Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 31, Ayat: 20-20)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : { ألَـمْ تَرَوْا } أيها الناس { أنَّ اللّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِـي السَّمَوَاتِ } من شمس وقمر ونـجم وسحاب { وَما فِـي الأرْضِ } من دابة وشجر وماء وبحر وفلك وغير ذلك من الـمنافع ، يجري ذلك كله لـمنافعكم ومصالـحكم لغذائكم وأقواتكم وأرزاقكم وملاذّكم ، تتـمتعون ببعض ذلك كله ، وتنتفعون بجميعه ، { وأسْبَغَ عَلَـيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وبَـاطِنَةً } . واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأه بعض الـمكيـين وعامة الكوفـيـين : « وأسْبَغَ عَلَـيْكُمْ نِعْمَةً » علـى الواحدة ، ووجهوا معناها إلـى أنه الإسلام ، أو إلـى أنها شهادة أن لا إله إلاَّ الله . وقرأته عامة قرّاء الـمدينة والبصرة : { نِعَمَهُ } علـى الـجماع ، ووجَّهوا معنى ذلك ، إلـى أنها النعم التـي سخرها الله للعبـاد مـما فـي السموات والأرض ، واستشهدوا لصحة قراءتهم ذلك كذلك بقوله : { شاكِراً لأَنْعُمِهِ } قالوا : فهذا جمع النعم . والصواب من القول فـي ذلك عندنا أنهما قراءتان مشهورتان فـي قرّاء الأمصار متقاربتا الـمعنى ، وذلك أن النعمة قد تكون بـمعنى الواحدة ، ومعنى الـجماع ، وقد يدخـل فـي الـجماع الواحدة . وقد قال جلّ ثناؤه { وَإنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّهِ لا تُـحْصُوها } فمعلوم أنه لـم يعن بذلك نعمة واحدة . وقال فـي موضع آخر : ولـم يك من الـمشركين شاكراً لأنعمه ، فجمعها ، فبأيّ القراءتـين قرأ القارىء ذلك فمصيب . ذكر بعض من قرأ ذلك علـى التوحيد ، وفسَّره علـى ما ذكرنا عن قارئيه أنهم يفسرونه : حدثنـي أحمد بن يوسف ، قال : ثنا القاسم بن سلام ، قال : ثنا حجاج ، قال : ثنـي مستور الهنائي ، عن حميد الأعرج ، عن مـجاهد ، عن ابن عبـاس أنه قرأها : « وأسْبَغَ عَلَـيْكُمْ نِعْمَتَهُ ظاهِرَةً وبَـاطِنَةً » وفسَّرها الإسلام . حُدثت عن الفرّاء قال : ثنـي شريك بن عبد الله ، عن خصيف ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس ، أنه قرأ : « نِعْمَةً » واحدة . قال : ولو كانت نعمه ، لكانت نعمة دون نعمة ، أو نعمة فوق نعمة الشكّ من الفراء . حدثنـي عبد الله بن مـحمد الزهري ، قال : ثنا سفـيان ، قال : ثنا حميد ، قال : قرأ مـجاهد { وأسْبَغَ عَلَـيْكُمْ نِعْمَتَهُ ظاهرَةً وبَـاطنَةً } قال : لا إله إلاَّ الله . حدثنـي العبـاس بن أبـي طالب ، قال : ثنا ابن أبـي بكير ، عن شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { وأسْبَغَ عَلَـيْكُمْ نِعْمَتَهُ ظاهِرَةً وَبـاطِنَةً } قال : كان يقول : هي لا إله إلاَّ الله . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن سفـيان ، عن حميد الأعرج ، عن مـجاهد { وأسْبَغَ عَلَـيْكُمْ نِعْمَتَهُ ظاهِرَةً وَبـاطِنَةً } قال : لا إله إلاَّ الله . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن عُيـينة ، عن حميد الأعرج ، عن مـجاهد ، قال : لا إله إلاَّ الله . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا يحيى بن آدم ، عن سفـيان ، عن عيسى ، عن قَـيْس ، عن ابن عبـاس { نِعَمَةً ظاهِرَةً وَبـاطِنَةً } قال : لا إله إلاَّ الله . وقوله : { ظاهِرَةً } يقول : ظاهرة علـى الألسن قولاً ، وعلـى الأبدان وجوارج الـجسد عملاً . وقوله : { وَبـاطِنَةً } يقول : وبـاطنة فـي القلوب اعتقاداً ومعرفة . وقوله : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِـي اللّهِ بِغَيْرِ عِلْـمٍ وَلا هُدًى } يقول تعالـى ذكره : ومن الناس من يخاصم فـي توحيد الله ، وإخلاص الطاعة والعبـادة له بغير علـم عنده بـما يخاصم ، { ولا هدى } يقول : ولا بـيان يبـين به صحة ما يقول { وَلا كِتابٍ مُنِـيرٍ } يقول : ولا بتنزيـل من الله جاء بـما يدعى ، يبـين حقـية دعواه ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِـي اللّهِ بغَيْرِ عِلْـمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتابٍ مُنِـيرٍ } لـيس معه من الله برهان ولا كتاب .