Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 30-30)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : فسدّد وجهك نـحو الوجه الذي وجهك إلـيه ربك يا مـحمد لطاعته ، وهي الدين ، { حنـيفـاً } يقول : مستقـيـماً لدينه وطاعته ، { فطرة الله التـي فطر الناس علـيها } يقول : صنعةَ الله التـي خـلق الناس علـيها ونصبت فطرة علـى الـمصدر من معنى قوله { فَأقِمْ وَجْهَكَ للدّينِ حَنِـيفـاً } وذلك أن معنى ذلك : فطر الله الناس علـى ذلك فطرة . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله { فِطْرَةَ اللّهِ التـي فَطَرَ النَّاسَ عَلَـيْها } قال : الإسلام مذ خـلقهم الله من آدم جميعاً ، يقرّون بذلك ، وقرأ : { وَإذْ أخَذَ رَبُّكَ منْ بَنِـي آدَمَ منْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ، وأشْهَدَهُمْ علـى أنْفُسِهمْ ، ألَسْتُ برَبِّكُمْ ؟ قالُوا بَلَـى شَهِدْنا } قال : فهذا قول الله : { كانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ، فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِـيِّـينَ } بعد . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { فِطْرَةَ اللّهِ } قال : الإسلام . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا يونس بن أبـي صالـح ، عن يزيد بن أبـي مريـم ، قال : مرّ عمر بـمُعاذ بن جبل ، فقال : ما قِوام هذه الأمة ؟ قال مُعاذ : ثلاث ، وهنّ الـمنـجيات : الإخلاص ، وهو الفطرة { فِطْرَةَ اللّهِ التـي فَطَرَ النَّاسَ عَلَـيْها } . والصلاة وهي الـملة والطاعة وهي العصمة ، فقال عمر : صدقت . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنـي ابن عُلَـية ، قال : ثنا أيوب ، عن أبـي قِلابة أن عمر قال لـمعاذ : ما قِوام هذه الأمة ؟ ثم ذكر نـحوه . وقوله { لا تَبْدِيـلَ لِـخَـلْقِ اللّهِ } يقول : لا تغيـير لدين الله : أي لا يصلـح ذلك ، ولا ينبغي أن يفعل . واختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك ، فقال بعضهم نـحو الذي قلنا فـي ذلك : ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { لا تَبْدِيـلَ لِـخَـلْقِ اللّهِ } قال : لدينه . حدثنـي أبو السائب ، قال : ثنا ابن إدريس ، عن لـيث ، قال : أرسل مـجاهد رجلاً يقال له قاسم إلـى عكرِمة يسأله عن قول الله : { لا تَبْدِيـلَ لِـخَـلْقِ اللّهِ } قال : إنـما هو الدين ، وقرأ { لا تَبْدِيـلَ لـخَـلْقِ اللّهِ ذلكَ الدّينُ القَـيِّـمُ } . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا زيد بن حبـاب ، عن حسين بن واقد ، عن يزيد النـحوي ، عن عكرِمة { فطْرَةَ اللّهِ التـي فَطَرَ النَّاسَ عَلَـيْها } قال : الإسلام . قال : ثنـي أبـي ، عن نضر بن عربـي ، عن عكرمة { لا تَبْدِيـلَ لـخَـلْقِ اللّهِ } قال : لدين الله . قال : ثنـي أبـي ، عن سفـيان ، عن لـيث ، عن مـجاهد ، قال : لدين الله . قال : ثنا أبـي ، عن عبد الـجبـار بن الورد ، عن القاسم بن أبـي بزّة ، قال : قال مـجاهد ، فسل عنها عكرِمة ، فسألته ، فقال عكرمة : دين الله تعالـى ماله أخزاه الله ؟ ألـم يسمع إلـى قوله { فِطْرَةَ اللّهِ التـي فَطَرَ النَّاسَ عَلَـيْها ، لا تَبْدِيـلَ لـخَـلْقِ اللّهِ } . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة { لا تَبْدِيـلَ لـخَـلْقِ اللّهِ } : أي لدين الله . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا حفص بن غياث ، عن لـيث ، عن عكرمة ، قال : لدين الله . قال : ثنا ابن عيـينة ، عن حميد الأعرج ، قال : قال سعيد بن جُبَـير { لا تَبْدِيـلَ لـخَـلْقِ اللّهِ } قال : لدين الله . قال : ثنا الـمـحاربـي ، عن جويبر ، عن الضحاك { لا تَبْدِيـلَ لـخَـلْقِ اللّهِ } قال : لدين الله . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله { لا تَبْدِيـلَ لـخَـلْقِ الله } قال : دين الله . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي عن مسعر وسفـيان ، عن قـيس بن مسلـم ، عن إبراهيـم ، قال { لا تَبْدِيـلَ لـخَـلْقِ اللّهِ } قال : لدين الله . قال : ثنا أبـي عن جعفر الرازي ، عن مغيرة ، عن إبراهيـم ، قال : لدين الله . وقال آخرون : بل معنى ذلك : لا تغيـير لـخـلق الله من البهائم بأن يخصى الفحول منها . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن فضيـل ، عن مطرف ، عن رجل ، سأل ابن عبـاس ، عن خصاء البهائم ، فكرهه ، وقال : { لا تَبْدِيـل لـخَـلْقِ اللّهِ } . قال : ثنا ابن عيـينة ، عن حميد الأعرج ، قال : قال عكرمة : الإخصاء . قال : ثنا حفص بن غياث ، عن لـيث ، عن مـجاهد ، قال : الإخصاء . وقوله : { ذلكَ الدّينُ القَـيِّـمُ } يقول تعالـى ذكره : إن إقامتك وجهك للدين حنـيفـاً غير مغير ولا مبدّل هو الدين القـيـم ، يعنـي الـمستقـيـم الذي لا عوج فـيه عن الاستقامة من الـحنـيفـية إلـى الـيهودية والنصرانـية ، وغير ذلك من الضلالات والبدع الـمـحدثة . وقد وجَّه بعضهم معنى الدين فـي هذا الـموضع إلـى الـحساب . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمارة ، قال : ثنا عبد الله بن موسى ، قال : أخبرنا أبو لـيـلـى ، عن بريدة { ذلكَ الدّينُ القَـيِّـمُ } قال : الـحساب القـيـم { وَلَكِنَّ أكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَـمُونَ } يقول تعالـى ذكره : ولكن أكثر الناس لا يعلـمون أن الدين الذي أمرتك يا مـحمد به بقولـي { فأَقمِ وَجْهَكَ للدّينِ حَنِـيفـاً } هو الدين الـحقّ دون سائر الأديان غيره .