Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 73-73)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعنـي بذلك جلّ ثناؤه : ولا تصدّقوا إلا من تبع دينكم فكان يهودياً . وهذا خبر من الله عن قول الطائفة الذين قالوا لإخوانهم من الـيهود : { ءامِنُواْ بِٱلَّذِي أُنزِلَ على ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَجْهَ ٱلنَّهَارِ } [ آل عمران : 72 ] . واللام التـي فـي قوله : { لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ } نظيرة اللام التـي فـي قوله : { عَسَىٰ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم } بـمعنى : ردفكم { بَعْضُ ٱلَّذِى تَسْتَعْجِلُونَ } . وبنـحو ما قلنا فـي تأويـل ذلك ، قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { وَلاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ } هذا قول بعضهم لبعض . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا ابن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن الربـيع ، مثله . حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { وَلاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ } قال : لا تؤمنوا إلا لـمن تبع الـيهودية . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب : قال : قال ابن زيد فـي قوله : { وَلاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ } قال : لا تؤمنوا إلا لـمن آمن بدينكم لا من خالفه ، فلا تؤمنوا به . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { قُلْ إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ أَن يُؤْتَىٰ أَحَدٌ مّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِندَ رَبّكُمْ } . اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك ، فقال بعضهم : قوله : { قُلْ إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ } اعترض به فـي وسط الكلام خبراً من الله عن أن البـيان بـيانه والهدى هداه . قالوا : وسائر الكلام بعد ذلك متصل بـالكلام الأوّل خبراً عن قـيـل الـيهود بعضها لبعض . فمعنى الكلام عندهم : ولا تؤمنوا إلا لـمن تبع دينكم ، ولا تؤمنوا أن يؤتـى أحد مثل ما أوتـيتـم ، أو أن يحاجوكم عند ربكم : أي ولا تؤمنوا أن يحاجكم أحد عند ربكم . ثم قال الله عزّ وجلّ لنبـيه صلى الله عليه وسلم : قل يا مـحمد إن الفضل بـيد الله يؤتـيه من يشاء ، وإن الهدى هدى الله . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد فـي قوله : { أَن يُؤْتَىٰ أَحَدٌ مّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ } : حسداً من يهود أن تكون النبوّة فـي غيرهم ، وإرادة أن يتبعوا علـى دينهم . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، مثله . وقال آخرون : تأويـل ذلك : قل يا مـحمد إن الهدى هدى الله ، إن البـيان بـيان الله أن يؤتـى أحد ، قالوا : ومعناه : لا يؤتـى أحد من الأمـم مثل ما أوتـيتـم ، كما قال : { يُبَيّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ } [ النساء : 176 ] بـمعنى لا تضلون ، وكقوله : { كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ } [ الشعراء : 200 ] يعنـي : أن لا يؤمنوا { مّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ } . يقول : مثل ما أوتـيت أنت يا مـحمد وأمتك من الإسلام والهدى ، أو يحاجوكم عند ربكم . قالوا : ومعنى « أو » إلا : أي إلا أن يحاجوكم ، يعنـي إلا أن يجادلوكم عند ربكم عند ما فعل بهم ربكم . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : قال الله عزّ وجلّ لـمـحمد صلى الله عليه وسلم : { قُلْ إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ أَن يُؤْتَىٰ أَحَدٌ مّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ } يقول : مثل ما أوتـيتـم يا أمة مـحمد ، أو يحاجوكم عند ربكم ، تقول الـيهود : فعل الله بنا كذا وكذا من الكرامة ، حتـى أنزل علـينا الـمنّ والسلوى ، فإن الذي أعطيتكم أفضل ، فقولوا : { إِنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ } … الآية . فعلـى هذا التأويـل جميع هذا الكلام أَمْر من الله لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم أن يقوله للـيهود ، وهو متلاصق بعضه ببعض لا اعتراض فـيه ، والهدى الثانـي ردّ علـى الهدى الأوّل ، و « أن » فـي موضع رفع علـى أنه خبر عن الهدى . وقال آخرون : بل هذا أمر من الله لنبـيه أن يقوله للـيهود ، وقالوا : تأويـله : قل يا مـحمد إن الهدى هدى الله ، أن يؤتـى أحد من الناس مثل ما أوتـيتـم ، يقول : مثل الذي أوتـيتـموه أنتـم يا معشر الـيهود من كتاب الله ، ومثل نبـيكم ، فلا تـحسدوا الـمؤمنـين علـى ما أعطيتهم ، مثل الذي أعطيتكم من فضلـي ، فإن الفضل بـيدي أوتـيه من أشاء . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { قُلْ إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ أَن يُؤْتَىٰ أَحَدٌ مّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ } يقول : لـما أنزل الله كتابـاً مثل كتابكم ، وبعث نبـياً مثل نبـيكم حسدتـموهم علـى ذلك { قُلْ إِنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ } … الآية . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا ابن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن الربـيع ، مثله . وقال آخرون : بل تأويل ذلك : قل يا محمد إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أنتم يا معشر اليهود من كتاب الله . قالوا : وهذا آخر القول الذي أمر الله به نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم أن يقول لليهود من هذه الآية ، قالوا : وقوله : { أَوْ يُحَاجُّوكُمْ } مردود علـى قوله : { وَلاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ } . وتأويـل الكلام علـى قول أهل هذه الـمقالة : ولا تؤمنوا إلا لـمن تبع دينكم ، فتتركوا الـحقّ أن يحاجوكم به عند ربكم من اتبعتـم دينه ، فـاخترتـموه أنه مـحقّ ، وأنكم تـجدون نعته فـي كتابكم . فـيكون حينئذ قوله : { أَوْ يُحَاجُّوكُمْ } مردوداً علـى جواب نهي متروك علـى قول هؤلاء . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : { إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ أَن يُؤْتَىٰ أَحَدٌ مّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ } يقول : هذا الأمر الذي أنتـم علـيه أن يؤتـى أحد مثل ما أوتـيتـم ، أو يحاجوكم عند ربكم ، قال : قال بعضهم لبعض : لا تـخبروهم بـما بـين الله لكم فـي كتابه لـيحاجوكم ، قال : لـيخاصموكم به عند ربكم . { قُلْ إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ } معترض به ، وسائر الكلام متسق علـى سياق واحد . فـيكون تأويـله حينئذ : ولا تؤمنوا إلا لـمن اتبع دينكم ، ولا تؤمنوا أن يؤتـى أحد مثل ما أوتـيتـم ، بـمعنى : لا يؤتـى أحد بـمثل ما أوتـيتـم ، { أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِندَ رَبّكُمْ } بـمعنى : أو أن يحاجكم عند ربكم أحد بإيـمانكم ، لأنكم أكرم علـى الله منهم بـما فضلكم به علـيهم . فـيكون الكلام كله خبراً عن قول الطائفة التـي قال الله عزّ وجلّ { وَقَالَت طَّائِفَةٌ مّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ ءامِنُواْ بِٱلَّذِي أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَجْهَ ٱلنَّهَارِ } [ آل عمران : 72 ] سوى قوله : { قُلْ إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ } ثم يكون الكلام مبتدأ بتكذيبهم فـي قولهم : قل يا مـحمد للقائلـين ما قالوا من الطائفة التـي وصفت لك قولها لتبّـاعها من الـيهود { إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ } إن التوفـيق توفـيق الله ، والبـيان بـيانه ، وإن الفضل بـيده يؤتـيه من يشاء ، لا ما تـمنـيتـموه أنتـم يا معشر الـيهود . وإنـما اخترنا ذلك من سائر الأقوال التـي ذكرناها ، لأنه أصحها معنى ، وأحسنها استقامة علـى معنى كلام العرب ، وأشدّها اتساقاً علـى نظم الكلام وسياقه ، وما عدا ذلك من القول ، فـانتزاع يبعد من الصحة علـى استكراه شديد الكلام . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { قُلْ إِنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَٱللَّهُ وٰسِعٌ عَلِيمٌ } . يعنـي بذلك جل ثناؤه : قل يا مـحمد لهؤلاء الـيهود الذين وصفت قولهم لأولـيائهم : إن الفضل بـيد الله ، إن التوفـيق للإيـمان ، والهداية للإسلام بـيد الله ، وإلـيه دونكم ودون سائر خـلقه ، { يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ } من خـلقه ، يعنـي : يعطيه من أراد من عبـاده تكذيبـاً من الله عزّ وجلّ لهم فـي قولهم لتبَّـاعهم : لا يؤتـى أحد مثل ما أوتـيتـم . فقال الله عزّ وجلّ لنبـيه صلى الله عليه وسلم : قل لهم : لـيس ذلك إلـيكم ، إنـما هو إلـى الله الذي بـيده الأشياء كلها ، وإلـيه الفضل ، وبـيده يعطيه من يشاء . { وَٱللَّهُ وٰسِعٌ عَلِيمٌ } يعنـي : والله ذو سعة بفضله علـى من يشاء أن يتفضل علـيه علـيـم ذو علـم بـمن هو منهم للفضل أهل . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا سويد بن نصر ، قال : أخبرنا ابن الـمبـارك قراءة عن ابن جريج ، فـي قوله : { قُلْ إِنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء } قال : الإسلام .