Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 32, Ayat: 17-17)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : فلا تعلـم نفس ذي نفسٍ ما أخفـى الله لهؤلاء الذين وصف جلّ ثناؤه صفتهم فـي هاتـين الآيتـين ، مـما تقرّ به أعينهم فـي جنانه يوم القـيامة { جَزَاءً بِـمَا كانُوا يَعْمَلُونَ } يقول : ثوابـاً لهم علـى أعمالهم التـي كانوا فـي الدنـيا يعملون . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عبـيد الـمـحاربـي ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن أبـي إسحاق ، عن أبـي عبـيدة ، قال : قال عبد الله : إن فـي التوراة مكتوبـاً : لقد أعدّ الله للذين تتـجافـى جنوبهم عن الـمضاجع ما لـم تر عين ، ولـم يخطر علـى قلب بشر ، ولـم تسمع أذن ، وما لـم يسمعه ملك مقرّب . قال : ونـحن نقرؤها : { فَلا تَعْلَـمُ نَفْسٌ ما أُخْفِـيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أعْيُنٍ } . حدثنا خلاد ، قال : أخبرنا النضر بن شميـل ، قال : أخبرنا إسرائيـل ، قال : أخبرنا أبو إسحاق ، عن عُبـيدة بن ربـيعة ، عن ابن مسعود ، قال : مكتوب فـي التوراة علـى الله للذين تتـجافـى جنوبهم عن الـمضاجع ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر علـى قلب بشر ، فـي القرآن { فَلا تَعْلَـمُ نَفْسٌ ما أُخْفِـيَ لَهُمْ منْ قُرَّةِ أعْيُن جَزَاءً بِـمَا كانُوا يَعْمَلُونَ } . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن أبـي إسحاق ، عن أبـي عبـيدة ، عن عبد الله قال : خبىء لهم ما لا عين رأت ، ولا أُذن سمعت ، ولا خطر علـى قلب بشر . قال سفـيان : فـيـما علـمت علـى غير وجه الشكّ . حدثنا مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبـي إسحاق قال : سمعت أبـا عبـيدة ، قال : قال عبد الله ، قال ، يعنـي الله : أعددت لعبـادي الصالـحين ما لـم تر عين ، ولـم تسمع أذن ، ولـم يخطر علـى قلب ناظر { فَلا تَعْلَـمُ نَفْسٌ ما أُخْفِـيَ لَهُمْ منْ قُرَّةِ أعْيُنِ جَزَاءً بِـما كانُوا يَعْمَلونَ } . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن صلت ، عن قـيس بن الربـيع ، عن أبـي إسحاق ، عن عبـيدة بن ربـيعة الـحارثـي ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : إن فـي التوراة للذين تتـجافـى جنوبهم عن الـمضاجع من الكرامة ، ما لـم تر عين ، ولـم يخطر علـى قلب بشر ، ولـم تسمع أذن ، وإنه لفـي القرآن { فَلا تَعْلَـمُ نَفْسٌ ما أُخْفِـيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أعْيُن } . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا الأشجعي ، عن ابن أبجر ، قال : سمعت الشعبـيّ يقول : سمعت الـمغيرة بن شعبة يقول علـى الـمنبر : إن موسى صلى الله عليه وسلم سأل عن أبخس أهل الـجنة فـيها حظاً ، فقـيـل له : رجل يُؤتـى به وقد دخـل أهل الـجنة الـجنة ، قال : فـيقال له : ادخـل ، فـيقول : أين وقد أخذ الناس أَخَذاتهم ؟ فـيقال : اعدد أربعة ملوك من ملوك الدنـيا ، فـيكون لك مثل الذي كان لهم ، ولك أخرى شهوة نفسك ، فـيقول : أشتهي كذا وكذا ، وأشتهي كذا ويقال : لك أخرى ، لك لذّة عينك ، فـيقول : ألذّ كذا وكذا ، فـيقال : لك عشرة أضعاف مثل ذلك ، وسأله عن أعظم أهل الـجنة فـيها حظا ، فقال : ذاك شيء ختـمت علـيه يوم خـلقت السموات والأرض . قال الشعبـي : فإنه فـي القرآن : { فَلا تَعْلَـمُ نَفْسٌ ما أُخْفِـيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أعْيُنٍ جَزَاءً بِـمَا كانُوا يَعْملونَ } . حدثنـي أحمد بن مـحمد الطَّوسي ، قال : ثنا الـحميدي ، قال : ثنا ابن عُيـينة وحدثنـي به القرقسانـي ، عن ابن عيـينة ، عن مطرف بن طريف ، وابن أبجر ، سمعنا الشعبـيّ يقول : سمعت الـمغيرة بن شعبة علـى الـمنبر يرفعه إلـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم : " إنَّ مُوسَى سألَ رَبَّهُ : أيْ رَبّ ، أيُّ أهْلِ الـجَنَّةِ أدْنَى مَنْزِلةً ؟ قال : رَجُلُ يَجيءُ بَعْدَ ما دَخَـلَ أهْلُ الـجَنَّةِ الـجَنَّةَ ، فَـيُقالُ لَهُ : ادْخُـلْ ، فَـيَقُولُ : كَيْفَ أدْخُـلُ وَقَدْ نَزَلُوا مَنازِلَهُمْ ؟ فَـيُقالُ لَهُ : أتَرْضَى أنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ ما كانَ لِـمَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْـيا ؟ ، فَـيَقُولُ : بَخ أيْ رَبّ قَدْ رَضِيتُ فَـيُقالُ لَهُ : إنَّ لَكَ هَذَا وَمِثْلَهُ وَمِثْلهُ ومِثْلَهُ ، فَـيَقُولُ : رَضِيتُ أيْ رَبّ رَضِيتُ ، فَـيُقالُ لَهُ : إنَّ لَكَ هَذَا وَعَشْرَةَ أمْثالِهِ مَعَهُ ، فـيَقُول : رَضِيتُ أيْ رَبّ ، فَـيُقالُ لَهُ : فإنَّ لَكَ مَعَ هَذَا ما اشْتَهَتْ نَفْسُكَ ، وَلَذَّتْ عَيْنُكَ قالَ : فَقالَ مُوسَى : أيْ رَبّ ، وأيُّ أهْل الـجَنَّةَ أرْفَعُ مَنْزِلَةً ؟ قالَ : إيَّاها أرَدْتُ ، وسأُحَدّثُكَ عَنْهُمْ غَرَسْتُ لَهُمْ كَرَامَتِـي بِـيَدِي ، وَخَتَـمْتُ عَلَـيْها ، فَلا عَيْنٌ رأتْ ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ ، وَلا خَطَرَ عَلـى قَلْبِ بَشَرٍ . قالَ : وَمِصْدَاق ذلكَ فِـي كِتابِ اللّهِ { فَلا تَعْلَـمُ نَفْسٌ ما أُخْفـيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أعْيُنٍ جَزَاءً بِـمَا كانُوا يَعْمَلُونَ } " » حدثنا مـحمد بن منصور الطوسيّ ، قال : ثنا إسحاق بن سلـيـمان ، قال : ثنا عمرو بن أبـي قَـيْس ، عن ابن أبـي لـيـلَـى ، عن الـمنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جُبَـير ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { وكانَ عَرْشُهُ علـى الـمَاءِ } وكان عرش الله علـى الـماء ، ثم اتـخذ لنفسه جنة ، ثم اتـخذ دونها أخرى ، ثم أطبقها بلؤلؤة واحدة قال : { ومن دونهما جنتان } قال : وهي التـي لا تعلـم نفس ، أو قال : هما التـي { لا تعلـم نفس ما أخفـي لهم من قرّة أعين جزاء بـما كانوا يعملون } . قال : وهي التـي لا تعلـم الـخلائق ما فـيها ، أو ما فـيهما يأتـيهم كلَّ يوم منها أو منهما تـحفة . