Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 10-11)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : ولقد أعطينا داود منا فضلاً ، وقلنا للـجبـال : { أوّبِـي مَعَهُ } : سبحي معه إذا سبح . والتأويب عند العرب : الرجوع ، ومبـيت الرجل فـي منزله وأهله ومنه قول الشاعر : @ يَوْمانِ يَوْمُ مَقاماتٍ وأنْدِيَةٍ وَيَوْمُ سَيْرٍ إلـى الأعْدَاءِ تَأوِيبِ @@ أي رجوع . وقد كان بعضهم يقرؤه : « أُوْبِـي مَعَهُ » من آب يؤوب ، بـمعنى : تصرّفـي معه وتلك قراءة لا أستـجيز القراءة بها لـخلافها قراءة الـحجة . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي سلـيـمان بن عبد الـجبـار ، قال : ثنـي مـحمد بن الصلت ، قال : ثنا أبو كدينة . وحدثنا مـحمد بن سنان القزاز ، قال : ثنا الـحسن بن الـحسن الأشقر ، قال : ثنا أبو كدينة ، عن عطاء ، عن سعيد بن جُبَـير ، عن ابن عبـاس { أوّبِـي مَعَهُ } قال : سَبِّحي معه . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله { يا جِبـالُ أوّبِـي مَعَهُ } يقول : سَبِّحِي معه . حدثنا أبو عبد الرحمن العلائي ، قال : ثنا مِسْعر ، عن أبـي حُصين ، عن أبـي عبد الرحمن { يا جِبـالُ أوّبِـي مَعَهُ } يقول : سَبِّحي . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عنبسة ، عن أبـي إسحاق ، عن أبـي ميسرة { يا جبـالُ أَوّبِـي مَعَهُ } قال : سَبِّحي ، بلسان الـحبشة . حدثنـي يحيى بن طلـحة الـيربوعي ، قال : ثنا فضيـل ، عن منصور ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { يا جبـالُ أوّبِـي مَعَهُ } قال : سبحي معه . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { يا جبـالُ أوّبِـي مَعَهُ } قال : سَبِّحي . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { يا جِبـالُ أَوّبِـي مَعَهُ } : أي سبّحي معه إذا سبَّح . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { يا جِبـالُ أَوّبِـي مَعَهُ } قال : سبّحي معه قال : والطيرُ أيضاً . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، فـي قوله : { يا جِبـالُ أَوّبِـي مَعَهُ } قال : سبِّحي . حدثنا عمرو بن عبد الـحميد ، قال : ثنا مروان بن معاوية ، عن جُوَيبر ، عن الضحاك ، قوله : { يا جِبـالُ أَوّبِـي مَعَهُ } سبّحي معه . وقوله : { والطَّيْرَ } وفـي نصب الطير وجهان : أحدهما علـى ما قاله ابن زيد من أن الطير نُوديت كما نوديت الـجبـال ، فتكون منصوبة من أجل أنها معطوفة علـى مرفوع ، بـما لا يحسن إعادة رافعه علـيه ، فـيكون كالـمصدر عن جهته . والآخر : فعل ضمير متروك استغنـي بدلالة الكلام علـيه ، فـيكون معنى الكلام : فقلنا : يا جبـال أوّبـي معه ، وسخرنا له الطير . وإن رفع ردّاً علـى ما فـي قوله « سبحي » من ذكر الـجبـال كان جائزاً . وقد يجوز رفع الطير وهو معطوف علـى الـجبـال ، وإن لـم يحسن نداؤها بـالذي نُوديت به الـجبـال ، فـيكون ذلك كما قال الشاعر : @ ألا يا عَمْرُو والضَّحاكَ سِيرَا فَقَدْ جاوَزْتُـمَا خَمَرَ الطَّرِيقِ @@ وقوله : { وألَنَّا لَهُ الـحَدِيدَ } ذكر أن الـحديد كان فـي يده كالطين الـمبلول يصرِّفه فـي يده كيف يشاء بغير إدخال نار ، ولا ضرب بحديد . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وألَنَّا لَهُ الـحَدِيدَ } سخَّر الله له الـحديد بغير نار . