Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 92-92)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعنـي بذلك جلّ ثناؤه : لن تدركوا أيها الـمؤمنون البرّ ، وهو البرّ من الله الذي يطلبونه منه بطاعتهم إياه وعبـادتهم له ، ويرجونه منه ، وذلك تفضله علـيهم بإدخاله جنته ، وصرف عذابه عنهم ولذلك قال كثـير من أهل التأويـل : البرّ : الـجنة ، لأن برّ الربّ بعبده فـي الآخرة وإكرامه إياه بإدخاله الـجنة . ذكر من قال ذلك . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن شريك ، عن أبـي إسحاق ، عن عمرو بن ميـمون فـي قوله : { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ } قال : الـجنة . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا الـحمانـي ، قال : ثنا شريك ، عن أبـي إسحاق ، عن عمرو بن ميـمون فـي قوله : { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ } قال : البرّ : الـجنة . حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ } أما البرّ . فـالـجنة . فتأويـل الكلام : لن تنالوا أيها الـمؤمنون جنة ربكم ، حتـى تنفقوا مـما تـحبون ، يقول : حتـى تتصدّقوا مـما تـحبون وتهوون أن يكون لكم من نفـيس أموالكم . كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } يقول : لن تنالوا برّ ربكم حتـى تنفقوا مـما يعجبكم ومـما تههون من أموالكم . حدثنـي مـحمد بن سنان ، قال : ثنا أبو بكر ، عن عبـاد ، عن الـحسن ، قوله : { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } قال : من الـمال . وأما قوله : { وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَىْء فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } فإنه يعنـي به : ومهما تنفقوا من شيء فتتصدّقوا به من أموالكم ، فإن الله تعالـى ذكره بـما يتصدّق به الـمتصدّق منكم ، فـينفقه مـما يحبّ من ماله فـي سبـيـل الله ، وغير ذلك علـيـم ، يقول : هو ذو علـم بذلك كله ، لا يعزب عنه شيء منه حتـى يجازى صاحبه علـيه جزاءه فـي الآخرة . كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَىْء فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } يقول : مـحفوظ لكم ذلك الله به علـيـم شاكر له . وبنـحو التأويـل الذي قلنا تأوّل هذه الآية جماعة من الصحابة والتابعين . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد فـي قول الله عزّ وجلّ : { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } قال : كتب عمر بن الـخطاب إلـى أبـي موسى الأشعري أن يبتاع له جارية من جلولاء يوم فتـحت مدائن كسرى فـي قتال سعد بن أبـي وقاص ، فدعا بها عمر بن الـخطاب ، فقال : إن الله يقول : { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } فأعتقها عمر . وهي مثل قول الله عزّ وجلّ : { وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً } ، [ الإنسان : 8 ] { وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } [ الحشر : 9 ] . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، مثله سواء . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا ابن أبـي عديّ ، عن حميد ، عن أنس بن مالك ، قال : لـما نزلت هذه الآية : { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } أو هذه الآية : { مَّن ذَا ٱلَّذِى يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا } [ البقرة : 245 ] قال أبو طلـحة : يا رسول الله حائطي الذي بكذا وكذا صدقة ، ولو استطعت أن أجعله سرّاً لـم أجعله علانـية . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اجْعَلْها فِـي فُقَرَاءِ أهْلِكَ " حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا الـحجاج بن الـمنهال ، قال : ثنا حماد ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك ، قال : لـما نزلت هذه الآية : { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } قال أبو طلـحة : يا رسول الله ، إن الله يسألنا من أموالنا ، اشهد أنـي قد جعلت أرضي بأرْيَحا لله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اجْعَلْها فِـي قَرَابَتِكَ " فجعلها بـين حسان بن ثابت وأبـيّ بن كعب . حدثنا عمران بن موسى ، قال : ثنا عبد الوارث ، قال : ثنا لـيث ، عن ميـمون بن مهران ، أن رجلاً سأل أبـا ذرّ أيّ الأعمال أفضل ؟ قال : الصلاة عماد الإسلام ، والـجهاد : سنام العمل ، والصدقة شيء عجيب . فقال : يا أبـا ذرّ لقد تركت شيئاً هو أوثق عملـي فـي نفسي لا أراك ذكرته ! فقال : ما هو ؟ قال : الصيام ، فقال : قربة ، ولـيس هناك ! وتلا هذه الآية : { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنـي داود بن عبد الرحمن الـمكي ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبـي حسين ، عن عمرو بن دينار ، قال : لـما نزلت هذه الآية : { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } جاء زيد بفرس له يقال لها : « سَبَل » إلـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال : تصدّق بهذه يا رسول الله ! فأعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنة أسامة بن زيد بن حارثة ، فقال : يا رسول الله إنـما أردت أن أتصدّق به ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قَدْ قُبِلَتْ صَدَقَتُكَ " حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن أيوب وغيره : أنها حين نزلت : { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } جاء زيد بن حارثة بفرس له كان يحبها ، فقال : يا رسول الله هذه فـي سبـيـل الله ! فحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم علـيها أسامة بن زيد ، فكأن زيداً وجد فـي نفسه ، فلـما رأى ذلك منه النبـيّ صلى الله عليه وسلم قال : " أمَا إنَّ اللَّهَ قَدْ قَبِلَها " .