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن عنبسة ، عن سالـم الأفطس ، عن سعيد بن جُبَـير ، بنـحوه . حدثنا سهل بن موسى الرازيّ ، قال : ثنا الولـيد بن مسلـم ، عن صفوان بن عمرو ، عن أبـي الـيـمان الهَوْزنـيّ أو غيره ، قال : الـجنة مئة درجة ، أوّلها درجة فضة ، أرضها فضة ، ومساكنها فضة ، وآنـيتها فضة ، وترابها الـمِسك . والثانـية ذهب ، وأرضها ذهب ، ومساكنها ذهب ، وآنـيتها ذهب ، وترابها الـمسك . والثالثة لؤلؤ ، وأرضها لؤلؤ ، ومساكنها لؤلؤ ، وآنـيتها لؤلؤ ، وترابها الـمسك . وسبع وتسعون بعد ذلك ما لا عينٌ رأته ، ولا أذن سمعته ، ولا خطر علـى قلب بشر ، وتلا هذه الآية { فَلا تَعْلَـمُ نَفْسٌ ما أُخْفِـيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أعْيُنٍ جَزَاءً بِـمَا كانُوا يَعْمَلُونَ } . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا الـمـحاربـي وعبد الرحيـم ، عن مـحمد بن عمرو ، عن أبـي سلـمة ، عن أبـي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قالَ اللّهُ : أعْدَدْتُ لِعِبـادِي الصَّالِـحِينَ ما لا عَيْنٌ رأتْ ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ ، وَلا خَطَرَ عَلـى قَلْبِ بَشَرٍ ، وَاقْرَءُوا إنْ شِئْتُـمْ ، قالَ اللّهُ { فَلا تَعْلَـمُ نَفْسٌ ما أُخْفِـيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أعْيُنٍ ، جَزَاءً بِـمَا كانُوا يَعْمَلُونَ } " حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا أبو معاوية وابن نـمير ، عن الأعمش ، عن أبـي صالـح ، عن أبـي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعْدَدْتُ لعِبـادِي الصَّالِـحِينَ ، ما لا عَيْنٌ رأتْ ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ ، وَلا خَطَرَ عَلـى قَلْبِ بَشَرٍ " قال أبو هريرة : ومن بله ما أطلعكم علـيه ، اقرَءوا إن شئتـم : { فَلا تَعْلَـمُ نَفْسٌ ما أُخْفِـيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أعْيُنٍ ، جَزَاءً بِـمَا كانُوا يَعْمَلُونَ } قال أبو هريرة : نقرؤها : « قُرَّاتِ أعيُنٍ » . حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا معتـمر بن سلـيـمان ، عن الـحكم بن أبـان ، عن الغطريف ، عن جابر بن زيد ، عن ابن عبـاس ، عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، عن الروح الأمين ، قال : " يُؤْتَـى بِحَسَناتِ العَبْدِ وَسَيِّئاتِهِ ، فَـيَنْقُصُ بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ ، فإنْ بَقِـيَتْ حَسَنَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَسَّعَ اللّهُ لَهُ فِـي الـجَنَّةِ " قال : فدخـلت علـى يزداد ، فحدّث بـمثل هذا قال : قلت : فأين ذهبت الـحسنة ؟ قال : { أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أحْسَنَ ما عَمِلُوا ، وَنَتَـجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِـي أصحابِ الـجَنَّةِ وَعْدَ الصّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ } ، قلت : قوله { فَلا تَعْلَـمُ نَفْسٌ ما أُخْفِـيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أعْيُنٍ } قال : العبد يعمل سرّا أسرّه إلـى الله لـم يعلـم به الناس ، فأسرّ الله له يوم القـيامة قرّة عين . حدثنـي العبـاس بن أبـي طالب ، قال : ثنا معلـى بن أسد ، قال : ثنا سلام بن أبـي مطيع ، عن قتادة ، عن عقبة بن عبد الغافر ، عن أبـي سعيد الـخدري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يروي عن ربه ، قال : " أعْدَدْتُ لِعِبـادِيَ الصَّالِـحينَ ما لا عَيْنٌ رأتْ ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ ، وَلا خَطَرَ عَلـى قَلْبِ بَشَرٍ " حدثنـي أبو السائب ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثنـي أبو صخر ، أن أبـا حازم حدثه ، قال : سمعت سهل بن سعد يقول : شهدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم مـجلساً وصف فـيه الـجنة حتـى انتهى ، ثم قال فـي آخر حديثه : " فـيهَا ما لا عَيْنٌ رأتْ ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلا خَطَرَ عَلـى قَلْبِ بَشَرٍ " ثم قرأ هذه الآية : { تَتَـجافَـى جُنُوبُهُمْ عَنِ الـمَضَاجِعِ … } إلـى قوله { جَزَاءً بِـمَا كانُوا يَعْمَلُونَ } . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا ابن أبـي عديّ ، عن عوف ، عن الـحسن ، قال : بلغنـي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قالَ رَبُّكُمْ : أعْدَدْتُ لعِبـادِي الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِـحاتِ ما لا عَيْنٌ رأتْ ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ ، وَلا خَطَرَ عَلـى قَلْبِ بَشَرٍ " حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يروي ذلك عن ربه ، " قالَ رَبُّكُمْ : أعْدَدْتُ لِعِبـادِي الصَّالِـحِينَ ما لا عَيْنٌ رأتْ ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ ، وَلا خَطَرَ عَلـى قَلْبِ بَشَرٍ " حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا سهل بن يوسف ، عن عمرو ، عن الـحسن { فَلا تَعْلَـمُ نَفْسٌ ما أُخْفِـيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أعْيُنٍ } قال : أخفوا عملاً فـي الدنـيا ، فأثابهم الله بأعمالهم . حدثنـي القاسم بن بشر ، قال : ثنا سلـيـمان بن حرب ، قال : ثنا حماد بن سلـمة ، عن ثابت ، عن أبـي رافع ، عن أبـي هريرة ، قال حماد : أحسبه عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم قال : " مَنْ يَدْحُلِ الـجَنَّةَ يَنْعَمْ وَلا يَبْؤُسْ ، لا تَبْلَـى ثِـيابُهُ ، وَلا يَفْنَى شَبـابُهُ ، فـي الـجَنَّةِ ما لا عَيْنٌ رأتْ ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ ، وَلا خَطَرَ عَلـى قَلْبِ بَشَرٍ " واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله : { فَلا تَعْلَـمُ نَفْسٌ ما أُخْفِـيَ لَهمْ مِنْ قُرَّةِ أعْيُنٍ } فقرأ ذلك بعض الـمدنـيـين والبصريـين ، وبعض الكوفـيـين : { أُخْفِـيَ } بضم الألف وفتـح الـياء بـمعنى فُعِل . وقرأ بعض الكوفـيـين : « أُخْفِـي لَهُمْ » بضم الألف وإرسال الـياء ، بـمعنى أفعل ، أخفـي لهم أنا . والصواب من القول فـي ذلك عندنا أنهما قراءتان مشهورتان ، متقاربتا الـمعنى ، لأن الله إذا أخفـاه فهو مخفـى ، وإذا أخفـى فلـيس له مخف غيره ، و « ما » فـي قوله { فَلا تَعْلَـمُ نَفْسٌ ما أُخْفِـيَ لَهُمْ } فإنها إذا جعلت بـمعنى الذي كانت نصبـاً بوقوع تعلـم علـيها كيف قرأ القارىء أخفـى ، وإذا وجهت إلـى معنى أيّ كانت رفعاً إذا قرىء أخفـى بنصب الـياء وضم الألف ، لأنه لـم يسمّ فـاعله ، وإذا قرىء أُخْفِـي بإرسال الـياء كانت نصبـاً بوقوع أخفـي علـيها .