Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 31-32)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعنـي تعالـى ذكره بقوله : { مُنِـيبِـينَ إلَـيْهِ } تائبـين راجعين إلـى الله مقبلـين ، كما : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { مُنـيبِـينَ إلـيْهِ } قال : الـمنـيب إلـى الله : الـمطيع لله ، الذي أناب إلـى طاعة الله وأمره ، ورجع عن الأمور التـي كان علـيها قبل ذلك . كان القوم كفـاراً ، فنزعوا ورجعوا إلـى الإسلام . وتأويـل الكلام : فأقم وجهك يا مـحمد للدين حنـيفـاً منـيبـين إلـيه إلـى الله فـالـمنـيبون حال من الكاف التـي فـي وجهك . فإن قال قائل : وكيف يكون حالاً منها ، والكاف كناية عن واحد ، والـمنـيبون صفة لـجماعة ؟ قـيـل : لأن الأمر من الكاف كناية اسمه من الله فـي هذا الـموضع أمر منه له ولأمته ، فكأنه قـيـل له : فأقم وجهك أنت وأمتك للدين حنـيفـاً لله ، منـيبـين إلـيه . وقوله : { وَاتَّقُوهُ } يقول جلّ ثناؤه : وخافوا الله وراقبوه أن تفرّطوا فـي طاعته ، وتركبوا معصيته . { وَلا تَكُونُوا مِنَ الـمُشْرِكِينَ } يقول : ولا تكونوا من أهل الشرك بـالله بتضيـيعكم فرائضه ، وركوبكم معاصيه ، وخلافكم الدين الذي دعاكم إلـيه . وقوله : { مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وكانُوا شِيَعاً } يقول : ولا تكونوا من الـمشركين الذين بدّلوا دينهم ، وخالفوه ففـارقوه { وكانوا شِيَعاً } يقول : وكانوا أحزابـاً فرقا كالـيهود والنصارى . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة { الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وكانُوا شِيَعاً } : وهم الـيهود والنصارى . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله { الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وكانُوا شِيَعاً } إلـى آخر الآية ، قال : هؤلاء يهود ، فلو وجِّه قوله { مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ } إلـى أنه خبر مستأنف منقطع عن قوله : { وَلا تَكُونُوا مِنَ الـمُشْرِكِينَ } وأن معناه : من الذين فرّقوا دِينَهُم { وكانُوا شِيَعاً } أحزابـاً { كُلُّ حِزْبٍ بِـمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } كان وجهاً يحتـمله الكلام . وقوله : { كُلُّ حِزْبٍ بِـمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } يقول : كل طائفة وفرقة من هؤلاء الذين فـارقوا دينهم الـحقّ ، فأحدثوا البدع التـي أحدثوا بـما لديهم فرحون . يقول : بـما هم به متـمسكون من الـمذهب ، فرحون مسرورون ، يحسبون أن الصواب معهم دون غيرهم .