Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 21-22)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اختلفت القرّاء فـي قراءة قوله : { أُسْوَةٌ } فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار : « إسْوَةٌ » بكسر الألف ، خلا عاصم بن أبـي النـجود ، فإنه قرأه بـالضمّ : { أُسْوَةٌ } . وكان يحيى بن وثاب يقرأ هذه بـالكسر ، ويقرأ قوله { لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِـيهِمْ أُسْوَةٌ } بـالضمّ ، وهما لغتان . وذُكر أن الكسر فـي أهل الـحجاز ، والضمّ فـي قـيس . يقولون : أُسوة ، وأُخوة . وهذا عتاب من الله للـمتـخـلفـين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعسكره بـالـمدينة ، من الـمؤمنـين به . يقول لهم جلّ ثناؤه : لقد كان لكم فـي رسول الله أسوة حسنة ، أن تتأسوا به ، وتكونوا معه حيث كان ، ولا تتـخـلَّفوا عنه . { لِـمَنْ كانَ يَرْجُو اللّهَ } يقول : فإن من يرجو ثواب الله ورحمته فـي الآخرة لا يرغب بنفسه ، ولكنه تكون له به أُسوة فـي أن يكون معه حيث يكون هو . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، قال : ثنـي يزيد بن رومان ، قال : ثم أقبل علـى الـمؤمنـين ، فقال { لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِـي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لـمَنْ كانَ يَرْجُو اللّهَ وَالـيَومَ الآخِرَ } أن لا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ، ولا عن مكان هو به . { وَذَكَرَ اللّهَ كَثِـيراً } يقول : وأكثر ذكر الله فـي الـخوف والشدّة والرخاء . وقوله : { ولَـمَّا رأى الـمُؤْمِنُونَ الأحْزَابَ } يقول : ولـمَّا عاين الـمؤمنون بـالله ورسوله جماعات الكفـار قالوا تسلـيـماً منهم لأمر الله ، وإيقاناً منهم بأن ذلك إنـجاز وعده لهم ، الذي وعدهم بقوله { أمْ حَسِبْتُـمْ أنْ تَدْخُـلُوا الـجَنَّةَ ولَـمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَـلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ … } إلـى قوله { قَرِيبٌ } هذا ما وعدنا الله ورسوله ، وصدق الله ورسوله ، فأحسن الله علـيهم بذلك من يقـينهم ، وتسلـيـمهم لأمره الثناء ، فقال : وما زادهم اجتـماع الأحزاب علـيهم إلاَّ إيـماناً بـالله وتسلـيـماً لقضائه وأمره ، ورزقهم به النصر والظفر علـى الأعداء . وبـالذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { ولَـمَّا رأى الـمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ … } الآية قال : ذلك أن الله قال لهم فـي سورة البقرة { أمْ حَسِبْتُـمْ أنْ تَدْخُـلُوا الـجَنَّةَ … } إلـى قوله { إنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ } قال : فلـما مسهم البلاء حيث رابطوا الأحزاب فـي الـخندق ، تأوّل الـمؤمنون ذلك ، ولـم يزدهم ذلك إلاَّ إيـماناً وتسلـيـماً . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، قال : ثنـي يزيد بن رومان ، قال : ثم ذكر الـمؤمنـين وصدقهم وتصديقهم بـما وعدهم الله من البلاء يختبرهم به { قالُوا هَذَا ما وَعَدَنا اللّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَما زَادَهُمْ إلاَّ إيـماناً وَتَسْلِـيـماً } : أي صبراً علـى البلاء ، وتسلـيـماً للقضاء ، وتصديقاً بتـحقـيق ما كان الله وعدهم ورسوله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { ولَـمَّا رأى الـمُؤْمِنُونَ الأحْزَابَ قالُوا هَذَا ما وَعَدَنا اللّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللّهُ وَرَسُولُهُ } وكان الله قد وعدهم فـي سورة البقرة فقال : { أمْ حَسِبْتُـمْ أنْ تَدْخُـلُوا الـجَنَّةَ ولَـمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَـلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ البأْساءُ والضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حتـى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ } خيرهم وأصبرهم وأعلـمهم بـالله { مَتـى نَصْرُ اللّهِ ألا إنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ } هذا والله البلاء والنقص الشديد ، وإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لـما رأوا ما أصابهم من الشدّة والبلاء { قالُوا هَذَا ما وَعَدَنا اللّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَما زَادَهُمْ إلاَّ إيـمَاناً وَتَسْلِـيـماً } وتصديقاً بـما وعدهم الله ، وتسلـيـماً لقضاء الله .