Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 51-51)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : ولو تَرى يا مـحمد إذ فزعوا . واختلف أهل التأويـل فـي الـمعنـيـين بهذه الآية ، فقال بعضهم : عُنِـي بها هؤلاء الـمشركون الذين وصفهم تعالـى ذكره بقوله : { وَإذَا تُتْلَـى عَلَـيْهِمْ آياتُنا بَـيِّناتٍ قالُوا ما هَذَا إلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آبـاؤُكُمْ } قال : وعُنِـي بقوله : { إذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ } عند نزول نقمة الله بهم فـي الدنـيا . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَلَوْ تَرَى إذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ … } إلـى آخر الآية ، قال : هذا من عذاب الدنـيا . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله : { وأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ } قال : هذا عذاب الدنـيا . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَلَوْ تَرَى إذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ … } إلـى آخر السورة ، قال : هؤلاء قتلـى الـمشركين من أهل بدر ، نزلت فـيهم هذه الآية ، قال : وهم الذين بدّلوا نعمة الله كفراً ، وأحلُّوا قومهم دارَ البوار جهنـم ، أهل بدر من الـمشركين . وقال آخرون : عنى بذلك جيش يخسف بهم ببـيداء من الأرض . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد ، فـي قوله : { وَلَوْ تَرَى إذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ } قال : هم الـجيش الذي يُخْسَف بهم بـالبـيداء ، يبقـى منهم رجل يخبر الناس بـما لقـي أصحابه . حدثنا عصام بن رَوّاد بن الـجَرّاح ، قال : ثنا أبـي ، قال : ثنا سفـيان بن سعيد ، قال : ثنـي منصور بن الـمعتـمر ، عن رِبْعِيِّ بن حِرَاش ، قال : سمعت حُذيفة بن الـيـمان يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذَكر فتنة تكون بـين أهل الـمشرق والـمغرب . قال : " فبـينـما هم كذلك ، إذ خرج علـيهم السُّفْـيانـيّ من الوادي الـيابس فـي فَورة ذلك ، حتـى ينزل دمشق ، فـيبعث جيشين : جيشاً إلـى الـمشرق ، وجيشاً إلـى الـمدينة ، حتـى ينزلوا بأرض بـابل فـي الـمدينة الـملعونة ، والبقعة الـخبـيثة ، فـيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف ، وَيَبْقُرون بها أكثر من مئة امرأة ، ويقتلون بها ثلاث مئة كبش من بنـي العبـاس ، ثم ينـحدرون إلـى الكوفة فـيخَرّبون ما حولها ، ثم يخرجون متوجهين إلـى الشأم ، فتـخرج راية هذا من الكوفة ، فتلـحق ذلك الـجيش منها علـى الفئتـين فـيقتلونهم ، لا يفلت منهم مخبر ، ويستنقذون ما فـي أيديهم من السَّبْـي والغنائم ، ويخـلـي جيشه التالـي بـالـمدينة ، فـينهبونها ثلاثة أيام ولـيالـيها ، ثم يخرجون متوجهين إلـى مكة ، حتـى إذا كانوا بـالبـيداء ، بعث الله جبريـل ، فـيقول : يا جبرائيـل اذهب فأبدهم ، فـيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم ، فذلك قوله فـي سورة سبأ { وَلَوْ تَرَى إذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ … } الآية ، ولا ينفلت منهم إلاَّ رجلان : أحدهما بشير ، والآخر نذير ، وهما من جهينة " ، فلذلك جاء القول @ وَعِنْدَ جُهَيْنَةَ الـخَبرُ الـيَقِـينُ @@ حدثنا مـحمد بن خـلَف العسقلانـيّ قال : سألت روّاد بن الـجرّاح ، عن الـحديث الذي حدث به عنه ، عن سفـيان الثوري ، عن منصور ، عن ربعى ، عن حذيفة عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، عن قصة ذكرها فـي الفتن ، قال : فقلت له : أخبرنـي عن هذا الـحديث سمعته من سفـيان الثوريّ ؟ قال : لا ، قلت : فقرأته علـيه ، قال : لا ، قلت : فقرىء علـيه وأنت حاضر ؟ قال : لا ، قلت : فما قصته ، فما خبره ؟ قال : جاءنـي قوم فقالوا : معنا حديث عجيب ، أو كلام هذا معناه ، نقرؤه وتسمعه ، قلت لهم : هاتوه ، فقرءوه علـيّ ، ثم ذهبوا فحدّثوا به عنـي ، أو كلام هذا معناه . قال أبو جعفر : وقد : حدثنـي ببعض هذا الـحديث مـحمد بن خـلف ، قال : ثنا عبد العزيز بن أبـان ، عن سفـيان الثوري ، عن منصور ، عن ربعى ، عن حُذيفة ، عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، حديث طويـل ، قال : رأيته فـي كتاب الـحسين بن علـيّ الصدائي ، عن شيخ ، عن روّاد ، عن سفـيان بطوله . وقال آخرون : بل عنى بذلك الـمشركون إذا فزعوا عند خروجهم من قبورهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الـحسن ، قوله : { وَلَوْ تَرَى إذْ فَزِعوا } قال : فزعوا يوم القـيامة حين خرجوا من قبورهم . وقال قتادة : { وَلَوْ تَرَى إذْ فَزِعُوا فَلاَ فَوْتَ وأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ } حين عاينوا عذاب الله . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن عطاء ، عن ابن معقل { وَلَوْ تَرَى إذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ } قال : أفزعهم يوم القـيامة فلـم يفوتوا . والذي هو أولـى بـالصواب فـي تأويـل ذلك ، وأشبه بـما دلَّ علـيه ظاهر التنزيـل قول من قال : وعيد الله الـمشركين الذين كذّبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه لأن الآيات قبل هذه الآية جاءت بـالإخبـار عنهم وعن أسبـابهم ، وبوعيد الله إياهم مغبته ، وهذه الآية فـي سياق تلك الآيات ، فلأن يكون ذلك خبراً عن حالهم أشبه منه بأن يكون خبراً لـما لـم يجر له ذكر . وإذا كان ذلك كذلك ، فتأويـل الكلام : ولو ترى يا مـحمد هؤلاء الـمشركين من قومك ، فتعاينهم حين فزعوا من معاينتهم عذاب الله { فَلا فَوْتَ } يقول فلا سبـيـل حينئذٍ أن يفوتوا بأنفسهم ، أو يعجزونا هربـاً ، وينـجوا من عذابنا ، كما : حدثنا علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَلَوْ تَرَى إذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ } يقول : فلا نـجاة . حدثنا عمرو بن عبد الـحميد ، قال : ثنا مروان ، عن جويبر ، عن الضحاك ، فـي قوله : { وَلَوْ تَرَى إذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ } قال : لا هرب . وقوله : { وأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ } يقول : وأخذهم الله بعذابه من موضع قريب ، لأنهم حيث كانوا من الله قريب لا يبعدون عنه .