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا ابن عثمة ، قال : ثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، فـي قوله : { وألَنَّا لَهُ الـحَدِيدَ } كان يسوّيها بـيده ، ولا يدخـلها ناراً ، ولا يضربها بحديدة . وقوله : { أنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ } يقول : وعهدنا إلـيه أن اعمل سابغات ، وهي التوامّ الكوامل من الدروع . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك ، قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { أنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ } دروع ، وكان أوّل من صنعها داود ، إنـما كان قبل ذلك صفـائح . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { أنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ } قال : السابغات : دروع الـحديد . وقوله : { وَقَدِّرْ فِـي السَّرْدِ } اختلف أهل التأويـل فـي السرد ، فقال بعضهم : السرد : هو مسمار حلق الدرع . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَقَدّرْ فِـي السَّرْدِ } قال : كان يجعلها بغير نار ، ولا يقرعها بحديد ، ثم يسردها . والسرد : الـمسامير التـي فـي الـحَلَق . وقال آخرون : هو الـحلق بعينها . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَقَدّرْ فِـي السَّرْدِ } قال : السرد : حلقه أي قدّر تلك الـحلق . قال : وقال الشاعر : @ أجادَ الـمُسَدّي سَرْدَها وأذَالَهَا @@ قال : يقول : وسعها ، وأجاد حلقها . حدثنا مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس { وَقَدِّرْ فِـي السَّرْدِ } يعنـي بـالسرد : ثقب الدروع فـيسد قتـيرها . وقال بعض أهل العلـم بكلام العرب : يقال درع مسرودة : إذا كانت مسمورة الـحلق واستشهد لقـيـله ذلك بقول الشاعر : @ وَعَلَـيْهِما مَسْرُودَتانِ قَضَاهُما دَاوُدُ أوْ صَنَعُ السَّوَابِغَ تُبَّعُ @@ وقـيـل : إنـما قال الله لداود : { وَقَدّرْ فِـي السَّرْدِ } لأنها كانت قبلُ صفـائح . ذكر من قال ذلك : حدثنا نصر بن علـيّ ، قال : ثنا أبـي ، قال : ثنا خالد بن قـيس ، عن قتادة { وَقَدّرْ فِـي السَّرْدِ } قال : كانت صفـائح ، فأمر أن يسردها حلقاً . وعنى بقوله { وَقَدّرْ فِـي السَّرْدِ } : وقدّر الـمسامير فـي حلق الدروع حتـى يكون بـمقدار لا تغلظ الـمسمار ، وتضيق الـحلقة ، فتفصم الـحلقة ، ولا توسع الـحلقة ، وتصغر الـمسامير وتدقها ، فتسلس فـي الـحلقة . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { وَقَدّرْ فِـي السَّرْدِ } قال : قدّر الـمسامير والـحلق ، لا تدقّ الـمسامير فتسلس ، ولا تـجلها . قال مـحمد بن عمرو ، وقال الـحارث : فتفصم . حدثنـي علـيّ بن سهل ، قال : ثنا حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { وَقَدّرْ فِـي السَّرْدِ } قال : لا تصغر الـمسمار ، وتعظم الـحلقة فتسلس ، ولا تعظم الـمسمار وتصغر الـحلقة فـيفصم الـمسمار . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا ابن عيـينة ، قال : ثنا أبـي ، عن الـحكم ، فـي قوله : { وَقَدّرْ فِـي السَّرْدِ } قال : لا تغلظ الـمسمار فـيفصم الـحلقة ، ولا تدقه فـيقلق . وقوله : { واعْمَلُوا صَالِـحاً } يقول تعالـى ذكره : واعمل يا داود أنت وآلك بطاعة الله { إنّـي بـمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } يقول جلّ ثناؤه : إنـي بـما تعمل أنت وأتبـاعك ذو بصر لا يخفـى علـيّ منه شيء ، وأنا مـجازيك وإياهم علـى جميع ذلك .