Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 39-39)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : وما أعطيتـم أيها الناس بعضكم بعضاً من عطية لتزداد فـي أموال الناس برجوع ثوابها إلـيه ، مـمن أعطاه ذلك ، { فلا يربو عند الله } يقول : فلا يزداد ذلك عند الله ، لأن صاحبه لـم يعطه من أعطاه مبتغياً به وجهه . { وَما آتَـيْتُـمْ مِنْ زَكاةٍ } يقول : وما أعطيتـم من صدقة تريدون بها وجه الله ، { فأولئك } يعنـي الذين يتصدّقون بأموالهم ملتـمسين بذلك وجه الله { هم الـمضعفون } يقول : هم الذين لهم الضعف من الأجر والثواب ، من قول العرب : أصبح القوم مسمِنـين معطِشين ، إذا سمنت إبلهم وعطشت . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَما آتَـيْتُـمْ مِنْ رِبـا لِـيَرْبُوَ فِـي أمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللّهِ } قال : هو ما يعطي الناس بـينهم بعضهم بعضاً ، يعطي الرجل الرجل العطية ، يريد أن يُعطى أكثر منها . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن منصور بن صفـية ، عن سعيد بن جُبَـير { وَما آتَـيْتُـمْ مِنْ رِبـا لِـيَرْبُوَ فِـي أمْوَالِ النَّاسِ } قال : هو الرجل يعطي الرجل العطية لـيثـيبه . قال : ثنا يحيى ، قال : ثنا سفـيان ، عن منصور بن صفـية ، عن سعيد بن جُبَـير ، مثله . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنـي أبـي ، عن سفـيان ، عن منصور بن صفـية ، عن سعيد بن جُبَـير { وَما آتَـيْتُـمْ مِنْ رِبـا لِـيَرْبُوَ فـي أمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللّهِ } قال : الرجل يعطى لـيثاب علـيه . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا يحيى بن سعيد ، قال : ثنا سفـيان ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { وَما آتَـيْتُـمْ مِنْ رِبـا لِـيَرْبُو فِـي أمْوَالِ النَّاسِ } قال : الهدايا . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنا سفـيان ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قال : هي الهدايا . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { وَما آتَـيْتُـمْ مِنْ رِبـا لِـيَرْبُو فِـي أمْوَالِ النَّاسِ } قال : يعطي ماله يبتغي أفضل منه . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن فضيـل ، عن ابن أبـي خالد ، عن إبراهيـم ، قال : هو الرجل يهدي إلـى الرجل الهدية ، لـيثـيبه أفضل منها . قال : ثنا مـحمد بن حميد الـمعمري ، عن معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبـيه : هو الرجل يعطي العطية ويهدي الهدية ، لـيثاب أفضل من ذلك ، لـيس فـيه أجر ولا وزر . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة { وَما آتَـيْتُـمْ مِنْ رِبـا لِـيَرْبُوَ فِـي أمْوَالِ النَّاس فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللّهِ } قال : ما أعطيت من شيء تريد مثابة الدنـيا ، ومـجازاة الناس ذاك الربـا الذي لا يقبله الله ، ولا يجزي به . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، فـي قوله { وَما آتَـيْتُـمْ مِنْ رِبـا لِـيَرْبُوَ فِـي أمْوَالِ النَّاسِ } فهو ما يتعاطى الناس بـينهم ويتهادون ، يعطى الرجل العطية لـيصيب منه أفضل منها ، وهذا للناس عامة . وأما قوله : { وَلا تَـمْنُنْ تَسْتَكْثرْ } فهذا للنبـيّ خاصة ، لـم يكن له أن يعطي إلاَّ لله ، ولـم يكن يعطي لـيعطى أكثر منه . وقال آخرون : إنـما عنى بهذا : الرجلَ يعطي ماله الرجلَ لـيعينه بنفسه ، ويخدمه ويعود علـيه نفعه ، لا لطلب أجر من الله . