Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 12-12)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اختلفت القرّاء فـي قراءة قوله : { وَلِسُلَـيْـمانَ الرّيحَ } فقرأته عامة قرّاء الأمصار { وَلِسُلَـيْـمانَ الرّيحَ } بنصب الريح ، بـمعنى : ولقد آتـينا داود منا فضلاً ، وسخرنا لسلـيـمان الريحَ . وقرأ ذلك عاصم : « وَلِسُلَـيْـمانَ الرّيحُ » رفعاً بحرف الصفة ، إذ لـم يظهر الناصب . والصواب من القراءة فـي ذلك عندنا النصب لإجماع الـحجة من القرّاء علـيه . وقوله : { غُدُوُّها شَهْرٌ } يقول تعالـى ذكره : وسخرنا لسلـيـمان الريح ، غدوّها إلـى انتصاف النهار مسيرة شهر ، ورواحها من انتصاف النهار إلـى اللـيـل مسيرة شهر . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَلِسُلَـيْـمانَ الرّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ } قال : تغدو مسيرة شهر ، وتروح مسيرة شهر ، قال : مسيرة شهرين فـي يوم . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن بعض أهل العلـم ، عن وهب بن منبه : { وَلِسُلَـيْـمانَ الرّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَوَاحُها شَهْرٌ } قال : ذكر لـي أن منزلاً بناحية دجلة مكتوب فـيه كتاب كتبه بعض صحابة سلـيـمان ، إما من الـجنّ ، وإما من الإنس : نـحن نزلناه وما بنـيناه ، ومبنـياً وجدناه ، غدونا من إصطخر فقِلناه ، ونـحن رائحون منه إن شاء الله فبـائتون بـالشام . حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَلِسُلَـيْـمانَ الرّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَوَاحُها شَهْرٌ } قال : كان له مركب من خشب ، وكان فـيه ألف ركن ، فـي كل ركن ألف بـيت تركب فـيه الـجنّ والإنس ، تـحت كل ركن ألف شيطان ، يرفعون ذلك الـمركب هم والعصار فإذا ارتفع أتت الريح رُخَاء ، فسارت به ، وساروا معه ، يقـيـل عند قوم بـينه وبـينهم شهر ، ويـمسي عند قوم بـينه وبـينهم شهر ، ولا يدري القوم إلا وقد أظلهم معه الـجيوش والـجنود . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو عامر ، قال : ثنا قرة ، عن الـحسن ، فـي قوله { غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَوَاحُها شَهْرٌ } قال : كان يغدو فـيقـيـل فـي إصطخر ، ثم يروح منها ، فـيكون رواحها بكابل . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا حماد ، قال : ثنا قرة ، عن الـحسن بـمثله . وقوله : { وأسَلْنا لَهُ عَيْنَ القِطْرِ } يقول : وأذبنا له عين النـحاس ، وأجريناها له . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وأسَلْنا لَهُ عَيْنَ القِطْرِ } عين النـحاس ، كانت بأرض الـيـمن ، وإنـما ينتفع الـيوم بـما أخرج الله لسلـيـمان . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وأسَلْنا لَهُ عَيْنَ القِطْرِ } قال : الصِّفر سال كما يسيـل الـماء ، يعمل به كما كان يعمل العجين فـي اللـين . حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وأسَلْنا لَهُ عَيْنَ القِطْرِ } يقول : النـحاس . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله { وأسَلْنا لَهُ عَيْنَ القِطْرِ } يعنـي : عين النـحاس أسيـلت . وقوله : { وَمِنَ الـجِنّ مَنْ يَعْمَلُ بَـينَ يَدَيْهِ بإذْنِ رَبِّهِ } يقول تعالـى ذكره : ومن الـجنّ من يطيعه ، ويأتـمر بأمره ، وينتهي لنهيه ، فـيعمل بـين يديه ما يأمره طاعة له { بإذن ربه } يقول : بأمر الله بذلك ، وتسخيره إياه له { وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أمْرِنا } يقول : ومن يزُل ويعدل من الـجنّ عن أمرنا الذي أمرناه من طاعة سلـيـمان { نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ } فِـي الآخرة ، وذلك عذاب نار جهنـم الـموقدة . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أمْرِنا } أي يعدل منهم عن أمرنا عما أمره به سلـيـمان { نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ } .