِسْوَتَنَا بِوَجْهِ نَهارِ @@ وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال جماعة من أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَجْهَ ٱلنَّهَارِ } : أوّل النهار . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا ابن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن الربـيع : { وَجْهَ ٱلنَّهَارِ } : أول النهار { وَٱكْفُرُواْ ءاخِرَهُ } يقول : آخر النهار . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد : { ِ ءامِنُواْ بِٱلَّذِي أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَجْهَ ٱلنَّهَارِ وٱكْفُرُواْ ءَاخِرَهُ } قال : قال صلوا معهم الصبح ، ولا تصلوا معهم آخر النهار ، لعلكم تستزلونهم بذلك . وأما قوله : { وَٱكْفُرُواْ ءاخِرَهُ } فإنه يعنـي به أنهم قالوا : واجحدوا ما صدَّقتـم به من دينهم فـي وجه النهار فـي آخر النهار { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } : يعنـي بذلك : لعلهم يرجعون عن دينهم معكم ويدعونه . كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } يقول : لعلهم يدعون دينهم ، ويرجعون إلـى الذي أنتـم علـيه . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا ابن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن الربـيع ، مثله . حدثنا مـحمد بن سعد ، قال : ثنا أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس : { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } : لعلهم ينقلبون عن دينهم . حدثنـي مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } لعلهم يشكون . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، قوله : { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } قال : يرجعون عن دينهم .