Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 13-14)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعنـي تعالـى ذكره بقوله : { وَإذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ } وإذ قال بعضهم : يا أهل يثرب ، ويثرب : اسم أرض ، فـيقال : إن مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم فـي ناحية من يثرب . وقوله : « لا مَقامَ لَكُمْ فـارْجِعُوا » بفتـح الـميـم من مقام . يقول : لا مكان لكم ، تقومون فـيه ، كما قال الشاعر : @ فأيَّـيّ ما وأَيُّكَ كانَ شَرّا فَقـيدَ إلـى الـمَقامَةِ لا يَرَاها @@ قوله { فـارْجِعُوا } يقول : فـارجعوا إلـى منازلكم أمرهم بـالهرب من عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم والفرار منه ، وترك رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقـيـل : إن ذلك من قـيـل أوس بن قـيظي ومن وافقه علـى رأيه . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، قال : ثنـي يزيد ، بن رومان { وَإذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أهْلَ يَثْرِبِ … } إلـى { فِرَاراً } يقول : أوس بن قـيظي ، ومن كان علـى ذلك من رأيه من قومه . والقراءة علـى فتـح الـميـم من قوله : « لا مَقامَ لَكُمْ » بـمعنى : لا موضع قـيام لكم ، وهي القراءة التـي لا أستـجيز القراءة بخلافها ، لإجماع الـحجة من القرّاء علـيها . وذُكر عن أبـي عبد الرحمن السلـمي أنه قرأ ذلك : { لا مُقامَ لَكُمْ } بضم الـميـم ، يعنـي : لا إقامة لكم . وقوله : { وَيَسْتأذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِـيَّ يَقُولُونَ إنَّ بُـيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ } يقول تعالـى ذكره : ويستأذن بعضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فـي الإذن بـالانصراف عنه إلـى منزله ، ولكنه يريد الفرار والهرب من عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَيَسْتأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِـيّ … } إلـى قوله { إلاَّ فِرَاراً } قال : هم بنو حارثة ، قالوا : بـيوتنا مخـلـية نـخشى علـيها السرق . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { إنَّ بُـيُوتَنا عَوْرَةٌ } قال : نـخشى علـيها السرق . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَيَسْتأذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِـيَّ يَقُولُونَ إنَّ بُـيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بعَوْرَةٍ } وإنها مـما يـلـي العدوّ ، وإنا نـخاف علـيها السرّاق ، فبعث النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، فلا يجد بها عدوّاً ، قال الله : { إنْ يُرِيدُونَ إلاَّ فِرَاراً } يقول : إنـما كان قولهم ذلك { إنَّ بُـيُوتَنا عَوْرَةٌ } إنـما كان يريدون بذلك الفرار . حدثنا مـحمد بن سنان القزاز ، قال : ثنا عبـيد الله بن حمران ، قال : ثنا عبد السلام بن شدّاد أبو طالوت عن أبـيه فـي هذه الآية { إنَّ بُـيُوتَنا عَوْرَةٌ ، وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ } قال : ضائعة . وقوله : { وَلَوْ دُخِـلَتْ عَلَـيْهِمْ مِنْ أقْطارِها } يقول : ولو دخـلت الـمدينة علـى هؤلاء القائلـين { إنَّ بُـيُوتَنا عَوْرَةٌ } من أقطارها ، يعنـي : من جوانبها ونواحيها ، واحدها : قطر ، وفـيها لغة أخرى : قُتر ، وأقتار ومنه قول الراجز : @ إنْ شِئْتَ أنْ تدهن أو تـمرا فَوَلِّهِنَّ قُتْرَكَ الأشَرَّا @@ وقوله : { ثُمَّ سُئِلُوا الفِتْنَةَ } يقول : ثم سئلوا الرجوع من الإيـمان إلـى الشرك { لآتَوْها } يقول : لفعلوا ورجعوا عن الإسلام وأشركوا . وقوله : { وَما تَلَبَّثُوا بها إلاَّ يَسِيراً } يقول : وما احتبسوا عن إجابتهم إلـى الشرك إلاَّ يسيراً قلـيلاً ، ولأسرعوا إلـى ذلك . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَلَوْ دُخِـلَتْ عَلَـيْهِمْ مِنْ أقْطارها } أي لو دخـل علـيهم من نواحي الـمدينة { ثُمَّ سُئِلُوا الفِتْنَةَ } : أي الشرك { لآتَوْها } يقول : لأعطوها ، { وَما تَلَبَّثُوا بِها إلاَّ يَسِيراً } يقول : إلاَّ أعطوه طيبة به أنفسهم ما يحتبسونه . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله { وَلَوْ دُخِـلَتْ عَلَـيْهِمْ مِنْ أقْطارِها } يقول : لو دخـلت الـمدينة علـيهم من نواحيها { ثُمَّ سُئِلُوا الفِتْنَةَ لآتَوْها } سئلوا أن يكفروا لكفروا قال : وهؤلاء الـمنافقون لو دخـلت علـيهم الـجيوش ، والذين يريدون قتالهم ثم سئلوا أن يكفروا لكفروا قال : والفتنة : الكفر ، وهي التـي يقول الله { الفِتْنَةُ أشَدُّ مِنَ القَتْلِ } أي الكفر يقول : يحملهم الـخوف منهم ، وخبث الفتنة التـي هم علـيها من النفـاق علـى أن يكفروا به . واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله : { لآتَوْها } فقرأ ذلك عامة قرّاء الـمدينة وبعض قرّاء مكة : « لاَءَتَوْها » بقصر الألف ، بـمعنى جاءوها . وقرأه بعض الـمكيـين وعامة قرّاء الكوفة والبصرة : { لآتَوْها } بـمدّ الألف ، بـمعنى : لأعطوها ، لقوله : ثم سئلوا الفتنة وقالوا : إذا كان سؤال كان إعطاء ، والـمدّ أعجب القراءتـين إلـيّ لـما ذكرت ، وإن كانت الأخرى جائزة .