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ومـحمد بن فضيـل ، عن زكريا عن عامر { وَما آتَـيْتُـمْ مِنْ رِبـا لِـيَرْبُوَ فـي أمْوَالِ النَّاسِ } قال : هو الرجل يـلزق بـالرجل ، فـيخفّ له ويخدمه ، ويسافر معه ، فـيجعل له ربح بعض ماله لـيجزيه ، وإنـما أعطاه التـماس عونه ، ولـم يرد وجه الله . وقال آخرون : هو إعطاء الرجل ماله لـيكثر به مال من أعطاه ذلك ، لا طلب ثواب الله . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن أبـي حصين ، عن ابن عبـاس { وَما آتَـيْتُـمْ منْ رِبـا لِـيَرْبُو فـي أمْوَالِ النَّاسِ } قال : ألـم تر إلـى الرجل يقول للرجل : لأموّلنك ، فـيعطيه ، فهذا لا يربو عند الله ، لأنه يعطيه لغير الله لـيثري ماله . قال : ثنا عمرو بن عبد الـحميد الآملـي ، قال : ثنا مروان بن معاوية ، عن إسماعيـل بن أبـي خالد ، قال : سمعت إبراهيـم النـخعي يقول فـي قوله : { وَما آتَـيْتُـمْ مِنْ رِبـا لِـيَرْبُوَ فـي أمْوَالِ النَّاسِ ، فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللّهِ } قال : كان هذا فـي الـجاهلـية يعطي أحدهم ذا القرابة الـمال يكثر به ماله . وقال آخرون : ذلك للنبـيّ صلى الله عليه وسلم خاصة ، وأما لغيره فحلال . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن أبـي روّاد ، عن الضحاك { وَما آتَـيْتُـمْ مِنْ رِبـا لِـيَرْبُوَ فِـي أمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللّهِ } هذا للنبـيّ صلى الله عليه وسلم ، هذا الربـا الـحلال . وإنـما اخترنا القول الذي اخترناه فـي ذلك لأنه أظهر معانـيه . واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الكوفة والبصرة وبعض أهل مكة : { لِـيَرْبُوَ } بفتـح الـياء من يربو ، بـمعنى : وما آتـيتـم من ربـاً لـيربوَ ذلك الربـا فـي أموال الناس . وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل الـمدينة : « لِتَرْبُوا » بـالتاء من تُربوا وضمها ، بـمعنى : وما آتـيتـم من ربـا لتُربوا أنتـم فـي أموال الناس . والصواب من القول فـي ذلك عندنا ، أنهما قراءتان مشهورتان فـي قرّاء الأمصار مع تقارب معنـيـيهما ، لأن أربـاب الـمال إذا أربوا ربـاً الـمال ، وإذا ربـا الـمالُ فبإربـاء أياه ربـاً . فإذا كان ذلك كذلك ، فبأيّ القراءتـين قرأ القارىء فمصيب . وأما قوله : { وَما آتَـيْتُـمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الـمُضعِفُونَ } فإن أهل التأويـل قالوا فـي تأويـله نـحو الذي قلنا . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله : { وَما آتَـيْتُـمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدون وَجْهَ اللّهِ ، فَأُولَئِكَ هُمُ الـمُضْعِفُونَ } قال : هذا الذي يقبله الله ويضعفه لهم عشر أمثالها ، وأكثر من ذلك . حُدثت عن عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، قال : قال ابن عبـاس ، قوله { وَما آتَـيْتُـمْ مِنْ رِبـاً لِـيَرْبُوَ فِـي أمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللّهِ } قال : هي الهبة ، يهب الشيء يريد أن يُثاب علـيه أفضل منه ، فذلك الذي لا يربو عند الله ، لا يؤجر فـيه صاحبه ، ولا إثم علـيه { وَما آتَـيْتُـمْ مِنْ زَكاةٍ } قال : هي الصدقة تريدون وجه الله { فَأُولَئِكَ هُمُ الـمُضْعِفونَ } . قال معمر ، قال ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، مثل ذلك .